قانون الرعاية البديلة.. يسمح بكفالة طفل في أسرة بديلة


كثير من الأسر المسيحية تسعى لإنجاب أطفال لكن الله لم يسمح بعد.. وتمر الأيام على هذه الأسر في رحاب الأطباء والعلم والتقنيات الحديثة، فمنها من ينجح وأخرون يتوجهون لحلول أخرى منها التبني أو الكفالة، أومجموعة أخرى من الأسر تختار التبني أو الكفالة من منطلق احتضان طفل محتاج حضنهم كرسالة أو هدف في حياتهم.. ومن ناحية أخرى نجد أطفالاً مصريين مسيحيين ليس لديهم أسر ويفتقدون الرعاية الأسرية يحتاجون لدمجهم في أسر بديلة غير أسرهم الأصليين.. وإن كان القانون المصري لا يتيح هذا تحت مسمى التبني، لكنه يسمح بما يعرف بالكفالة.. الكفالة ليست للمسلمين فقط بل للمصريين جميعاً، وهي تسمح للطفل أن يعيش في منزل وسط أسرة بديلة عن أسرته التي فقدها – أي كانت الأسباب..

ما رأي الكنيسة في الكفالة؟ وما هي الخطوات للحصول على طفل بهذا النظام؟ وإلى أي جهة نتوجه للخوض في هذه التجربة؟ أسئلة كثيرة قد تخطر في أذهان كل أسرة تتمنى أن يكون لديها طفل.. ومن هنا توجهت وطني للمسئولين والكنيسة وتكلمت مع أول أسرة مسيحية خاضت تجربة الكفالة ونجحت في تحقيق حلمها برعاية طفل في منزلها..

 

الكفالة هي نظام رعاية بديلة للأطفال فاقدي الرعاية الأسرية وهذا النظام قريب من فكرة التبني. والكفالة هي النظام القانوني الوحيد حالياً في مصر الذي يسمح برعاية طفل في أسرة بديلة لعدم قانونية نظام التبني في مصر، وهذه العملية تتم تحت إشراف وزارة التضامن الإجتماعي.

وقد أثبتت الحقائق العلمية أن الطفل يحتاج أن يعيش في بيت وسط أسرة صغيرة أكثر من دور رعاية، وذلك لأن التطور النفسي والعاطفي والصحي للطفل يتطلب وجود راعي ثابت وشخصي مثل الأب والأم، والطفل المتمتع بالتعلق العاطفي الأسري الآمن يثق بالعالم والآخرين ويستخدم المنطق والتفكير العقلاني لحل المشكلات بسبب رعاية أهله له، أيضا يمكنه التعامل بشكل أفضل مع الإحباط والتوتر خلال حياته لأن أسرته تعضده وتكون سند مباشر له، وكذلك يكون التركيز في تنمية وتعديل سلوك الطفل وعواطفه بمتابعة دقيقة من الأهل. كل هذا ينتج عنه طفلاً واثقاً في ذاته ويعتمد على نفسه عندما ينضج.

 

ما الفرق بين الكفالة والتبني؟

الكفالة مسموح بها في القانون المصري أما التبني مازال غير مسموح به في نفس القانون، في حالة الكفالة لا يتم نسب الطفل إلى الأسرة الجديدة أما في حالة التبني يكون الطفل منسوب للأسرته الجديدة. وفي حالة الكفالة لا يرث الطفل كإبن طبيعي ولكن يمكن حل هذا بكتابة وصية أو هبة للطفل المكفول أما في حالة التبني يرث الطفل كابن طبيعي، وفي حالة الكفالة لا يوجد ولاية للأسرة البديلة على الطفل، ولا يوجد وصاية لها على الطفل لكن تمنح الأسرة البديلة الولاية التعليمية فقط، أما في حالة التبني يكون للأب الولاية والوصاية الكاملة على الطفل.

 

 الدولة تدعم الكفالة

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي عن نظام الكفالة: تم تطوير نظام الكفالة خلال الأعوام الماضية بشكل كبير بمداولات كثيرة بين الحكومة والوزارة المختصة وهي وزارة التضامن، وذلك لأن المعايير والمحددات التي ينص عليها تطبيق هذا القانون كانت صارمة جدا.. لكن بمراقبة التجربة والمتابعة بدقة وكان رد الفعل مثمر جدا ولصالح الطفل المصري.. وعندما نقارن بين بيئة اجتماعية داخل دار رعاية جيدة وبين بيئة اجتماعية لطفل داخل أسرة مستواها متوسط، لوجدنا أن المناخ الأسري له تأثير إيجابي أكثر بكثير من دور الرعاية، فلا يمكن أبداً توفير الرعاية لعدد أطفال كبير مهما كانت جودة دور الرعاية مقارنة بالأسرة وتعاملها مع طفل أو اثنين.

 

دار رعاية أم أسرة بديلة؟

وصرحت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، حول قانون الرعاية البديلة قائلة: إن قانون الرعاية من أهم قضايا حقوق الإنسان في مصر والاستثمار في البشر والاهتمام بالطفولة والشباب، ومن هذا المنطلق نهدف إلى تقليل عدد دور الرعاية ونفتح الباب واسعاً للرعاية البديلة بكافة أنواعها من خلال أسر بديلة غير البيولوجية لكفالة الأطفال ورعايتهم. فلا يجب أن ينشأ الأطفال في عنابر مؤسسات بل يجب أن يكون لهم مكان في منازل وسط أسر تحتضنهم وتقوم على رعاية طفل أو اثنين أو ثلاثة بتركيز. والدولة المصرية لا تقبل إلا بحياة كريمة لهؤلاء الأطفال، فهم أطفال عزل تهتم الدولة بمصيرهم  وهي تلعب دور الأسرة لهم وتحاول أن تؤمن مستقبلهم.

وأكدت القباج أن وزارة التضامن تتعاون مع جهات كثيرة في الدولة والشركاء للعمل على قانون الرعاية البديلة، من المؤسسات الحكومية والنيابة العامة ووزارات الخارجية والداخلية والعدل أيضا الوزارات الخدمية من وزارات الصحة والتنمية والتعليم والتعليم العالي والتموين والإسكان، فنحن جميعاً نتكلم عن حقوق متكاملة للطفل وبالتالي نتكاتف جميعاً لضمان حقوق الطفل متكاملة من جميع الأطراف ومختلف الزوايا. هناك أيضا الجمعيات الأهلية التي تدير مؤسسات الرعاية وتتابع ملف الرعاية البديلة، وكذلك الهيئات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسيف التي دفعت بهذا الملف دفعاً محموداً وهيئات أخرى من المجتمع المدني وكذلك رجال الدين المسيحي والإسلامي لأن هذا الموضوع له جانب تشريعي، ويشاركنا في هذا العمل أيضا خبراء في مجال الطفولة.

وأوضحت الوزيرة أن القانون يركز على مختلف أنواع الرعاية سواء أسر ممتدة – من بعد الأسر البيلوجية، ولا يتم نزع الطفل من أسرته إلا إذا كانت تشكل خطر جسيم عليه مثل الأسر التي تسلك سلوكيات تهدد حياته ونشأته وتنميته، لذا نتوجه إلى الأسر الممتدة وبعدها الأسر الكافلة.

وشرحت الدكتور نيفين القباج أنه يجب متابعة الطفل أثناء عملية الكفالة حتى يصل إلى سن 18 وما بعدها أيضا حتى سن 26 لضمان جودة المنظومة، ولذلك كان يجب أن يتضمن بنود القانون هذه الألية بالتفصيل إضافة إلى أنه تم إعداد نظام إداري محكم لهذه المتابعة الدقيقة. ويجب تغيير نظرة المجتمع لهؤلاء الأطفال مع وجود آليات رقابة وآليات مساءلة للمخالفين، فهي منظومة متكاملة لمصلحة الطفل.

 

الكنيسة تدعم قانون الكفالة

يقول القمص موسى إبراهيم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الكنيسة دائما تدعم أي عمل بناء وبالطبع الكنيسة تنحاز للاستقرار النفسي لأفراد المجتمع، ووجود الفرد داخل أسرة يعتبر أكبر وأهم عامل للاستقرار النفسي للأفراد لأن الأسرة هي الوحدة الأصغر في بناء المجتمع.

وأكد المتحدث الرسمي على أن وجود قانون يتيح فرصة الكفالة لمن ليس لهم أسرة، لاشك أنه قانون ندعمه بشدة لأنه سيحقق لكثيرين من فاقدي الرعاية الأسرية أسر بديلة وسيحقق أيضا لبعض الأسر التي تسمح ظروفها بأن تتكفل طفلاً، هدف عظيم. والأمر في النهاية سيصب في صالح الأفضل للمجتمع والأفراد.

وبسؤال القمص موسى عن خطة الكنيسة من حيث تشجيع دور الرعاية لإتاحة الأطفال لهذا النظام الجديد، أوضح أن الكنيسة ليس لها إلا أنها تطالب كل ذي صفة أو كل من له دور في هذا الموضوع أن يدعمه بقوة، لأنه لاشك أن وجود طفل داخل أسرة أفضل بمراحل عن وجوده في أي مكان أخر. ونظام الكفالة يرفع عن كاهل الدولة وعن كاهل دور الرعاية أعباء ومسئوليات وجود الطفل داخل هذه الدور. وفي ظل وجود قانون منظم لهذه الألية الجديدة أعتقد أنه لا صوت يعلو فوق صوت القانون ولا سلطة أسمى من سلطته.

وفي نهاية تصريح المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الارثوذكسية، أثنى على اهتمام الدولة المصرية باصدار هذا القانون الذي يصب في صالح أفراد المجتمع ككل، ولاشك أنها خطوة للأمام بفضل أجهزة الدولة المعنية.

 

القانون يتيح للطفل الجو السلمي الذي يحتاجه لنموه البشري الكامل

وصرح نيافة الحبر الجليل أنبا أنجيلوس أسقف عام شبرا الشمالية، ومقرر لجنة الملاجئ المنبثقة من لجنة الرعاية والخدمة بالمجمع المقدس، موضحاً مستقبل دور الرعاية وأهمية الرعاية البديلة لدى القيادة السياسية، فقال: إنه يوجد توجه عام للحكومة والقيادة السياسة حاليا تجاه تواجد الأطفال فاقدي الرعاية الاسرية في أسر، أكثر من تواجدهم في دور رعاية، سواء كانت هذه الأسر أسرهم البيولوجية أو أسر بديلة وذلك لدمجهم أكثر بالمجتمع.

وشرح أنبا أنجيلوس أنه طبقا لتصريح الوزيرة نيفين القباج يتمثل الاهتمام بالرعاية البديلة في مجموعه من القوانين والقرارات التي يتم العمل عليها للوصول إلى أقل عدد من دور الرعاية وتغيير الدور الرئيسي لدور الرعاية من مكان يعيش فيه الطفل مدى حياته إلى مكان مؤقت يتواجد فيه الطفل إلى أن يتم حل مشاكله، إما بإعادة دمجه بأسرته البيولوجية أو بإيجاد أسرة بديلة كافلة له، أيضا تقوم دور الرعاية بتقديم الدعم المتخصص للطفل والأسرة.

وأكد نيافته أنه في اعتقاده أن دور الرعاية المسيحية سوف تظل قائمة نظراً لأن الأطفال داخل دور الرعاية المسيحية معلومي النسب، بالتالي نسبة قليلة جداً منهم يمكن أن يستفيدون بفكرة الكفالة ومنهم من يستحيل إعادة دمجهم في أسرهم البيولوجية، بالتالي سوف تظل منظومة دور الرعاية قائمة.

وأنهى نيافته كلامه شارحاً إن تبني طفل أو التكفل به هو عمل حب عظيم، وعندما يتم ذلك، يتم عملية عطاء الكثير، ولكن يتم أيضاً تلقّي الكثير، فإنه تبادل حقيقي للحب والعطاء بين الأسرة كلها. إن تبنّي الأطفال، ومعاملتهم معاملة الأبناء، يعني الاعتراف بأن العلاقة بين الوالدين والأطفال لا تقاس فقط بالمعايير الجينية، فالحب الإنجابي هو أولاً وقبل كل شيء هبة الذات، ولكن هناك أيضا شكل من أشكال الإنجاب يحدث من خلال القبول، والاهتمام، والتفاني. وعندما يكون هذا أيضاً محمياً قانونياً، كما هو الحال في قانون الكفالة، فإنه يتيح للطفل الجو السلمي، والحب الأسري من الأب والأم، الذي يحتاجه لنموه البشري الكامل .

 

 

المجتمع يستوعب كل جديد تدريجياً

وفي تصريح خاص من نيافة الحبر الجليل أنبا أنجيلوس أسقف لندن، المملكة المتحدة، ومقرر لجنة شئون إيبارشيات المهجر المنبثقة من المجمع المقدس، قال: سمعنا عن موضوع القانون في وقت سيمنار المجمع المقدس الشهر الماضي، وكانت خطوة إيجابية ومشجعة جداً تفتح مجال للأسر المسيحية التي تتشوق لوجود طفل وسطها وكذلك تفتح المجال للأطفال الذين ليس لديهم أسر أن يكون لهم أسر بديلة.

واكد نيافة أنبا أنجيلوس أن إطار الحوار كان التساؤل عن كيفية المساهمة للتعضيد ومباركة هذا النظام الجديد.

وأوضح نيافته أن هناك عدة طرق يمكن للكنيسة أن تساهم بها لتعضيد هذا القانون، أولها التوعية لكل الكنيسة من اكليروس وشعب لفهم المنظومة الجديدة، ثانياً توعية دور الرعاية ليكون لها دور فعال مع الأسر البديلة.

ولاشك أن الموضوع جديد على المجتمع كله، ويحتاج أن يتناول بدقة وترقب لضمان نجاح حالات الكفالة.. مع الاهتمام بتوعية دور الرعاية وتقديم الضمانات الواضحة لها حتى تطمئن على الأطفال الذين تتيحهم لنظام الكفالة، فلاشك أن دور الرعاية تعتبر هؤلاء الأطفال بمثابة أولادهم ومسئوليتهم ضمان مستقبل آمن لهم.. والمجتمع سيستوعب تدريجياً كل شئ جديد من أجل مصلحة الأطفال.

وأنهى أنبا أنجيلوس كلمته بالإشادة بهذه الخطوة الرائدة في مصر، وهذا الجهد المبذول من الدولة الذي يهدف لمصلحة الأطفال والمجتمع.

 

شعار “أسرة محتاجة طفل.. تحتضن طفلاً محتاجاً أسرة”

وصرح القمص رافائيل ثروت، كاهن كنيسة مارمينا فم الخليج، وعضو السكرتارية الفنية للمجمع المقدس، أن قداسة البابا كلفه بحضور حوار مجتمعي أعدته وزارة التضامن برئاسة وزيرة التضامن نيفين القباج والمستشارين واضعي القانون ويكون ممثلاً عن الكنيسة في هذا الحوار المجتمعي حول قانون الرعاية البديلة.

ورأى قداسته أن القانون رائع والدولة هدفها ضمان حق الأطفال أن يعيشوا حياة أفضل، وحتى بنود القانون يتكرر فيها هذا التعبير “نختار المصلحة الفضلى للطفل” وتسعى الدولة لضمان رعاية جيدة للأطفال.

وأوضح القمص رافائيل، أن القانون يتجه لفكرة الكفالة التي تدور حول أولوية ضم الطفل الذي ليس له أسرة ترعاه إلى أسرة بديلة مكونة من أب وأم وتتكفل كاملا بالطفل، وذلك يكون أحسن من وجود الطفل وسط عدد كبير من الأطفال في دور رعاية. ومن هنا سيكون الاهتمام بالطفل أكثر والرعاية به أحسن ويعيش حياة أفضل.

وأضاف أنه هناك رؤية مستقبلية للدولة عن شكل جديد لدور الرعاية، حيث يقترح أن تكون عبارة عن أسر صغيرة ولا يزيد فيها عدد الأطفال عن خمسة أو ستة ويكون في إطار أب وأم أيضا.

وأشار القمص رافائيل، أن قداسة البابا تواضروس شكل لجنة قانونية من الكنائس المصرية لمراجعة القانون جيداً، وأبدت اللجنة بعض الملاحظات والتعديلات على القانون، وجاري تقديم الملاحظات للوزارة. ومن جانبه شكر وزيرة التضامن نيفين القباج، لتعاونها واستعدادها لقبول ملاحظات الكنيسة على القانون وترحابها واهتمامها برؤية الكنيسة لهذا القانون.

ودعا قداسته من خلال جريدة وطني بنشر فكرة قانون الكفالة، وتبنى شعار “أسرة محتاجة.. تتبنى طفل محتاج..” وطالب بنشر هذا الفكر في كل دور الرعاية حتى يعلم الجميع أن بلدنا أصبح فيها قانون بكفالة طفل.. ومن هنا يمكن أن يكون هناك ترحيب بتكوين أسر جديدة والارتقاء برعاية شباب مجتمع المستقبل. فنحن نحتاج  إلى حملات توعية بالنظام الجديد، حتى يعرفه الجميع القانون والاجراءات المطلوبة ويقبل على قرار كفالة طفل بدون خوف.

والكنيسة تسعى لتشجيع كل أسقف في إطار إيبارشيته ودور الرعاية فيها على الاستجابة وتعضيد هذا القانون من أجل نشأة أحسن لأطفالنا.

 

ما الخطوات والاجراءات اللازمة للتقديم على كفالة طفل في المنزل بنظام الأسر البديلة؟

تتقدم الأسرة التي ترغب في رعاية أحد الأطفال طبقاً لنظام الأسر البديلة الكافلة، بالدخول على الموقع الالكتروني الخاص بوزارة التضامن لمعرفة كل الشروط التي تخص هذا الأمر والأوراق المطلوب تقديمها، وتسجل طلب الكفالة على الموقع الإلكتروني لوزارة التضامن.

(https://www.moss.gov.eg/sites/mosa/ar-eg/Pages/AF-Request.aspx)   ومن هنا يتم تسجيل الطلبات الواردة في سجل خاص، وتقوم الوزارة بإرساله إلي المديرية المختصة الكائنة في محل إقامة الأسرة الراغبة في الكفالة والجمعية أوالمؤسسة الأهلية المختصة. ثم تتوجه الأسرة إلى أقرب مكتب للشئون الاجتماعية وتقديم طلب لكفالة طفل في المنزل، وبعدها يتم تجهيز الأوراق التي يتم طلبها من مكتب الشئون الاجتماعية وتقديمها للمكتب.

المرحلة التالية هي الخضوع إلى اختبار نفسي وبحث حالة الأسرة ودراسة ضمان الدخل الثابت والبحث المنزلي والخلو من الأمراض والكثير من الشروط التي يجب أن تكون مستوفاه. وتقوم أخصائية الأسرة والطفولة بالإدارة الاجتماعية بعمل بحث ميداني للتأكد من استيفاء الأسرة للشروط المذكورة سابقاً، وتعد مذكرة مرفق بها المستندات المطلوبة وتقرير عن حالة الأسرة الإجتماعية للعرض على اللجنة المحلية للرعاية البديلة برئاسة السيد مدير مديرية الشئون الاجتماعية للبت في الموضوع والحصول على رأي اللجنة. وفي حالة الحصول على الموافقة تحصل الأسرة على جواب مشاهدة من اللجنة والذي يسمح ببدء عملية البحث عن الأطفال في دور الرعاية (المسيحية) لاختيار الطفل  المناسب. وبعد وجود طفل يتم استكمال إجراءات الوزارة لاستلام الطفل. وأخيرا، يتم تحرير عقد رعاية بين الأسرة البديلة الكافلة وإدارة الأسرة والطفولة بمديرية التضامن الاجتماعي بتوقيع عدد 2 ضامن ، وبعدها يخرج الطفل إلى أسرته البديلة.

 

 

أول قصة كفالة مسيحية والتحديات التي واجهتها

ماري بشاي.. الأم الكافلة: إبننا أعطانا حياة وفرحاً حقيقياً ونحن أعطيناه حضناً آمناً دائماً

 

تم بالفعل كفالة أول طفل مسيحي لأسرة مسيحية بنظام الأسر البديلة يوم 26 / 5/ 2022

وفي حديث وطني مع الأم ماري بشاي – أول أم كافلة مسيحية، بدأت الحديث عن خلفية بسيطة توضح حبها لفكرة تبني طفل من صغرها، حيث أنها كانت تعيش خارج مصر وكان لها صديقة لا تشبه أهلها إطلاقاً، وعرفت منها أنها طفلة متبناه، وبالرجوع لأهلها شرحوا لها فكرة التبني.. وقالت ماري بشاي: إني كنت دائما أراقب أسلوب أسرة صديقتي في بيتهم وكيف يتعاملون معها، وتركت هذه العائلة انطباع جميل بداخلي عن فكرة التبني.

واستمرت الأم تروي: لما كبرت كانت خدمتي كلها موجهة للأطفال سواء في العشوائيات أو في الملاجئ، ومرت السنين وتعرفت على زوجي واتفقنا أن يكون لنا طفل بيلوجي وطفل متبني، ولكن لم يرزقنا الله بطفل بيلوجي، فتوجهنا إلى الحل الذي كنت أحلم به لأكون أم لطفل متبنى.

ومن عام 2017 بدأت اسأل عما يتم في مصر حيث أن التبني ممنوع قانوناً، وبعدها بدأت تظهر فكرة الكفالة للمسلمين في مصر ومن هنا دخلت على مجموعات الكفالة على شبكات التواصل الاجتماعي وفي عام 2018 بدأت أسأل وابحث في الأمر بجدية وكل مرة ينصحني أحد أن أتوجه للكنيسة حتى تدلني ولم يحالفني الحظ لمعرفة شئ عن الكفالة المسيحية.

وارشدتني مسئولة في أحد مجموعات التواصل الاجتماعي إلى سيدة مسيحية – مارلين ناجح، والتي تعمل في هذا المجال، ولإيمانها بالفكره ورغبتها في إتاحة نفس الفرص للأطفال المسيحيين أسست مجموعه دعم للأسر ثم مبادرة “كفالة طفل مسيحي” وبالمتابعة معها وضحت لي أن الإجراءات هي نفسها سواء للمسيحيين أو المسلمين، بما أن القانون يسري على كل المصريين.. ولكن الأمر كان مازال مبهم لأن أغلب الموظفين ليسوا على دراية أن المسيحيين يمكنهم الخضوع لنفس القانون، وكذلك عدم معرفة الموظفين من هي الفئات المصرح بها من الأطفال للأسر المسيحية – وذلك ليس لأن القانون غير واضح بل السبب هو عدم دراية الموظفين، ومن ناحية أخرى عدم دراية الملاجئ المسيحية بهذا النظام وعدم تعاملهم فيه من قبل.

وأوضحت ماري: بدأت مشواري بمساعدة مارلين والمجموعة بدراسة القانون جيداً لمعرفة الفرق بين الأطفال معلومي النسب ومجهولي النسب. وكان في الحقيقة أكبر تحدي في هذه الرحلة الملاجئ المسيحية إما لعدم الدراية بأن نظام الكفالة للمصريين جميعاً أو الحيرة في البت في مصير الأطفال حيث أنهم معلومين النسب ولديهم أسر مازالوا على قيد الحياة، فكانوا يعتقدون أنه إن كان يوجد استحالة لوجود الطفل مع أسرته إلا أنه له الحق في نسبه لهم ومن هنا لا يقتنعون بفكرة وجود أسرة جديدة في حياة الطفل، أو لانهم يحبون هؤلاء الاطفال ولا يريدون انهم يرحلوا من دور الرعاية او لإيمانهم أن رعاية الأيتام هو دور الكنيسة منذ زمن وأن هذا لابد أن يستمر او ربما لاعتقادهم أن استمرار دور الرعاية هو استمرار لدورهم في العطاء لهؤلاء الأطفال..

وهنا بدأت رحلة الكفاح في عملية الشرح والإقناع لكل ملجأ أدخله، ولكن لم يحالفني الحظ في ملجأ مستعد يكون الأول في الخوض تلك التجربة وربما لأسباب أخرى..

وفي النصف الثاني من عام 2021 قدمت الأوراق بوزارة التضامن وقمنا بكافة الإجراءات، وكانت الأمور سهلة وواضحة وميسرة من قبل الحكومة، وكان دعم الموظفين ملحوظ ومميز في كل المكاتب التابعة لوزارة التضامن. وبقي التحدي الأكبر وهو البحث عن طفل واقناع الملاجئ المسيحية بمنظومة الكفالة، وإتاحة الفرصة للأسر لمشاهدة الأطفال.

ومن ناحية أخرى وبحكم عملي في مؤسسة Save the children  عملت أبحاث وافية عن الفرق بين الطفل الذي ينشأ في دور رعاية وبين الطفل الذي ينشأ وسط مناخ أسري، في الحقيقة أن النتائج العلمية كانت كثيرة جدا وفي صالح الكفالة الأسرية، فكنت أتسلح بهذه المعلومات في رحلتي للبحث عن طفل..

وبعد شهور من هذه المحاولات التي باءت بالفشل، قررت أنني لن استمر في هذا المشوار إلا إذا فتح الله الباب بطريقته.. ومن هنا حدث موقفين وكأن الله “في وقته يسرع به”، الموقف الأول أنني توصلت إلى لقاء مع قداسة البابا تواضروس الثاني وعرفته كل قصتنا مع الكفالة وسألته إن كان عنده مشكلة مع فكرة الكفالة، وبالطبع قال أنه ليس لديه أي اعتراض بل بالعكس هو يشجع الفكرة إن كان المقبلين على هذه الخطوة واعيين بهذا النظام ومرحبين به، وأكد قداسته أنه لا يمنع أي دار رعاية من إتاحة الأطفال لنظام الكفالة طالما يتم تحت رعاية الوزارة ويضمن أمان الأطفال. وبعدها صدر بيان من المتحدث الرسمي باسم الكنيسة يؤكد على مباركة الكنيسة لهذا القانون ويشجع دور الرعاية لمساعدة الأسر الكافلة للبحث عن أطفال. ثم صدر أيضا بيان من وزارة التضامن تدعو دور الرعاية المسيحية للتعاون واسندت للمديريات التي يتبعها دور الرعاية بالرقابة على تنفيذ إتاحة الأطفال للمشاهدة الأسر الكافلة.

والموقف الثاني كان أن أرشدني الله بطرقه العجيبة إلى مكرسة مسئولة عن ملجأ واتصلت بها وشرحت لها كل التفاصيل، فقالت أنها متقبلة الفكرة وعلى استعداد التعاون برغم أننا أول حالة تتوجه إليها. ولأن أبواب الله تفتح من وسع، قابلنا المكرسة ورأينا طفلاً جميلاً وتأثرنا به من أول لقاء وكانت ظروفه تسمح بالكفالة.. ومن هنا شجعتنا المكرسة أن نزوره أكثر من مرة وخرجنا مع الطفل في وجود مكرسة وبدأت مرحلة القبول بيننا. وأنا أدين لهذه المكرسة  أنها حتى وقت الأزمات وصعوبة الإجراءات كانت هي مصدر عزائي وتشجيعي، وفي أدق تفاصيل تربية إبني المكفول كانت ومازالت تنصحني، وكثيراً ما أجد أسلوبها ينطبق مع الدراسات العلمية العالمية في تربية الأطفال، فهي وباقي المكرسات في المكان مازالوا يعتبروا الأسرة الممتدة لإبني في حياته.

وبعد خوضنا التجربة وإنهاء كل الإجراءات واختيارنا للطفل وقبوله لنا، استلمنا الطفل وأصبح إبننا الذي أعطانا حياة وفرح حقيقي ونحن أعطيناه حضن آمن دائم والذي هون علينا مشواراً ليس سهلاً على الإطلاق.

 

 

 

وأكدت ماري بشاي أنه برغم غرابة الفكرة على المجتمع المسيحي وطول المدة وكثرة الإجراءات، لكنني قررت أن أطبق القانون حتى أكون صادقة أمام نفسي وأمام إبني الذي سأكفله وأمام القانون فهذا هو المسار القانوني الوحيد في مصر الذي يسمح به الأن وأي وسيلة أخرى قد تعرض الأطفال إلى مشكلات وصدمات خلال عمرهم.

واستكملت ماري كلامها عن تجربتها، حينما جاءت الزيارة الثانية لنا لقداسة البابا تواضروس، وهذه المرة كان معنا إبننا، قال قداسته لي أنني نجحت في الحصول على ميزة، طال كفاح أسر كثيرة للحصول عليها في إطار القانون المصري.. فبرغم أنني لم أتبنى الطفل بل تكفلت به إلا أن النتيجة واحدة في أنني أصبح لدي طفل في بيتي وداخل حضني وسيكبر في حضننا بدل وجوده في دار رعاية مع مئات الأطفال.

وخلال زيارتنا لقداسته كان متابع لإبني بمنتهى الدقة، فكان تعليقه أن تصرف هذا الطفل معي كأنني والدته البيولوجية منذ ولادته حيث أن تعامله معي براحة واضحة برغم وجوده وسطتنا من شهور فقط، وهذا ينم على نجاح هذه المنظومة وتعطش الأطفال لأسر صغيرة تهتم بهم مهما كان سن الطفل.

 

 

 

 

شهادة عن الكفالة أمام سيمنار المجمع المقدس

ومن هنا طلب قداسة البابا من مارلين ناجح مؤسسة المبادرة وماري بشاي كأول أم مسيحية كافلة التواجد في المجمع المقدس لشرح منظومة الكفالة ولتروي ماري تجربتها، وتوضح للمطارنة والأساقفة الأجلاء كيف يمكن لأسرة مسيحية مصرية أن تضم طفل لحضنها في إطار القانون المصري الموجود الأن. وبالفعل حضرت السيدتين سيمنار المجمع المقدس المنعقد نوفمبر الماضي وكانت شاهدة على أول تجربة يمكن أن تكون مسار آمن لأسر مسيحية كثيرة.

 

كيف يمكن للكنيسة المساعدة في هذه الخدمة للأطفال؟

وشرحت ماري باختصار ما تم في سيمنار المجمع المقدس، حيث تم تقديم اقتراح للمجمع المقدس للخطوات المستقبلية التي تساعد تطبيق هذا القانون.. تحت رعاية اللجنة المجمعية الفرعية لرعاية الملاجئ، والتي تركز على نشر الوعي بفكرة الكفالة وأهميتها للطفل، على جميع المستويات داخل الكنيسة – من كهنة ومكرسات وقادة دور رعاية وشعب. إضافة إلى حث دور الرعاية للتعاون مع الأسر المقبلة على الكفالة وترشيح الأطفال التي تنطبق عليهم اللوائح ويمكن خروجهم بنظام الكفالة.

 

وفي إطار خبرة ماري بشاي العملية من خلال قراءتها وعملها.. سألناها عن تأثير حقيقة الكفالة أو التبني على الطفل وهل أفضل لمصلحة الطفل هي معرفة حقيقة أنه مكفول أم عدم المعرفة؟

أكدت ماري أن كل الدراسات العلمية وضحت أهمية معرفة الطفل بحقيقته أنه مكفول أو متبني، وذلك لأن اكتشاف الحقيقة لاحقاً تجعل صورة الأسرة عند الطفل تهتز وينتابه عدم الثقة في أقرب الناس من حوله.. لذا مهم الصراحة أمام الطفل حتى تكون قصته واضحة أمامه وهو لا ينسجها من خياله..

وأشارت أن العلم ينصح بعمل كتيب صغير بكل المعلومات المتاحة منذ ولادة الطفل وأسماء الأهل الأصليين إن وجدت، ودار الرعاية التي نشأ فيها حتى وصل إلى اسرته البديلة، كل مرحلة عمرية يتم ملء جزء من هذا الكتيب مع الطفل حتى يستوعب حقيقة حياته كلها ويشعر أنه مميز.

هذا الكتيب البسيط يجاوب على أسئلة كثيرة بداخل الطفل والتي إن لم تأتي إجابات عليها ينسجها هو من فكره وتتكون لديه مشكلات نفسية قد لا يتخطاها. وتساعده أن يرى تطور لحياته كاملة ولا يعيش في فقرة مفقودة منها.

 

وماذا تنصحين الأسر الكافلة الأخرى؟

أكدت ماري بشاي أول أم مسيحية كافلة أن الطفل والمجتمع كله يكتسب ثقته، وبالتالي يظهر قبوله ودعمه من ثقة الأهل الكافلين وثقتهم في أسرتهم وحبهم لطفلهم.. ونصحت المقبل على نظام الكفالة لابد أن يفرح بأسرته ويظهر هذه الشجاعة.

سيفاجئهم المجتمع بأكمله كما فاجأنا بقبول وحب إبننا بشكل لم نتوقعه.. لقد ابهرنا المجتمع برمته، بدءاً من أسرتنا مروراً بالأصدقاء وحتى مسؤولي الحضانات والمدارس.

وأشارت ايضا أن الكفاله مشوار لا ينتهي بوجود الطفل في أسرته الجديده، بل يبدأ.. عادة ما سيكون الأطفال المناسبين لنظام الكفاله كبار (ليسوا أطفال رضع) وهذا يعني أن الطفل يأتي بخبرات وعادات مختلفه وقد يكون قد اختبر تحديات، وكل هذا يتطلب الدعم والحب حتى ينخرط في حياته الجديده ويصبح جزءاً منها.

من المخاوف التي كانت تراوضنا في أول الأمر، هي سن الطفل، وذلك لاعتقادنا أن الطفل حديث الولادة أو في سن مبكر سيتكيف أكثر عند تغيير مكانه ولن يكون متعلقاً بأسرته الكبيرة في الملجأ.. ولكن في الحقيقة الصورة ظهرت مختلفة عن توقعنا، لأن حتى الأطفال  (من 3 سنوات حتى عشر سنوات تقريباً) يدركون تدريجياً الوضع الجديد ويتكيفون معه في ظرف شهور.. وسرعان ما نجد الطفل يتفاعل من أبويه الجدد كأنهم أسرته الأصلية، ويبدأ يتطبع بهم وبعاداتهم وكلامهم وأسلوبهم.

 

“الكفالة”.. أعطتني إبنا أصبح محور حياتي

وفي الحديث مع أمير – الأب.. قال: خبرتي مع الكفالة تنقسم إلى 3 أجزاء، الجزء الأول هو ما قبل الكفالة وهو كان الجزء الأصعب لي لأن الموضوع كان مبهم وبه تحديات كثيرة وراودني في تلك الفترة أفكار كثيرة ومشاعر تردد عنيفة بسبب التفكير في من هو الطفل الذي سيعيش معك وماذا حدث له وهو صغير والكثير من التفاصيل التي كنت أتوقف عندها. إضافة إلى حوارات كانت تقودك للتفكير وتساؤلات عن مستقبل مبهم، ربما لا توجد إجابات عليها حتى إذا كان هذا الطفل إبني البيولوجي فعلاً.. هذه المرحلة لم ترتبط بمؤسسة معينة أو طفل محدد، إنما كانت المرحلة التي يدور فيها التفكير أن إنسان غريب سيعيش معك وستكون مسئول عنه والحكومة ستكون جزء من حياتك.

وانتهت تلك المرحلة بعد التفكير كثيراً والتحدث مع زوجتي وتأملات شخصية استخلصت منها أن الموقف لن يختلف إن كان هذا الطفل إبني البيولوجي أم إبني بالكفالة، ففي الحقيقة من اللحظة التي سيعيش هذا الطفل معك في البيت ستكون مسئول عنه ولن يكون هناك فرق مطلقاً من أين جاء، بمجرد وجود طفل يعتمد عليك ستتحرك بداخلك روح المسئولية.. وكل هذا كان عاملاً أساسياً ساعدني على قبول الفكرة.

الجزء الثاني من تجربة الكفالة كانت عملية اختيار الطفل، وبالطبع كان لدينا تصور من المواصفات التي نبحث عنها وأهمها السن الصغير، ومحددات كثيرة أخرى، لكن وصلنا إلى نقطة إلتقاءنا بإبننا ووجدنا راحة وقبول بيننا عجيبة لم أستطع أن أفسرها حتى الأن، والتي كسرت العديد من المواصفات التي كانت في قناعتنا أن وزوجتي.. وهذه المرحلة كانت دقيقة وربما أطول مرحلة في التجربة لأننا كنا حريصين على معرفة الطفل والتأكد من قبوله لنا وراحته النفسية معنا، وتم ذلك من خلال مكالمات وخروج ودراسة حتى تأكدنا وتحركنا في الإجراءات الرسمية للتسليم.

وبعدها وصلنا إلى مرحلة أنه يعيش معنا فتم تجهيز غرفة نوم وملابس جديدة، كما يكون الحال مع أي إبن بيولوجي، كل الفرق أنه أكبر قليلاً من الإبن البيولوجي.

وتبدأ خبرة وجوده معنا في المنزل طول الوقت، ومرت علينا أول أسابيع نتعرف فيها على بعض ونفهم بعض، وخلال تلك الفترة كنا معضدين ومدعمين من دار الرعاية التي كان يعيش فيها إبننا حتى لا يشعر أنه انفصل تماماً عن حياته الماضية. وكذلك أشخاص ذو خبرة بالتعامل مع أطفال في مثل حال إبني حتى تمر أول فترة بشكل هادئ وبسيط. واستمرت هذه المرحلة أسبوعين أو ثلاثة بعد وجوده معنا في المنزل.

 

 

الجزء الثالث من التجربة هي مرحلة التكيف، بعد ما استقرينا وعرفنا بعض، فكل واحد فينا من أفراد الأسرة عنده شخصيته ومشاكله والكثير في جعبته، سواء نحن أو هو، كلنا كان علينا نتكيف مع بعض. إضافة إلى وجود طفل له اختبارات ماضية وتحديات كانت في حياته بدأت تظهر على السطح، والمطلوب مني أن أتعامل معها بطريقة أبوية وتتابع مع كل ذي خبرة في هذا الأمر بدقة لأن هذه المواقف تحتاج تعامل دقيق حتى نخرج منها بأمان كلنا.. فكرة أن يكون عندك طفل كبير له شخصيته التي تكونت بعيداً عنك ولم تكن مستمدة منك في بداية حياته تحتاج لحكمة واحترافية في إدارة الموقف والمتابعة من مسئولين في موضوع الكفالة أو من خلال كتب علمية عن أطفال التبني وطرق التربية السليمة.. خلال فترة التكيف ممكن أتكلم أن 95% من الوقت كان سعادة ودفء بوجود الطفل في البيت، أما التحديات التي تطلبت الوقوف عندها لم تتعدى 5 % من الوقت.

بعد حوالي شهر من وجود إبننا معنا، أنا فقدت الإحساس أن هذا الطفل مكفول وأصبحت أتعامل وأشعر به كإبني البيولوجي، فقد ارتبطنا به عاطفياً جداً واصبح مصدر سعادة وفرحة في قلبي وحياتي. ومن هنا أصبحت المرحلة الثالثة مرحلة سعادة وانطلاق فوجوده هو بركة من ربنا لم نكن نتخيل مداها وحجمها من قبل.

وخلال مرحلة التكيف، يرتاح الطفل ويبدأ التعامل كجزء من الأسرة ومن هنا نبدأ كلنا أن نتصرف بطبيعتنا.

وما تعلمت خلال هذه المراحل هو أهمية إدراك الأهل أن هذا الطفل ليس طفل عادي، لأنه ربما تم حرمانه وهو صغير من أمه أو ربما تعرض لعنف خلال حياته الأولى.. أشياء متعددة كونت عنده خبرة في سنينه القليلة ربما تحتاج إلى تظبيط بحكمة من خلال ردود أفعالنا كأهل لضمان استعادة ثقته بمن حوله وثقته بنفسه وتصحيح نظرته للدنيا كلها من حوله حتى يشعر بالأمان والراحة والسعادة ويبدأ يتحرك في الدنيا ويكبر ويتعلم كيف يكون معتمداً على نفسه وسعيداً في حياته وبما وصل إليه في مستقبله. واعتقد أن هذا هو هدفي ومسئوليتي الحالية كأب فعلي لهذا الطفل، فهو أصبح أهم شئ في حياتي وكل ما أخطط له يدور حول تأمين مستقبل هذا الولد.

والأغرب في تلك التجربة أن هذا الطفل الصغير أصبح الدافع الرئيسي لي أن أكون أحسن في عملي وأهتم أكثر بصحتي وحياتي من أجله ومن أجل مسئوليتي عليه. وهذا يحدث مع أي أب سواء الطفل كان إبنه البيولوجي أو إبنه بالكفالة أو التبني..

 

 

 

 

مبادرة “كفالة طفل مسيحي”

أسست مارلين ناجح وإحدى صديقاتها مبادرة “كفالة طفل مسيحي” في فبراير 2021 لمساعدة الأسر المسيحية الراغبة في الكفالة ومساعدة الأطفال المسيحيين للحصول على حقهم في تلقى رعاية أسرية بديلة.

https://www.facebook.com/KafalaCH

وبسؤال السيدة مارلين ناجح عن مبادرة “كفالة طفل مسيحي” وكيف بدأت وما هي رسالتها، قالت مارلين: إن مبادرة “كفالة طفل مسيحي” بدأت بسبب رؤيتنا لقصص ملهمة لأطفال أبرياء تغيرت حياتهم وشخصياتهم بعد كفالتهم بواسطة أسر بديلة كافلة مسلمة، ورأينا فرحة الأمهات والآباء وشهادتهم بتغير حياتهم بوجود أطفالهم معهم.. وقتها تساءلنا إن كان الأطفال الأيتام المسيحيين أو من يعيشون في دور رعاية هل يتمتعون بنفس الفرصة أم لا..

ومن هنا أسسنا المبادرة لتكون هدفها تمتع كل طفل مصري مسيحي فاقد الرعاية الوالدية بنظام الأسرة البديلة الكافلة كحق أصيل له كطفل مصري ووصوله إلى أسرة بديلة كافلة تحيطه بما فقده من حب ورعاية وتنشئه.

وأوضحت “مارلين ناجح” أنها تؤمن أن البيئة الطبيعية للطفل هي المنزل وأن دور الرعاية هي مجرد مكان مؤقت للطفل حتى يصل الطفل الى أسرة بديلة عن أسرته التي فقدها. كما تؤمن المبادرة بحق الطفل المسيحي كأي طفل مصري فاقد الرعاية الأسرية في وجود رعاية بديله له تحت مظلة وزارة التضامن االجتماعي حسب لوائح وقوانين وزارة التضامن االجتماعي للأسر البديلة الكافلة.

وقدمت مارلين الشكر لكل أسرة من الأسر الأوائل الذين تحملوا الخطوات والإجراءات الكثيرة، ومنهم مازالوا يبحثون على أطفال، وشجعتهم على الاستمرار في مسيرتهم ليتحقق حلمهم وحلم الأطفال الذين ينتظرونهم.

 

 

 

 

 

وفي المادة 86 من القانون المصري يذكر الفئات من الأطفال الذين يمكن أن ينتفعوا من نظام الكفالة.. ينتفع بنظام الأسر البديلة الفئات التالية من الأطفال:

  • اللقطاء
  • الأطفال الذين يتخلى عنهم ذووهم
  • الأطفال الضالون الذين لا يمكنهم الإرشاد عن زويهم وتعجز السلطات المختصة عن الاستدلال على محال إقامتهم.
  • الأطفال الذين يثبت من البحث الإجتماعي استحالة رعايتهم في اسرهم الأصلية مثل أولاد المسجونين وأولاد نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية والأطفال الذين لا يوجد من يرعاهم من ذوي قرباهم أو يشردون نتيجة انفصال الأبوين.

 

لمعرفة شروط الكفالة التي وضعتها وزارة التضامن لقبول الأسر الكافلة إضغط على الرابط التالي:

 

https://www.moss.gov.eg/ar-eg/Pages/sector-service-detail.aspx?sid=51

 

تاريخ الخبر: 2022-12-25 00:21:58
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

إضراب وطني جديد يشل قطاع الصحة بالمغرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 15:26:35
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

إضراب وطني جديد يشل قطاع الصحة بالمغرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 15:26:36
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية