ليس سرّاً أن المركبات الجوية المسلحة المسيرة (SİHA) باتت أبرز العناصر المميزة للصناعات الدفاعية التركية، فأداء هذه المنصات في عديد من المناطق من سوريا إلى ليبيا وقره باغ، بات يُعَدّ لبنة البناء الأساسية في تفوُّق صناعة الدفاع الوطنية.

فبعد كل هذه النجاحات كان هناك بالفعل سؤال أساسي يطرحه الجميع: هل ستكون تركيا راضية عن هذا النجاح الذي حققته مع مسيراتها الشهيرة "بيرقدار تي بي 2" و"عنقاء"، أم ستذهب خطوة أخرى إلى الأمام وتظهر تفوقها في مجال الطائرات الحربية المسيرة؟

الإجابة عن هذا السؤال جاءت سريعة جدّاً بعدما اختبرت شركة بايكار بنجاح أول رحلة جوية لمقاتلتها المسيّرة قزل إلما، بالإضافة إلى قرب دخول مسيّرتها الجديدة كلياً "بيرقدار تي بي 3" المخزون، التي طُوّرَت خصوصاً لتخدم فوق حاملة الطائرات "TCG Anadolu" المفترض دخولها الخدمة العام المقبل.

وبالتزامن مع نجاحات بايكار الأخيرة، خرجت الأنباء من داخل شركة "توساش" التركية حول مقاتلتها المسيّرة عنقاء-3 التي صُممت بالأساس لتنفّذ مهام منفصلة، كحال قزِل إلما، فضلاً عن إمكانية الخدمة إلى جانب مقاتلة تركيا الوطنية من الجيل الخامس (MMU). إليكم في هذا التقرير آخر المستجدات التي نقلها موقع TRT Haber حول صناعة المسيّرات الجوية في تركيا:

عنقاء-3 (ANKA-3)

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبينما كان تعمل شركة بايكار على قزل إلما، أجاب رئيس رئاسة الصناعة الدفاعية إسماعيل عن سؤال "هل سنرى طائرة حربية مسيرة من توساش؟" قائلاً: "إنها قريبة جدّاً، انتظروها أيضاً".

وهكذا سمع الجمهور لأول مرة أن "توساش" هي الأخرى تعمل على طائرة حربية مسيرة، وأن العمل قد نُقِل إلى أبعد من ذلك ودخل خط الإنتاج. ولكن لا معلومات واضحة حول منصة نظام الطائرات المسيرة التركية (TİUS)، التي أُعلنَ عنها باسم عنقاء-3. ولكن بل توقعات فقط وصورة متحركة شاركتها الشركة المطورة.

وحسب الخبراء، من المتوقع أن تنفذ عنقاء-3 بشكل أساسي مهام حرجة للهجوم العميق من خلال مشاركة العمل مع المقاتلة الوطنية المأهولة (MMU)، التي تنتجها الشركة ذاتها، في إطار ما يُطلق عليه "Loyal Wingman"، وهي التكنولوجيا التي تفكر فيها دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين بجدية، ودخلت إليها تركيا مؤخراً بكل ثقلها.

وانطلاقاً من ذلك، تحلّق الطائرات الحربية المأهولة وغير المأهولة معاً. وإذا كانت المهمة عالية الخطورة، يوجه الطيار الطائرات المسيرة التي تحلق معه إلى هذا الهدف. وفي الوقت نفسه يمكن أن تعمل الطائرات الحربية المسيرة كذراع واحدة بلا طائرة مأهولة.

قزِل إلما (Kızılelma)

في 12 مارس/آذار 2022 شارك المدير التقني لشركة "بايكار" سلجوق بيرقدار صور جسم مقاتلة قزل إلما المسيّرة وهو يدخل خط الإنتاج، قائلاً: "بعد 3 سنوات ونصف دخلت سمكة أكبر وأكثر رشاقة إلى خط الإنتاج". وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، نجحت المسيَّرة في إتمام إقلاع وهبوط ورحلة مستقرة بنجاح في الرحلة الأولى التي استغرقت نحو 18 دقيقة.

وفيما يطلق على النسخة الأولى من قزيل إلما اسم النموذج A، توجد أيضاً طرازا B وC اللذان سيظهران كنموذجين أكثر تقدماً في المستقبل. يُذكر أن الطراز A الذي أجرى أول رحلة ناجحة له، يمكنه البقاء في الجو لمدة 5 ساعات والعمل على ارتفاع 35000 قدم.

وأُعلِنَ رسمياً أن المنصة التي يبلغ وزن إقلاعها الأقصى 6 أطنان سيكون لها قدرة تحميل مفيدة تبلغ 1.5 طن. كما أن أقصى مسافة يمكن أن تقطعها لتؤدي مهمتها وتعود إلى القاعدة هي 925 كيلومتراً للنسخة الأولى، وهو رقم جيد جدّاً برأي الخبراء.

ومن التفاصيل المهمة الأخرى أن قزِل إلما ستتمكن من الإقلاع والهبوط على متن حاملة الطائرات التركية "TCG Anadolu"، إذ ذكر سلجوق بيرقدار أنهم كانوا يعملون على هذه القضية بجدية، كما نُشرَ بعض الرسوم المتحركة.

وفيما تهدف بايكار إلى إنتاج 36 قطعة سنوياً، من المتوقع أن تدخل المخزون عام 2024، ستكون تركيا بفضل من قزِل إلما أول دولة تضيف مثل هذه المنصات إلى مخزونها الجوي، إذ ستُجهَّز بالذخيرة الوطنية للاضطلاع بمهامّ من الجوّ والبرّ والبحر.

بيرقدار تي بي 3 (Bayraktar TB3)

أوضح الفيديو الذي نشرته شركة بايكار نهاية أبريل/نيسان 2021، أن طائرة "بيرقدار تي بي 3" الجديدة كلياً ستكون عبارة عن مركبة جوية مسلحة مسيرة قادرة على الإقلاع والهبوط من السفن ذات المدرج القصير. وبفضل تصميم أجنحتها القابلة للطيّ التي تتيح لها حجز مكان أقلّ، ستتمكّن حاملة الطائرات التركية (TCG Anadolu) من حمل 40-50 من هذا الطراز على متنها.

وتُعَدّ "بيرقدار تي بي 3" التي هي قيد التطوير حالياً، نسخة بحرية من مُسيَّرة "بيرقدار تي بي 2" الشهيرة، التي أثبتت كفاءة عالية فوق أكثر من ساحة صراع في السنوات الأخيرة. أما محرك الطائرة فهو "TEI PD170" من تصميم وتطوير شركة صناعة الطيران والفضاء التركية "توساش".

وأوضح المدير الفني سلجوق بيرقدار أن المسيرة الجديدة يمكنها قطع آلاف الكيلومترات عن طريق التحكم بها عبر الأقمار الصناعية، مشيراً إلى أنها ستكون أكبر بقليل في الحجم من سابقتها "بيرقدار-تي بي 2" وأصغر من المسيرة "أقينجي". وأضاف: "تتميز بقدرتها على الهبوط والإقلاع من السفن ذات المدارج القصيرة، بما يجعلها نظاماً فريداً حول العالم".

TRT عربي