البطون الجائعة لايغريها السلام
البطون الجائعة لايغريها السلام
جنون الأسعار يواصل قفزه إلي جيوب ونفوس الناس, جنون الأسعار مازال في منحني تصاعدي ولا رابط ولا ضابط, بالرغم من هبوط سعر الدولار أمام الجنية المصري هبوطا طفيفا في البنوك, ألا أن اسعار السلع الأساسية خاصة الطعام تفسد علي الناس قيمة الستر التي يلتفحون بها ليبقوا صامدين أمام مسئوليات الحياة.
أمس تجولت في الشوارع راقبت وجوه المارة, والمشترين والبائعين, المحال تعرض ما لديها من السلع, لكنها للمشاهدة فقط, فالكل يشاهد ولا يشتري, أزعجتني تعبيرات الوجوه المقهورة قليلة الحيلة, فهذه امرأة شابة يسحبها طفلها من يديها:ماما عايز حاجة حلوة, يشيرة إلي كيس من الحلوي أقل من حجم كف اليد, تقف في مواجهة البائع:بكام ده فيرد عليها بعشرين جنيه, تبتسم ابتسامة تحبس بها دمعتين حائريتين في مقلتيها, ترافق بهما بكاء طفلها, وتقول:ده كان بسبعة جنيه ثم تحمل الطفل حتي لا يتشبث بالحلوي, وفي صمت تمضي, وهذا رجل في منتصف العمر, وقف يشتري لابنه ربع كيلو من الفول السوداني وحينما أخرج عشرين جنيها من جيبه قال البائع:بقي بخمسة وعشرين يا حاج صرخ الرجل:أنا اشتريته من أربع أيام بعشرين, ده استغلال إحنا رايحين علي فين, حتي الفول السوداني مش عارفين ناكله أما الطامة الكبري في محل الألبان, كيلو اللبن غير المعلب وصل 22جنيها,وكيلو اللبن المعلب27, رغيف الفينو منكمش الحجم السبعة أرغفة بعشرة جنيهات, ما أسرده ليس رفاهية, إنها متطلبات الطعام الأساسية لتلاميذ المدارس يوميا فمن أين للآباء توفيرها والدخول ملتهمة في فواتير المياه والكهرباء والغاز ولا يمكنني سرد التعليقات الهائلة التي سمعتها عن كيف يقاوم الناس أسعار ساندويتشات الفول والطعمية وعلب الكشري التي كانت الغذاء الأساسي للغلابة, واليوم يربطون البطون, لكن هل يمكن للبطون الجائعة أن تنام؟ هل يمكن للبطون الخائفة من الغد المجهول ومصير الأبناء أن تستقر أو تهدأ حينما تحدثهم عن الاحتمال يفجعون فقد احتملوا وفاض الكيل وحينما تحدثهم عن مقاطعة السلع المبالغ في أسعارها تجد نفسك تطلب المستحيل, فلا توجد سلعة واحدة من السلع الأساسية لم يقفز سعرها إلي ما يتعدي العاقل والمعقول حينما يجد الناس أطفالهم في حاجة للطعام والشراب ولا يملكون توفير القوت اليومي لهم, حينما تجد الناس تحت مقصلة الجشع والأزمات الاقتصادية يئنون, حينما تجد الناس وقت حلول الأعياد لايفرحون, حينما يصير العيد هما وغما علي غير القادرين حينما تجد النفوس محتقنة وخائفة ومهددة في أبسط حقوقها وهو إشباع من تعول. أعلم أن سلام المجتمع قد يكون مهددا فالبطون الجائعة لايغريها السلام.
فماذا أنت فاعل ياسيادة رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي؟ وقد أعلنت منذ يومين عن أن الحكومة الحكومة لن تسكت علي أي مبالغة أو مغالاة في الأسعار وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة مطالبا للمواطنين بالإبلاغ عن أي محل لايعلن عن الأسعار بعد انقضاء مدة مهلة الأسبوعين. هل تتصور أن الناس سوف تتفرغ للإبلاغ عن التجار؟عذرا…يبقي هانبلغ عن مصر كلها لقد قررت إعطاء مهلة أسبوعين للمنافذ التجارية لوضع الأسعار علي السلع وأنا أقولك لك إن الاسعار موضحة علي السلع وتباع بجرأة وتحد لأن تجار التجزئة يشترونها بأسعار مبالغ فيها من تجار الجملة الذين يشترون السلع من مصنعيها أولئك الذين حينما فرضت الحكومة التسعيرة الجبرية علي سعر الأرز تحدوا الحكومة وعطشوا السوق ومنعوا منتجاتهم ثم قاموا بطرحها بالسعر المناسب لهم, تعللا بأن كل ما يدخل في عمليات التصنيع والتعبئة والتغليف قد زاد سعره أيضا فلمن نشكو حينما تفشل الحيلة في حماية الناس.
[email protected]