بعد توقيع «الإطاري».. هل تبعد المقاومة السودانية العناصر الحزبية؟


بعد توقيع الاتفاق الإطاري بين القوى المدنية في السودان والمكون العسكري الانقلابي، توالت ردود الفعل المؤيدة والرافضة بشدة من مكونات الساحة المختلفة، وتردد أن لجان المقاومة ستتجه لإبعاد عناصر القوى المؤيدة للاتفاق، مما فتح الباب للكثير من الأسئلة والتكهنات!!

التغيير- فتح الرحمن حمودة

كما هو متوقع، تباينت ردود الفعل والتحليلات تجاه لجوء القوى السياسية السودانية إلى مشروع تسوية سياسية مع المكون العسكري الانقلابي لأجل إنهاء الأزمة السياسية، قاد إلى توقيع الاتفاق الإطاري في 5 ديسمبر الحالي.

وبينما اختارت بعض القوى الرفض المطلق، أيدت أخرى مشروع التسوية، فيما اختارت بعضها التريث ودراسة المشهد، غير أن قطاعاً مهماً وكبيراً في مسيرة الثورة أبدى موقفين مختلفين وهو لجان المقاومة التي تقود الحراك في الشارع، إذ رحبت بعض اللجان بالاتفاق، فيما اختارت أخرى المضي في مقاومة كل ما من شأنه أن يشرعن وجود الانقلابيين، وتردد أن بعضها ستمضي في اتخاذ إجراءات تجاه عناصر القوى السياسية المؤيدة للاتفاق بإبعادها من عضوية اللجان.

وكشفت صحيفة «الجريدة» السودانية، مؤخراً، عن وجود اتجاه داخل لجان المقاومة لإبعاد ممثلي الأحزاب التي وافقت على الاتفاق الإطاري.

لكنها نقلت عن الناطق الرسمي السابق للجان مقاومة الخرطوم عثمان سر الختم، اتهامه للحزب الشيوعي بالوقوف خلف تلك الخطوة، حيث قال إن هذه واحدة من محاولات الحزب الشيوعي الدؤوبة في الانفراد باللجان، وتصفية كل من يختلف معهم سياسياً.

كما أكد عدم صدور قرار رسمي بإبعاد منسوبي الأحزاب التي وافقت على التسوية مع المكون العسكري، وقال: «لم يصدر قرار حتى الآن، ولكن يتم الترويج للقرار من قبل كوادر الحزب الشيوعي داخل لجان المقاومة»- حسب الصحيفة.

وبغض النظر عن صحة هذا الاتجاه، من عدمه، فإن مراقبين يشيرون إلى طبيعة لجان المقاومة التي تجمع عناصر متباينة الانتماء وأكثرها غير منتمين حزبياً لكنها متحدة خلف هدف، علاوة على طبيعتها الأفقية التي تخلو من وجود قيادة رأسية تجعل من مثل هذه القرارات واردة، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية إبعاد عناصر بعينها، وكيف يمكن أن يتم، وفي أي حالة؟

رفض المساومة

لجان المقاومة الرافضة للاتفاق الإطاري، ردت عملياً من خلال المواكب المتواصلة حتى في الوقت الذي كان يحتضن فيه القصر الرئاسي بالخرطوم مراسم التوقيع، فضلاً عن البيانات المستمرة التي تطرح موقفاً لا لبس فيه، علاوة على جدول التصعيد المتواصل حتى نهاية ديسمبر.

الناطق الرسمي السابق للجان مقاومة الخرطوم عثمان سر الختم قال في حديثه الذي نقلته صحيفة «الجريدة»، إنه «إذا تم فصل المحزبيين من لجان المقاومة فهذه خطوة، حتى لو لم تكن ممتازة يمكن أن تخرج الصراع الحزبي من داخل اللجان وتحويله للساحة السياسية، وأي حزب يختار أدواته وخطابه لإدارة صراعاته مع بقية الأحزاب في الساحة السياسية. وستدفع المحزب لبذل مجهودات لبناء حزبه بدلاً من الجهد الهدام المبذول داخل اللجان».

وأكد أن عضو المقاومة المستقل يستطيع أن يبذل جهده لتنفيذ المصالح الوطنية التي يؤمن بها ويبدأ في وضع برنامج وخط سياسي يمكّنه من ممارسة سياسة في جو صحي بعيداً عن الصراع الاستهلاكي الحزبي.

وعبّر عن مساندته لفصل كل عضوية الأحزاب من لجان المقاومة لعدم مقدرة عضو المقاومة المحزّب على الفصل بين خط حزبه وخط اللجنة، ورأى أن العضو المحزّب سيحاول تمرير أجندة حزبه من منطلق إيمانه بأنها الطريق الصحيح.

وفي هذا الاتجاه مضى عضو لجان المقاومة خطاب أحمد الذي قال لـ«التغيير»: «إننا نرى عدم وجود كوادر الأحزاب داخل اللجان مبرراً»، وأضاف بأنه من غير الممكن أن تكون جزءاً من الفعل وردة الفعل.

وتابع: «تطلعاتنا في الشارع في الرفض لأي شخص يساوم متسلطاً لهذا نرفض تواجدهم في مركز صنع القرار».

خطاب مضر

لكن عضو لجان المقاومة محمد ميرغني أكد لـ«التغيير»، أن اللجان لم تتكون حكراً على منظومة معينة، وقال إن مسألة الطرد تحتاج إلى مراجعة «ولا بد من إلزام العضوية بخط الفعل الثوري للمقاومة».

بينما وصف عضو اللجان محمد عبيد في حديثه لـ«التغيير» خطاب الطرد من الثورة والتغيير في هذا التوقيت بأنه مضر وليس مفيداً وقد يقود اللجان إلى تقسيمات لأشكال كثيرة.

واعتبر أن مسألة الطرد مشينة وليست منطقية «بل مبنية على تقديرات وموقف سياسي محدد وليست بمعايير وقد يكون الموقف السياسي متغيراً، ولهذا ليس هناك منطق يجعل شخص يفقد عضويته في اللجان»- على حد تعبيره.

وأشار عبيد إلى أن الفكرة الأساسية ليست بطرد الأشخاص وفقاً لانتماءاتهم بل وفقا للوائح ونظم أساسية تعمل على تننظيم عمل اللجان ومن خلالها يتم الإبعاد.

د. راشد

تيارات متباينة

من جانبه، نبّه المحلل السياسي د. راشد محمد إلى اختلاف وجهات النظر إذ أن معظم الأحزاب تمضي في اتجاه التعامل مع التسوية السياسية بينما اللجان في اتجاه آخر وهي ترفض ذلك، وهو نتاج للعضوية المركبة بداخل اللجان.

وقال راشد لـ«التغيير»، إنه يمكن للجان التعامل مع العضوية الحزبية الموجودة معها على أساس أنها تخلت عن قضيتهم وبالتالي تصبح هنالك فجوة في العلاقة فيما بينهم.

وذكر أنه إذا تمت عملية الإبعاد فيمكن لعضوية الأحزاب تشكيل نفس الجسم الأفقي للجان وبذلك يظهر تياران مشكلان للجان واحد مع التسوية والآخر ضدها.

بكري الجاك

غير منطقية

ويعتقد الأستاذ الجامعي د. بكري الجاك، أن مسالة طرد كوادر الاحزاب من داخل اللجان أمراً غير وارد، وقال لـ«التغيير»، إنها مسألة غير منطقية وإذا حدثت فعلياً فستكون البداية لتشتيت اللجان ونهايتها.

ووصف ما يحدث حالياً داخل لجان المقاومة بأنه أقرب لعملية الطرد وهو ما أدى إلى شلل جزء من عمل اللجان مما جعل هناك تراجعاً في تفاعل الناس مع الحراك بالشارع في الفترة الأخيرة، وقد يكون جزء منه له علاقة بالإرهاق إلى جانب أن جزءاً من كوادر الأحزاب أصبحوا غير متحمسين.

ويرى الجاك- نظرياً- أن اللجان لا تستطيع الاستمرار إذا أبعدت كوادر الأحزاب بما فيها الحزب الشيوعي السوداني، وقال إن ذلك يؤدي عملياً إلى إقصاء أشخاص لديهم تجارب وخبرات، بجانب دورهم في تطوّر اللجان نفسها.

وبالرغم من المخاوف التي نشأت بشأن تراجع الحراك الثوري بعد توقيع الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الحالي بين قادة الانقلاب والمدنيين، إلا أن الحراك ما زال مستمراً في التنديد بالانقلاب وانتهاكاته والمطالبة بسلطة مدنية وإعادة العسكر للثكنات مع محاسبة القتلة.

تاريخ الخبر: 2022-12-17 18:23:34
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:01
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 57%

المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 15:26:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية