بحسب مختصين فإن قياس حركة أسواق السيارات والأثاث ومواد البناء يعطي مؤشراً للحالة الأقتصادية في البلاد باعتبارها الأكثر جذباً لرؤوس الأموال الكبرى.
الخرطوم: التغيير: الفاضل إبراهيم
تشهد الأسواق السودانية منذ عدة أشهر ركوداً وتراجعاً في حركة البيع والشراء نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار السلع والمنتجات، الأمر الذي تسبب في حالة كساد عامة في الأوساط التجارية.
وبحسب مختصين فإن قياس حركة أسواق السيارات والأثاث ومواد البناء يعطي مؤشراً للحالة الأقتصادية في البلاد باعتبارها الأكثر جذباً لرؤوس الأموال الكبرى.
محمد يعقوب، وهو تاجر بسوق “السجانة” أكبر أسواق مواد البناء والأدوات الكهربائية بالعاصمة السودانية، أشار إلى وجود انخفاض وصفه بـ “الطفيف” في أسعار سيخ تسليح المباني.
فيما أكد “يعقوب” لـ (التغيير) وجود ركود كبير في الأسعار بشكل عام، ونوه إلى أن تجارة الحديد من شأنها التسبب في خسائر كبرى للتجار حال إنخفاض الأسعار.
ولفت كذلك إلى تعرض عدد من التجار للسجون بسبب الشيكات.
وذكر “يعقوب” أن سعر طن الحديد (4) لينية مقاس (12) ملء وصل إلى (41.500) مليون جنيه، مقارنة بـ (41.600) في السابق.
فيما بلغ سعر السيخ (3) لينية (10) ملء إلى (44) مليون جنيه.
وأشار “يعقوب” إلى أن سعر طن الأسمنت يتراوح في المتوسط مابين (125 – 124) ألف جنيه، للأنواع المختلفة للشركات.
تاجر مواد بناء: تعرض عدد من التجار للسجون بسبب الشيكات
تجارة الكَسِر
من جانبه يقول عطا الرشيد، وهو تاجر إجمالي، إن ظاهرة الكساد أسهمت في عودة ما يُطلق عليها شعبياً “تجارة الكَسِر” وهي بيع السلعة بأقل من ثمنها تفادياً لمخاطر الخسارة، خاصة في السيخ والأسمنت.
وأكد “الرشيد” أن سعر “الزنك الأمريكي” الذي يستخدم في الأسقف، يشهد استقرارا نسبيا، بواقع (11.500) ألف جنيه، للوح مقاس (6) متر متوسط الجودة.
فيما يصل سعر اللوح عالي الجودة إلى (20) ألف جنيها للمتر الواحد، والزنك البلدي (أبو حصان) مقاس (20) قدم إلى (4) آلاف جنيه للمتر.
ويبلغ متوسط سعر السراميك بحسب” الرشيد” مابين (6200 – 8000) جنيه للمتر الواحد.
يقول عثمان الحاج، وهو تاجر إجمالي لـ (التغيير) إن هنالك جهات أعلنت عن تخفيضات بمناسبة احتفالات رأس السنة الميلادية، مبينا أن تخفيض السعر يأتي تفاديا للخسائر.
وابان “الحاج” أن أكثر المواد المصنعة تاثراً هي (السابتك تانك) نسبة لأن بيعها في العادة قليل، ووصل النوع الجاهز من (السابتك تانك) مقاس (75) شخص، إلى (1.250) مليون جنيه، بعد أن كان (1.300) مليون جنيه.
ايضا وصل النوع مقاس (30) شخص إلى (1.50) مليون جنيه، مقارنة بـ (1.100) في السابق.
كذلك تشهد أسواق مواد البناء انخفاضاً في أسعار بعض انواع البوهيات و”صباعات الطلاء” لجهة أن بعضها قابل للتلف.
الأثاثات نشاط في المستعملة
إبراهيم أحمد، صاحب محل اثاثات بالخرطوم، قال إن حركة البيع تشهد تراجعاً وصفه بـ “المخيف” خاصة الأثاثات الجديدة التي قال إن بيعها توقفت بصورة شبه كاملة.
وأشار إلى أن معظم حركة البيع في الأثاثات المستعملة لانها أرخص سعرا مقارنة بالجديد.
وذكر “أحمد” أن الدولاب الخشبي (5) ضلف محلي الصنع يبلغ سعره (180) ألف جنيه، فيما يصل سعر المستعمل إلى (100) ألف جنيه.
وقال احيانا يتم عرض غرفة نوم كاملة مستعملة بسعر (250) ألف جنيه، بينما طقم الجلوس تتراواح اسعاره بين (150- 200 – 300) ألف جنيه بحسب النوع.
ويشير” أحمد” إلى أن معظم رواد الأثاثات المستوردة من الطبقات المقتدرة مادياً، لذلك أسعارها عالية لانها تقدر بحسب سعر الدولار، وأن هنالك أسعار وصفها بـ “الفلكية” وتصل لمليارات الجنيهات.
تاجر أثاثات : تراجع حركة البيع بنسبة (30%) عن السابق
ويقدّر “أحمد” تراجع حركة البيع بنسبة (30%) عن السابق، مشيرا إلى أن الكثير من التجار واصحاب المصانع اتجهوا للتخفيضات التي تزداد مع نهاية العام للتخلص من البضائع القديمة خوفا من الخسائر في ظل الكساد الحالي بالأسواق.
سوق السيارات الأكثر تضرراً
يجزم ياسر طه، وهو يعمل سمسار في سوق السيارات، بأنهم الفئة الأكثر تضرراً بين السماسرة واصحاب المهن الحرة.
وحول نسبة العمولة في البيع رفض “طه” الحديث عنها بصورة مباشرة، لكنه أكد لـ (التغيير) أن نسبة العمولة ايضا تراجعت بسسب ضعف حركة البيع.
وأضاف بأنه في السابق كان يبيع سيارتين في الأسبوع على أقل تقدير، بينما الآن يبيع سيارة واحدة فقط شهر كامل.
وبخصوص أسعار السيارات المستعملة أوضح “طه” أن المعروض حالياً أكثر من حجم الطلب.
وأشار إلى أن الأسعار تختلف بحسب الموديل ونوع وعداد المسافة التي قطعتها السيارة.
وذكر بأنهم باعوا سيارة من نوع (افانتي) موديل العام 2015 بسعر (7) ملايين جنيه، وبيعت ذات نوع السيارة ولكنها أقل جودة بـ (6) ملايين جنيه.
وقال بأن سعر السيارة (افانتي) المعروفة شعبياً بـ (السحلية) وصل (3.5) مليون جنيه و(افانتي) التي يُطلق عليها (المنفوخة) وصل سعرها نحو (3.8) مليون جنيه.
ولفت “طه” إلى أن تراجع عمليات المقايطة ساهم في تقليل حركة البيع، وأوضح أن اسعار السيارات نوع (كيلك) تراجعت من (4) ملايين في المتوسط إلى (3.5) مليون جنيه.
سمسار سيارات: المعروض حالياً أكثر من حجم الطلب
بوكو حرام
من جانبه قال عثمان أبو عابد، وهو أيضا يعمل سمساراً في سوق السيارات إن سعر السيارة ماركة (أيون) موديل العام 2013 وصل في المتوسط (2.5) مليون جنيه مقارنة بـ (3) ملايين في السابق، و(اتوز) موديل العام 1999 وصل سعرها (2.2) مليون جنيه.
وأكد “أبو عابد” لـ (التغيير) أن سعر السيارات التي تُعرف شعبياً بـ (البوكو) وهي الخالية من الترخيص والأوراق ينخفض احيانا بمقدار مليون جنيه للسيارة.
أسباب وعوامل الكساد
الباحث الاقتصادي، عبد الله عبد الكريم، أرجع أسباب الكساد بصورة عامة في السوق السوداني للوضع الأقتصادي والتضخم الذي قال إنه وصل لنسبة (400%).
وأوضح “عبد الكريم لـ (التغيير)، إن أسواق السيارات والعقارات ومواد البناء كانت الأكثر تضرراً، لجهة أن توفر السيارات بكميات كبرى بعد إغراق السوق بسيارات (البوكو)، بجانب السيارات الجديدة في المعارض والاستيراد الخاص.
ونوه الباحث الإقتصادي أن ارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار ساهم ايضا في وجود الكساد.
ونتيجة لهذه العوامل، أوضح بأن الأقبال علي السوق بات ضعيفاً جداً، فضلا عن لجوء البعض للتجارة بالقيمة الغير حقيقية، مثل انتشار ظاهرتي البيع بـ (الكَسِر والشيكات المؤجلة).
ويأتي ذلك بحسب الباحث الاقتصادي في ظل وجود كمية كبيرة من العرض، وبالتالي أصبح استرداد الديون الكبيرة صعب جداً.
باحث اقتصادي: لجوء البعض للتجارة بالقيمة الغير حقيقية، مثل انتشار ظاهرتي البيع بـ (الكَسِر والشيكات المؤجلة)
وفيما يتعلق بمواد البناء اوضح “عبد الكريم” أن الكثيرين كانوا يستثمرون أموالهم في بناء وبيع المباني الجاهزة، لكن مع تراجع قيمة الجنيه السوداني وارتفاع التضخم أصبح الإستثمار في المباني أمر بالغ الخطورة.
وبالتالي تراجع شراء مواد البناء، كما أن البناء لأغراض السكن ايضا في تناقص بسبب الغلاء وقلة دخل المواطنين فيما ظل ما يُطلق عليها ظاهرة الكساد التضخمي.
وشدد “عبدالكريم” على ضرورة وجود حكومة خلال الفترة القادمة لضمان الإستقرار السياسي والأمني بما يضمن إنسياب التمويل من منظمات ومؤسسات التمويل الدولية ودخول استثمارات جديدة.
إضافة إلى دخول عملات صعبة للبلاد وزيادة حركة رؤوس الأموال.
