اعتبر الكرملين الخميس أن زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة لم تظهر "أي نيّة للإصغاء للمخاوف الروسية"، بينما قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه يريد إنهاء النزاع في "أسرع" وقت ممكن.

وفي طريق عودته إلى بلاده، التقى زيلينسكي نظيره البولندي أندريه دودا قبل أن يصل إلى أوكرانيا بعد بضع ساعات.

وقال في شريط فيديو صُوّر في بولندا: "عدنا من واشنطن بنتائج جيّدة. بشيء سيساعد حقاً"، في إشارة إلى نظام باتريوت الأمريكي لاعتراض الصواريخ.

وقد أعلنت الولايات المتحدة أمس الخميس تقديم شحنة إضافية من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 1.85 مليار دولار، تشمل منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" التي كانت كييف تطلبها منذ أشهر.

من جانبه، قلّل الرئيس الروسي من فاعلية هذا "النظام القديم".

وأضاف بوتين: "خصومنا يعتبرون أنه سلاح دفاعي. حسناً، سنضع ذلك في الاعتبار. هناك دائما (سلاح) مضاد".

وتابع: "ما يفعله هؤلاء لن يُجدي نفعاً، فهو يطيل فقط أمد النزاع، ذلك كلّ ما في الأمر"، مؤكداً في الآن نفسه أنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا في أسرع وقت.

وقال: "سنسعى جاهدين لإنهائها. وكلما كان ذلك أسرع فهو أفضل بالطبع".

السلام العادل

ولم يتأخر الردّ الأمريكي، فقد اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي، أن روسيا "لم تُظهر أي اهتمام (بالانخراط) في دبلوماسية جدية" لإنهاء الحرب.

وقال بلينكن إنه عقد الخميس اجتماعات عبر الفيديو مع وزراء خارجية دول مجموعة السبع للبحث في أفكار من أجل التوصل لـ"سلام عادل" اقترحه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته التاريخية لواشنطن.

ووصف بلينكن طرح الرئيس الأوكراني بأنه "بداية جيدة"، وقال إن أيّ سلام يجب أن يكون "عادلاً ومستداماً"، وشدد على أن الولايات المتحدة لن تفرض حلولاً على أوكرانيا.

وشدد على أن روسيا يمكنها وضع حدٍ للحرب فوراً بسحب قواتها، لكن "في غياب ذلك، علينا أن نرى أدلة فعلية على وجود استعداد لدى روسيا للتفاوض من أجل التوصل إلى سلام عادل ومستدام".

وقال بلينكن في معرض تفسيره للسلام العادل إنه سلام "لا يصادق ببساطة على استيلاء بلد بالقوة على أراضي بلد آخر".

أما السلام المستدام ففسره بلينكن بأن "نحرص على أن يكون قادراً على الصمود وعدم وضع أوكرانيا في وضعية تمكّن روسيا من تكرار ما فعلته بعد شهر أو ستة أشهر أو عام".

وعلى الصعيد الميداني، أعلن بلينكن مضاعفة عدد القوات في الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال إن الولايات المتحدة "ستواصل دعم أوكرانيا لتعزيز قدرتها على شن هجمات ضد روسيا".

وأضاف أن واشنطن تعمل مع حلفائها على تجديد البنية التحتية الأوكرانية التي تضررت بفعل الهجمات الروسية.

أما فولوديمير زيلينسكي، فقال إنه ناقش مع دودا في جنوب شرق بولندا أحداث عام 2022 و"ناقش أيضاً خططاً استراتيجية للمستقبل والعلاقات الثنائية والتفاعلات على المستوى الدولي في عام 2023".

وحظي زيلينسكي باستقبال الأبطال خلال زيارة خاطفة إلى واشنطن الأربعاء هي الأولى له خارج البلاد منذ بدء الهجوم العسكري الروسي في فبراير/شباط، وقد التقى خلالها نظيره الأمريكي جو بايدن وألقى خطاباً في الكونغرس حظي بتصفيق حار من أعضائه.

وحصل الرئيس الأوكراني على تعهدات بتلقي مساعدات هائلة بقيمة تناهز 45 مليار دولار وشحنات أسلحة إضافية.

قانون العدالة لضحايا جرائم الحرب

وفي السياق ذاته، يبدو أن مشروعَيْ قانونين يمنحان وزارة العدل الأمريكية أدوات إضافية لملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ورجال الأعمال الروس المتمتعين بالنفوذ على وشك أن يصبحا قانونين، بعد مسعى في اللحظة الأخيرة من مجموعة مشرّعين من الحزبين هذا الأسبوع.

ووافق مجلس النواب الأمريكي يوم الخميس على مشروع قانون يوسّع اختصاص وزارة العدل فيما يتعلّق بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، بعد أن حصل على موافقة مجلس الشيوخ يوم الأربعاء. وسينتقل الآن إلى الرئيس جو بايدن للتوقيع عليه ليصبح قانوناً.

ومشروع القانون، الذي يُعرف باسم "قانون العدالة لضحايا جرائم الحرب"، يسمح لوزارة العدل بتوجيه تهم ارتكاب هذه الجرائم لأشخاص في الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن مكان وقوع الجريمة.

ويسمح القانون الحالي بالمقاضاة فقط عندما تحدث جريمة الحرب في الولايات المتحدة أو عندما يكون الضحية أو الجاني أمريكياً.

وقال ميكولا مورسكي، مدير الشؤون الحكومية في رازوم، وهي جماعة تؤيّد أوكرانيا: "أعتقد أنها بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح".

وتابع: "إننا نتخذ في الواقع خطوات ملموسة للتأكد من أننا نستخدم نظام العدالة لتعزيز قيمنا".

وأقرّ مجلس الشيوخ مشروع قانون آخر يسمح لوزارة العدل بنقل الأصول المُصادَرة من النخبة الروسية الثرية صاحبة النفوذ إلى أوكرانيا في بعض الحالات، ومُرّر كتعديل لمشروع قانون التمويل السنوي للكونغرس.

وينصّ على نقل هذه الأصول أولاً إلى وزارة الخارجية التي توزع الأموال بدورها كمساعدات خارجية.

ويتجه مشروع قانون التمويل بأكمله، الذي يتضمن 44.9 مليار دولار مساعدات إضافية لأوكرانيا في زمن الحرب، الآن إلى مجلس النواب حيث من المتوقع تمريره ليصبح قانوناً.

"المخاوف الروسية"

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "حتى الآن نلاحظ بأسف أن الرئيس (الأمريكي جو) بايدن والرئيس زيلينسكي لم يقولا أي شيء يمكن اعتباره نية محتملة للإصغاء للمخاوف الروسية".

وأضاف بيسكوف أنه لم تُسمع خلال الزيارة "دعوات حقيقية من أجل السلام" أو "تحذيرات" أمريكية لزيلينسكي من "مواصلة قصف مبان سكنية في بلدات وقرى منطقة دونباس" الواقعة في شرق أوكرانيا والتي يسيطر على أجزاء منها انفصاليون موالون لروسيا.

وتابع: "هذا يشير إلى أن الولايات المتحدة تواصل توجهها بشنّ حرب غير مباشرة على روسيا بحكم الأمر الواقع حتى آخر أوكراني".

وكان الكرملين قد حذّر الأربعاء، يوم زيارة زيلينسكي للولايات المتحدة، من أن إرسال مزيد من الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا لن يؤدي إلاّ إلى "مفاقمة" النزاع.

وأكّد زيلينسكي الأربعاء في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي بمجلسيه أنّ المساعدة الأمريكية لكييف "ليست صدقة" بل هي "استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية".

ولجأت روسيا اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول إلى تكتيك القصف المكثّف للبنية التحتية الأوكرانية، وحرمان ملايين الناس من الكهرباء والمياه والتدفئة في خضمّ فصل الشتاء.

وقد أثر ذلك خصوصاً في العاصمة كييف حيث ظلّ وضع الكهرباء "صعباً" الخميس، بحسب رئيس الإدارة العسكرية للمدينة سيرغي بوبكو.

على صعيد متصل، أكدت واشنطن الخميس أن مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية الموجودة في أوكرانيا، تلقت "الشهر الماضي" شحنة أسلحة من كوريا الشمالية، وحذّرت من أن تصبح قريباً "منافساً" قوياً للجيش النظامي الروسي في ظلّ خسائره المتفاقمة.

جولة تفقّد في أوكرانيا

واعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الجيش الروسي يقاتل "قوات الغرب مجتمعة"، وكشف أن موسكو تعتزم إقامة قواعد لدعم أسطولها في مدينتي ماريوبول وبيرديانسك "المحتلتين" في جنوب أوكرانيا.

وأعلنت الوزارة الخميس أن شويغو أجرى جولة تفقّد للمواقع الروسية في أوكرانيا، دون تحديد مكانها أو تاريخها.

وكان وزير الدفاع الروسي قد زار منطقة "العمليات الخاصة" قبل أيام قليلة، في مؤشر إلى رغبة موسكو في تعزيز رقابتها على عسكرييها هناك.

من جانبه أكد رئيس الأركان فاليري غيراسيموف الخميس أن هدف القوات الروسية في أوكرانيا الآن هو "احتلال كامل منطقة دونيتسك الصناعية شرق أوكرانيا". وقال إنه لاحظ "استقراراً" على خطّ الجبهة الممتد 815 كيلومتراً.

لكنّ القتال وعمليات القصف مستمرة، فقد قُتل شخص واحد على الأقل وأصيب 14 آخرون في أنحاء أوكرانيا الأربعاء، بحسب كييف.

وفي الشرق، أُصيب الرئيس السابق لوكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" دميتري روغوزين في هجوم أوكراني على فندق في دونيتسك، أحد معاقل الانفصاليين الموالين لروسيا، ويُنتظر أن يخضع لعملية جراحية.

وأكدت "لجنة التحقيق الروسية" الهيئة المكلفة بالتحقيقات في القضايا الكبرى أن الضربة التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، نُفّذت "بذخيرة عالية الدقة وقد تكون أُطلقت من شاحنة مزودة بنظام قيصر المدفعي الفرنسي".

كما قُتل رئيس بلدية ليوبيميفكا الواقعة على الضفة اليسرى لنهر دنيبر تحت سيطرة الجيش الروسي في خيرسون (جنوب) في هجوم بقنبلة الخميس.

TRT عربي - وكالات