أثمرت زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء إلى واشنطن، عن قرار بتزويد كييف بصواريخ باتريوت منظومة الدفاع الصاروخي الأكثر تطورا في الترسانة الأمريكية، لكن إدارة بايدن رفضت في المقابل تزويد كييف بالمزيد من الأسلحة التي تطالب بها خصوصا صواريخ أتاكمز بعيدة المدى، ودبابات أبرامز الأمريكية.

• خشية من التصعيد و"مخاوف تشغيلية"

وفيما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إن بلاده ستقدم 1,85 مليار دولار كمساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا تشمل نقل أنظمة باتريوت، إلا أن واشنطن رفضت تسليم أوكرانيا صواريخ أتاكمز ATACM القادرة على ضرب أهداف داخل العمق الروسي خشية المزيد من التصعيد، كما امتنعت عن إرسال دبابات أمريكية بسبب "مخاوف تشغيلية".

في المقابل، قال زيلينسكي في خطاب تاريخي ألقاه بالكونغرس إن "الجنود الأوكرانيين يمكنهم أن يشغلوا بأنفسهم وبصورة مثالية دبابات وطائرات أمريكية"، في إشارة إلى الأسلحة التي ترفض واشنطن حتى الآن تزويد كييف بها.

وكان ميخائيلو بودولياك كبير مستشاري الرئيس الأوكراني قد نشر تغريدة في أوائل الشهر الجاري تحت عنوان "لائحة أمنيات أعياد الميلاد"، قال فيها إن بلاده تحتاج إلى صواريخ باتريوت لكن أيضا لصواريخ أتاكمز ودبابات أبرامز الأمريكية وليوبارد وماردر الألمانية.

وردا على القرار الأمريكي تزويد كييف بمنظومة باتريوت، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس إن قواته قادرة على إيجاد سلاح "مضاد" لمواجهة المنظومة الأمريكية. كما اعتبر الكرملين أن زيارة زيلينسكي لم تظهر "أي نية للإصغاء للمخاوف الروسية"، في وقت أكد بوتين أنه يريد إنهاء النزاع في "أسرع" وقت ممكن.

• باتريوت.. ما هي؟

باتريوت عبارة عن منظومة دفاع صاروخي أرض-جو طورتها شركة رايثيون تكنولوجيز ومقرها بولاية أريزونا، وهي من الأكثر تطورا في الترسانة الأمريكية. استُخدمت لأول مرة خلال حرب الخليج في 1991 ونشرت لحماية السعودية والكويت وإسرائيل، كما استخدمت لاحقا أثناء غزو العراق في 2003.

وهي متنقلة تشتمل على رادار قوي ومحطة تحكم ومولد طاقة ومحطات إطلاق ومركبات دعم أخرى. كما أن لها قدرات مختلفة حسب نوع الصاروخ المستخدم. وهي مصممة لاعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية ويمكنها إسقاط التي دأبت روسيا على إطلاقها لضرب البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا. لكنها مكلفة للغاية لتدمير مسيّرات لا تكلف سوى آلاف الدولارات.

كما لن تتمكن أوكرانيا من نشرها على أرض المعركة قبل بضعة أشهر. فقد قال مسؤولون أمريكيون إن باتريوت ستصل أولا إلى ألمانيا حيث سيتدرب الأوكرانيون شهورا على كيفية استخدامها، لأن تشغيلها يحتاج إلى عشرات الجنود.

للوقوف على كل ما يتعلق بمنظومة باتريوت وكذا تسليح الغرب لأوكرانيا وأيضا سبل التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب دبلوماسيا، حاورنا  المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية.

• بوتين قال إن روسيا تريد إنهاء الحرب في أوكرانيا.. هل لا يزال الحل الدبلوماسي ممكنا؟

الدبلوماسية هي دائما أفضل حل وهي الحل الذي تفضله الولايات المتحدة وقد كان هذا الحل مطروحا على الطاولة قبل أن تشن روسيا حربها. لقد قمنا نحن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ودول أخرى وحتى أوكرانيا بتقديم عدد من المقترحات على روسيا لحل المشكلة بشكل دبلوماسي، لكن الرئيس بوتين اختار أن يشن هذا الغزو الهمجي. بالتالي هذا السؤال يجب أن يطرح على الرئيس بوتين لأنه هو من رفض كل أشكال الدبلوماسية واختار العنف وضرب كل المواثيق والقوانين الدولية بعرض الحائط. في الوقت الراهن، هذا الخيار بيد أوكرانيا حكومة وشعبا لتقرر الوقت المناسب والشروط المناسبة للتفاوض، ونحن علينا أن نؤمن لها كل ما يلزم لتتمتع بأفضل موقف سواء على أرض المعركة أو طاولة المفاوضات.

• ألا تعتقدون أن تسليح أوكرانيا هو رسالة تصعيدية ضد روسيا؟

لنتذكر من بدأ التصعيد في فبراير/شباط 2022 عندما دخلت القوات الروسية برا وبدأ القصف الروسي جوا، ضد الدولة الأوكرانية ذات السيادة. تسليح أوكرانيا الآن هو واجب أخلاقي لأنها تدافع عن نفسها، بعكس روسيا وهي المعتدية على جارتها، الدولة ذات السيادة ذات الحكومة المنتخبة ديمقراطيا. إذا توقفت روسيا عن غزوها، تنتهي الحرب ويتمكن المدنيون من محاولة العيش بسلام مرة أخرى. أما إذا توقفت أوكرانيا عن القتال، فستنتهي دولة أوكرانيا بأكملها، لأن هذا هو الطموح الروسي. إذا من الذي يقوم بالتصعيد هنا؟

• هل منظومة باتريوت قادرة على حماية أوكرانيا؟

بالتشاور مع وزارة الدفاع والحكومة الأوكرانية وشركائنا وحلفائنا الذين يقدمون الدعم لأوكرانيا، نحن نقدم كل ما في وسعنا لمساعدة الأوكرانيين على التصدي للهجمات الروسية. الباتريوت منظومة مهمة جدا وستكون من الأصول الحاسمة للدفاع عن الشعب الأوكراني ضد الهجمات البربرية الروسية على البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا. نحن نقدم الدعم العسكري الحاسم للتصدي للأشكال المختلفة من الهجمات الروسية. وإذا نظرنا إلى آخر 300 يوم، فقد استطاع الجنود الأوكرانيون الأبطال التصدي للهجمات الروسية وهذا دليل على أهمية المساعدات التي يتم تقديمها لأوكرانيا.

• لماذا ترفضون تسليم أوكرانيا أسلحة تطالب بها مثل صواريخ أتاكمز ودبابات أبرامز؟

لا نستطيع أن نخوض في التفاصيل العسكرية والتكتيكية بشكل علني لأسباب أمنية. لكن يمكننا أن نؤكد أننا نقدم كل الدعم المطلوب واللازم لتحمي أوكرانيا نفسها ولتتصدى للهجمات الروسية. هذه المناقشات خاصة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الأوكرانية، ونؤكد مجددا أن تصدي أوكرانيا للحرب الروسية لأكثر من 300 يوما هو دليل على قوة المساعدات التي يتم تقديمها. نحن نقف متضامنين مع أكثر من 40 دولة تدعم دفاع أوكرانيا عن نفسها. ونشجع بشدة الدول الأخرى على الاستمرار في توفير المعدات العسكرية اللازمة لأوكرانيا للدفاع عن نفسها، ونحن نعمل على تسهيل عمليات النقل حسب الاقتضاء.

أمين زرواطي