قال الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، مستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن القيادة السياسية تسعى لمضاعفة مشروعات الثروة السمكية لما لها من آثار إيجابية على الاقتصاد القومى، لافتًا إلى أن تلك المشروعات توفر فرص عمل بصورة مباشرة وغير مباشرة للشباب، ما يؤدى إلى خفض معدلات البطالة، كما أنها تسهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأسماك بأنواعها المختلفة والوصول بالإنتاجية إلى أعلى معدلاتها.

وأوضح «يوسف» أن القيادة السياسية تحرص على زيادة الرقعة الزراعية من خلال التوسع الأفقى والرأسى فى المشروعات الإنتاجية سواء الزراعية أو الحيوانية خاصة قطاع الاستزراع السمكى، بهدف سد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج وتقليل الاستيراد من الخارج.

وأضاف: «المستجدات الدولية تجعلنا نراجع السياسات الزراعية المرتبطة بالإنتاج الزراعى والحيوانى سواء الداجنى أو السمكى، وإعادة النظر فى الخريطة الزراعية الإنتاجية والاستفادة من الموارد الحالية وتعظيم الاستفادة منها».

وأشار إلى أن مصر تمتلك العديد من الموارد الطبيعية خاصة البحيرات، كما أن لديها الخبرات البشرية فى القطاع الزراعى، وهما محورا الارتكاز وعناصر القاعدة لبناء رؤية واضحة لتأمين احتياجات الدولة.

وتابع: «لا شك أن الجهود العظيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الثمانى سنوات الماضية فى مجال الإنتاج الحيوانى كان لها عظيم الأثر كجزء من المفهوم الاستراتيجى بعيد المدى وهو ما ظهر أثره الآن بالسوق المحلية المصرية».

واستكمل: «لولا هذه البرامج القومية لأصبح الأمر أكثر صعوبة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد والحرب الروسية الأوكرانية والأزمة الاقتصادية والتضخم وأزمة الغذاء وارتفاع الأسعار، وتلك التحديات والمعوقات التى أوقفت نشاط العالم وأثرت على اقتصاديات دول متقدمة، لذا فإن التنمية الزراعية والحيوانية أصبحت ضرورة ملحة فى ظل الأزمات العالمية وما تتطلبه المرحلة المقبلة لتغطية حاجات السكان من المحاصيل الغذائية والإنتاج الداجنى والسمكى وتوفير العملة الصعبة لخزانة الدولة».

وأشار إلى أن القيادة السياسية تعطى اهتمامًا كبيرًا لزيادة المشروعات القومية التى تستهدف تنمية الثروة السمكية، والتى تعتبر أهم مصادر الغذاء الغنية بالبروتين ليس هذا فقط، بل تهدف تلك المشاريع التنموية إلى زيادة الدخل القومى من خلال تصدير الثروة السمكية للخارج بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى. وأكد أن مشروع الفيروز للاستزراع السمكى بشرق التفريعة ببورسعيد ومشروع الاستزراع السمكى ببركة غليون بكفرالشيخ يعدان من أكبر المشروعات القومية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويضيف هذان المشروعان وغيرهما إنجازًا جديدًا لسلسلة الإنجازات التنموية الشاملة للقيادة السياسية فى مصر. 

ولفت إلى أن الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، بالتعاون مع هيئة قناة السويس، هى التى نفذت مشروع الفيروز الذى يقام على مساحة ٢٦ ألف فدان منها ١٦ ألف فدان كمساحة إجمالية للمشروع وبحيرتان مخصصتان للصيد الحر على مساحة ١٠ آلاف فدان. 

وأضاف: «يضم المشروع ٥٩٠٠ حوض استزراع سمكى لإنتاج الأسماك البحرية والقشرية، حيث إن حجم الحوض حوالى ١.٨ فدان ومفرخات لإنتاج ١٦٥مليون زريعة سمك و٥٥٠ مليون يرقة جمبرى سنويًا ومصنعًا لإنتاج العلف بطاقة إنتاجية ١٧٠ ألف طن علف سنويًا».

وأشار يوسف إلى أن مشروع الفيروز يضم تجهيزات تخدم الإنتاج السمكى مثل مصنع الثلج وصالة مجهزة بتكنولوجيا عالية للفرز والتعبئة ومخازن الأعلاف، لافتًا إلى أن المشروع يدار بأحدث النظم العالمية المتخصصة فى مجال الإنتاج والاستزراع السمكى، حيث تم تطبيق التقنيات الحديثة بالتعاون مع الخبرة الأجنبية بهدف نقل الخبرات الأجنبية وتدريب العاملين المصريين عليها، وأيضًا تطبيق أعلى معايير الصحة والسلامة البيئية.

وقال أستاذ الزراعة، إن المشروع يهدف إلى سد الفجوة بين العرض والطلب أو بين الاستهلاك والإنتاج فى مجال البروتين السمكى، مضيفًا: إنتاج مصر من الأسماك مليونا طن سنويًا ومعدل الاستهلاك ٢.٣ مليون طن سنويًا، ويهدف المشروع بالتعاون مع مزارع بركة غليون لزيادة الإنتاج إلى ٢.٨ مليون طن سنويًا.

وأكد أن المشروع يوفر ١٠ آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة فى العديد من التخصصات بهدف تقليل البطالة وإنشاء مجتمعات صناعية وعمرانية جديدة بمنطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من البروتين السمكى والارتقاء فى مجال التصنيع السمكى لإعطاء قيمة مضافة. 

وأشار «يوسف» إلى أن هدف المشروعات القومية للاستزراع السمكى هو زيادة نصيب الفرد من الأسماك فى مصر سنويًا؛ ليصل إلى أكثر من ١٥كجم/سنويًا والحصول على بروتين حيوانى أقل سعرًا من اللحوم الحمراء فى ظل ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن المشروعات القومية تهدف إلى تحقيق التوازن بين إنتاج اللحوم البيضاء والحمراء، لتكون الأسماك هى البديل كبروتين حيوانى أقل سعرًا من اللحوم الحمراء.

وأضاف أن مشاريع الاستزراع السمكى لها مردود إيجابى فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من خلال استراتيجية الأمن الغذائى والاعتماد والتركيز على الاقتصاد الأزرق بهدف تحقيق المعادلة وعدم اللجوء إلى الاستيراد من الخارج، مشيرًا إلى أن المشروع يعتبر قيمة مضافة كبيرة فى منطقة قناة السويس لزيادة فرص التصدير للخارج، ومصر تعتبر السادسة عالميًا والأولى إفريقيًا فى الإنتاج السمكى.

وأوضح أستاذ الزراعة أن قطار التنمية ينطلق من محطة لأخرى. فقد وضعت القيادة السياسية المشروعات التنموية على رأس أولوياتها لما لها من ردود إيجابية فى تخفيف العبء عن كاهل المواطن، وتوفير الغذاء الملائم بجودة عالية للمواطنين، حيث يسهم المشروع فى سد احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض للاتحاد الأوروبى ومجلس التعاون الخليحى وسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، وتوفير آلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب من مختلف الفئات. 

وأضاف أن القيادة السياسية تبنت المشروع القومى لتنمية وتطوير البحيرات خاصة بحيرة المنزلة والبرلس ومريوط وأيضًا بحيرة البردويل، بهدف التنمية المستدامة لقطاع الثروة السمكية والاستزراع السمكى، وذلك من خلال التوسع فى المشروعات القومية للاستزراع السمكى على سبيل المثال بركة غليون ومثلث الديبة وشرق التفريعة وشرق قناة السويس، مضيفًا: «تلك المشروعات تعتمد على أحدث الوسائل العلمية والتكنولوجية فى الاستزراع السمكى والتصنيع والتى تتواكب مع المتطلبات العلمية الحديثة».

وأوضح أن المشروع القومى لتنمية البحيرات يهدف إلى تعزيز العائد الاقتصادى من خلال تكامل الأنشطة والاستخدام الأمثل للخبرات المتاحة، وتحسين نوعية المياه ومعالجة مصادر التلوث واستعادة النظام البيئى، وزيادة الإنتاج من الثروة السمكية وتنظيم وتحسين الضوابط الخاصة بالصيد، ورفع كفاءة الصيادين وتحسين ظروف عملهم. 

واختتم: «هذه المشروعات تسهم فى تخفيض واردات الأسماك بنسبة ٣٠٪ على الأقل والقيادة السياسية تبذل قصارى جهدها لتذليل الصعوبات والتحديات والمعوقات والمخاطر أمام المواطنين؛ لكى يعيش المواطن المصرى حياة كريمة فى ظل الجمهورية الجديدة».