كيف تلقى آباء وأمهات وأسر شهداء ثورة ديسمبر في السودان، نبأ توصل المدنيين إلى مشروع تسوية سياسية وتوقيع اتفاق إطاري مع المكون العسكري الانقلابي؟ هل هم متفقون بشأن الرفض أو القبول، وهل تبلورت لديهم رؤية لرد فعل محدد؟!..
الخرطوم: التغيير: سارة تاج السر
ما بين تأييد مشروط، ورفض قاطع، انقسمت وجهات نظر، أسر شهداء الثورة السودانية بشأن التسوية السياسية الجارية حاليا على أساس الاتفاق الإطاري، بين المكون العسكري الذي انقلب على حكومة الفترة الانتقالية في 25 اكتوبر وتحالف قوى الحرية والتغيير ومكونات مدنية اخرى.
«التغيير» رصدت بعض مواقفهم وردود فعلهم ونظرتهم للأمر.
شروط اخلاقية
ما زاد وتيرة تخوف أسر الشهداء، إرجأ الأتفاق الإطاري الذي تم مطلع ديسمبر الجاري، بين العسكر والمدنيين، النقاش في خمسة قضايا خلافية، قبل التوقيع على اتفاق نهائي.
تصدرت العدالة والعدالة الإنتقالية قائمة تلك القضايا، حيث نص الاتفاق على مبدأ عدم الافلات من الجرائم ومحاكمة مرتكبيها وانصاف الضحايا على أن تقرر أسرهم مصير، المتورطين في قتل ابنائهم، مابين اعلان العفو أو المحاسبة.
الصادق سمل والد الشهيد عبد الرحمن، قال أنه لا يتردد ابدا في إعلانه الوقوف مع تسوية بشروط أخلاقية تحفظ كرامة الإنسان وتحقق دولة العدالة والقانون.
واكد “سمل” في مقطع فيديو متداول قي مواقع التواصل الإجتماعي رصدته (التغيير) “اذا كان الغرض من التسوية تطبيق العدالة فإن عدم اتمامها جريمة، وإذا كان الغرض منها امتيازات سياسية، فذلك يمثل أيضا جريمة في حق السودانيين”.
سمل: إذا كان غرض التسوية تطبيق العدالة فعدم اتمامها جريمة، وإذا كانت لامتيازات سياسية فذلك أيضا جريمة
وأشار “سمل” إلى أن مصطلح التسوية يستخدم في حالات الصراع السياسي، الذي ليس فيه منتصر أو مهزوم وقال:” الثورة السودانية ليس فيها منتصر بشكل مطلق أو مهزوم بشكل مطلق”.
واوضح” سمل” بأن المعارضين للتسوية، ليسوا سوي طامعين في مستقبل أو دور سياسي.
وأكد أن التسوية ستحدث في وقت ما وأضاف: “إذا لم نتكلم عنها الليلة فسنتحدث عنها بعد 20 عاما مع تكلفة كبيرة من أرواح السودانيين”.
أزمة ثقة
كما أكد والد الشهيد عبد الرحمن، تاييده بلا تردد للتسوية المشروطة، فيما تمسك الأمين العام السابق لمنظمة أسر الشهداء، والد الشهيد عبد السلام كشة، برفضه القاطع لها.
واعتبر ” كشة” إن مشاركة رئيس منظمة اسر الشهداء فرح عباس، مع قوي الحرية والتغيير في ورشة عمل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، والتي تمخضت عنها مسودة الإعلان الدستوري، مثلت بداية الهبوط الناعم للرئيس.
وقال بأن الأخير لم يطرح أمر المشاركة في الجمعية العمومية، فضلا عن أن المنظمة هي جسم طوعي خيري ولايجوز له المشاركة في اي عمل سياسي.
وذكر “كشة” لـ (التغيير) أن اللجنة التنفيذية انساقت وراء التحالف وأن رئيسها شارك بناء على ارتباطات حزبية مع قوي الحرية والتغيير، وشدد بأنه لايحق له الحديث باسم منظمة أسر الشهداء.
كشة: تاجيل مناقشة قضية العدالة الانتقالية ليس سوى تمهيد لافلات العسكر من المحاسبة
وأكد والد الشهيد عبد السلام، رفضهم للتسوية وتمسكهم بتحقيق العدالة لدماء ابنائهم وشكك في نوايا المكون العسكري في القبض على الجناة وعدم الافلات من العقوبة التي نص عليها الاتفاق الإطاري.
واردف: “كيف تحقق العدالة في ظل قضاء غير عادل وليس لديه رغبة في الاقتصاص للشهداء وشرطة لم يتم هيكلتها ونائب عام بدون صلاحيات.
ورأى ” كشة” أن تأجيل مناقشة قضية العدالة والعدالة الانتقالية ليس سواء تمهيد لافلات العسكر من المحاسبة.
رفض التفاوض
بدورها ذهبت أميرة كابوس، والدة الشهيد محمد هاشم مطر، في ذات الإتجاه الرافض للتسوية السياسية وقالت لـ (التغيير): “إن الشعب السوداني قال كلمته وليس لنا كلمة بعده”.
وأشارت إلى أن أسر الشهداء والمكونات الثورية الأخرى لم يكونوا طرفا في التفاهمات التي جرت بين المكون العسكري وقوي الحرية والتغيير.
ذلك قبل أن تأكد رفض اسرة مطر لمبدأ التفاوض مع القتلة من الأساس، واعتبرت أن قوي الحرية لم تكن شفافة بشان الإتفاق الإطاري مع من وصفتهم بـ “قتلة اللجنة الأمنية” في إشارة لقادة الانقلاب.
تمييع القضايا
محاولات تمييع قضايا الشهداء والحقوق الجنائية في ورش ومؤتمرات وترحيلها وتأجيلها وخلط المفاهيم في موضوع العدالة الانتقالية والحق العام والخاص، نكوص عن مطالب الثورة وإضاعة للحقوق والدماء، وفقا لاسرة الشهيد دكتور بابكر عبد الحميد.
واشارت الأسرة في بيان بالتزامن مع الذكرى الرابعة لإندلاع ثورة ديسمبر، إلى أن مسألة العدالة، ظلت محل تأجيل منذ العام 2019، مرةً بدعاوى الوفاق وعفى الله عما سلف، ومرةً بدعاوى الشراكة والتناغم، ومراتٍ عديدة بدعاوى التسويات والتسويف.
وأكدت الأسرة رفضها لأي تسوية تعقد فوق دماء الشهداء و تمكن للقتلة وتحفظ لهم مقاعدهم وامتيازات هم في السلطة والثروة، وتعلق المشانق لمنفذي أوامر القتل وتعفي قادتهم الذين يطلقون الأوامر.
القصاص العادل
فيما أكدت أمهات وزوجات واخوات شهداءثورة ديسمبر 2018، بانه ليس لدى اي جهة أو طرف الحق في التفاوض او التوقيع بالنيابة عن الأسر فيما يخص دماء الشهداء وضمان عدم محاسبة الانقلابيين القتلة، والتضحية بصغار الرتب النظامية الذين نفذوا الأوامر.
وتمسّكن بمحاكمة الانقلابيين لتدبيرهم انقلاب 25 أكتوبر، وقالوا في بيان اصدروه: “طالعنا في العديد من مواقع التواصل الإجتماعي أخبار تفيد بأن منظمة أسر الشهداء، قد وقعت على الإعلان السياسي، لكننا نؤكد بأن أسر الشهداء ما زالوا قابضين على جمر القضية، ولا تنازل عن أهداف الثورة، وإن هذا الخبر عار من الصحة ولا يعبر عن أي من اسر الشهداء بالاجماع بوحدة أسر الشهداء، ومطلبهم العادل في القصاص، وعدم التنازل والتسامح في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية”.
واضاف البيان: “أسر الشهداء ليسوا ضمن اي تسوية سياسية وليس لها اي وفد أو ممثل للجلوس او التنسيق مع أي من الاحزاب السياسية”.
أمهات شهداء ديسمبر: لسنا طرفا في اي تسوية وليس لدينا وفد او ممثل للجلوس او التنسيق مع أي حزب
ولم يتسن لـ (التغيير) الحصول على رد فوري من رئيس منظمة أسر الشهداء فرح عباس رغم الاتصال به أكثر من مرة.
