تزايد الهجمات الروسية على البنى التحتية في أوكرانيا، واستمرار القتال عن قرب في باخموت، إضافة إلى ثبات الخطوط الأمامية في جنوب وشرق البلاد، يُنذر بأن الحرب ستستمر. فبينما يضغط الروس لإجبار كييف على دخول المفاوضات وهي ضعيفة، يريد الأوكرانيون مواصلة الضغط على أرض المعركة هذا الشتاء لطرد الغزاة واستعادة الأراضي المفقودة.

فيما يتوقف نجاح الجزء الأكبر من الخطط الأوكرانية على شحنات الأسلحة الجديدة التي تستعد الولايات المتحدة والدول الغربية لإرسالها إلى كييف في الأشهر المقبلة، خصوصاً وأن لديهم حزم مساعدات مالية ضخمة في طور الإعداد لإبقاء أوكرانيا تقاتل حتى ظهور طريق لإنهاء الحرب. السؤال المطروح على الغرب وأوكرانيا الآن هو: ما نوع الغاية التي يجب أن يسعوا لتحقيقها، وكيف يصلون إلى هناك؟

الإجابة عن هذه التساؤلات تتوقف في جزء كبير منها على الأسلحة الجديدة ونوعيتها التي قد توافق الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون على إرسالهم إلى كييف في الفترة المقبلة، بحسب مسؤولين حاليين وسابقين نقلت عنهم صحيفة البلوتيكو.

تجاوز الخطوط الحمراء

خلال الأشهر العشرة الماضية، مثل التدفق الهائل للأسلحة إلى أوكرانيا تحولاً كبيراً في نهج واشنطن السابق تجاه كييف. فيما ستشكل الحرب المتطورة في أوكرانيا اختبارات جديدة وصعبة في عام 2023 للخطوط الحمراء التي فرضتها الدول الغربية على الأسلحة التي تقدمها إلى البلاد.

وقد يكون تجاوز الخطوط الحمراء أكثر صعوبة مع استمرار الحرب، ولكن مع استمرار وجود مقاتلات F-16 الأمريكية والدبابات ألمانية الصنع، بالإضافة إلى الطائرات المُسيّرة الحديثة على قائمة الرغبات الأوكرانية، تنتظر العواصم الغربية أخذ قرارات أكثر صعوبة حول كمية المعدات المتطورة التي يمكنها، أو تريد، إرسالها على المدى القصير.

يُجادل قادة أوكرانيا بأن الصواريخ طويلة المدى ودبابات القتال الحديثة، الأسلحة التي يعتبرها العديد من الدول محظورة، الطريقة الوحيدة لإزاحة المواقف الروسية الراسخة وإنهاء الصراع. ومع ذلك، لا يزال المسؤولون يناقشون فعاليتهم في المعركة المقبلة وما إذا كان إرسالهم إلى كييف سيُثير روسيا لتصعيد الصراع إلى مستويات أكثر خطورة يمكن أن تُطيل الجدول الزمني لمحادثات السلام المحتملة.

زيادة الدعم العسكري

تظلّ الأولوية القصوى للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المطالبة بالمزيد من الأسلحة والذخيرة والمعدات، حيث جدد الزعيم مناشداته للحصول على أسلحة أكثر تطوراً خلال زيارته المفاجئة لواشنطن الأسبوع الماضي. بينما ظلّ الرئيس جو بايدن غير متأثر ببعض طلبات الحصول على دبابات وطائرات مقاتلة وصواريخ، شهدت الزيارة بعض الإعلانات الكبيرة عن توسيع الدعم العسكري.

ومن المنتظر أن ترسل واشنطن قريباً بطارية دفاع جوي من طراز باتريوت وقنابل دقيقة جديدة، وكلاهما كان يُنظر إليه على أنه شبه مستحيل أو غير عملي قبل أسابيع فقط. ولكن عندما تعلق الأمر بالأسلحة، تغيّرت الخطوط الحمراء لواشنطن مراراً وتكراراً منذ الهجوم في فبراير/شباط.

ففي غضون أسبوع من شهر مارس/آذار، زودت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي كييف بأكثر من 17000 صاروخ جافلين. وفي الربيع، بدأت إدارة بايدن توفير مدافع هاوتزر. ثم في يونيو/حزيران، أعلن البنتاغون أنه سيُرسل نظام صاروخ المدفعية هيمارس عالي الحركة، وهو قاذفة صواريخ حديثة استخدمتها كييف بنجاعة لتحرير جزء واسع من الأراضي التي كانت محتلة في الشرق والجنوب.

وبينما أثبتت هيمارس أنها دقيقة للغاية في استهداف المواقع الروسية، تكيّفت قوات بوتين مع هذا التهديد. فقد قال شخص مطّلع على تقييمات ساحة المعركة الأوكرانية إن الروس نقلوا مراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الأسلحة من نطاق 80 ميلاً من بطاريات هيمارس إلى نقاط أبعد جنوباً في شبه جزيرة القرم. أدت هذه الحركات إلى إضعاف بعض فاعلية الأسلحة، وزادت الدعوات إلى صواريخ "ATACMS" الأطول مدى، والتي يمكنها السفر لمسافة 190 ميلاً قبل أن تصيب الهدف بدقة.

قائمة مطالب طويلة

في حين أن الصواريخ طويلة المدى لا تزال على رأس قائمة رغبات أوكرانيا، يمكن أن تساعد الأسلحة الأخرى كييف على مواصلة هجماتها حول باخموت وفي الجنوب. وقال القادة العسكريون منذ شهور إن دبابات أبرامز الأمريكية ودبابات ليوبارد الألمانية يمكنها أن تقلب الموازين في بعض المعارك البرية القريبة المدى التي يتوقعون رؤيتها خلال الشتاء.

تدعو كييف أيضاً إلى استخدام الذخائر العنقودية، التي تستخدمها روسيا للتأثير المميت على ساحة المعركة. لكن هذه الأسلحة محظورة من أكثر من 100 دولة، وليس هناك رغبة في إدارة بايدن لإرسالها. بدلاً من ذلك، يواصل الغرب إرسال عشرات الآلاف من طلقات الذخيرة وقذائف الهاون كل بضعة أسابيع كجزء من كل حزمة مساعدات جديدة.

فيما جادل خبراء عسكريون بأن نظام باتريوت واحداً لن يكون كافياً للدفاع عن جبهة أوكرانيا التي يبلغ طولها 500 كيلومتر، وشددوا على أنه يجب استخدامها مع الدفاعات الجوية متوسطة المدى ومنخفضة الارتفاع.

وقد رفض البيت الأبيض رفضاً قاطعاً تزويد أوكرانيا بصواريخ "ATACMS" لأنه يُعتبر سلاحاً بإمكانه تصعيد الأمور للغاية مع موسكو ويحوّل النزاع ليصبح على صعيد عالمي بين روسيا والولايات المتحدة ومن خلفها الناتو.

TRT عربي