بعد حديث الرئيس السيسي عنه.. قراءة في أسرار كتاب البابا تواضروس

كتاب جديد يرصد عشر سنوات من صمود الكنيسة فى مواجهة الفتن

قال عن وصوله لكرسى البطريرك: ما أكرمها من مكانة وما أصعبها من مهمة

وصفه الرئيس السابق عدلى منصور بأنه «رابط الجأش لا تهزه العواصف»

كان الابن الأول ووالده مهندس مساحة والأم ربة منزل

والدته «رمانة الميزان وصمام الأمان» فى حياته.. وشجعته على الرهبنة

مواقفه وطنية وعظيمة فى ثورة 30 يونيو

أصر على دحض الصور المغلوطة عن مصر لدى الإعلام الغربى

تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى، مساء اليوم، عن كتاب لقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والذي يحمل اسم «البابا تواضروس الثانى.. سنوات من المحبة لله والوطن».

وقال خلال حضوره كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتقديم التهنئة بعيد الميلاد المجيد: «قولت كلام كلنا فاكرينه فى كل مرة اسمع حديث لقداسة البابا وكذلك الكتاب الذى صدر عن قداسته أجد بلاغة عظيمة، ولن أنسى قوله الأديان تتوافق وليس شرط أن تتطابق وهذا صحيح».

«مشوار طويل قبل أن يأتى اليوم الذى أجلس فيه على كرسى البطريرك، بإرادة الرب ومشيئته وما أكرمها من مكانة وما أصعبها من مهمة» هذه الكلمات تلخص ما جاء فى كتاب «البابا تواضروس الثانى.. سنوات من المحبة لله والوطن» الصادر عن المصرية اللبنانية حديثًا، والواقع فى ٣١٠ صفحات، يضم ١٢ فصلًا من حياة البابا، فضلًا عن احتوائه على العديد من الصور التى توثق رحلة البابا ولقاءاته الشخصيات العامة.

وفى بداية الكتاب وصف المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، فى مقدمته عن الكتاب قداسة البابا بأنه «شخصية وطنية، جذورها ضاربة فى أعماق الأرض المصرية، وأنه رغم ما واجهه من صعاب، كان رجلًا رابط الجأش، لا تهزه العواصف والنوائب مهما عظمت». 

والكتاب الذى حررته الإعلامية شيرين عبدالخالق، التى استغرقت ٣ سنوات وهى تسجل مع البابا كواليس الـ١٠ سنوات التى أمضاها فى منصب البابا للكنيسة المصرية، حيث قال البابا: «كان قدومى للأسرة بصفة أننى الابن الأول فرحة كبيرة، كان والدى مهندس مساحة ووالدتى ربة منزل وكنا نعيش فى مدينة المنصورة، وكانت متعتى الكبيرة فى الجلوس بالبلكونة أو أمام الشباك وأرى الناس ذهابًا وإيابًا، كانت حياة هادئة وبسيطة» ثم انتقل عمل والدى إلى سوهاج فانتقلنا معه أنا وأمى وشقيقتى هدى التى أكبرها بثلاث سنوات وظللنا فيها فترة».

ويروى قداسة البابا جانبًا من سيرته مُنذ مولده فى مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية فى ٤ نوفمبر سنة ١٩٥٢، مرورًا بدراسته الصيدلة وتخرجه فيها، واختياره الرهبنة، وسيامته أسقفًا، حتى اختياره بالقرعة وفق النظام الكنسى لمنصب البابا فى ٤ نوفمبر سنة ٢٠١٢.

وقال البابا: «ومضت أيامى وأحلامى تتحقق، وظلت أمى رمانة الميزان وصمام الأمان فى حياتى، ورغم تعلقى بأمى إلا أن قوة داخلية كانت تجذبنى إلى حياة الرهبنة، أتوق إليها، أرغبها بكل جوارحى، وحينما استشعرت أمى هذا الأمر، خاصة أنها عرضت علىَّ الزواج كثيرًا، قالت لى: (لو تريد أن تترهبن فلتفعلها ولا تؤجل الأمر)، وكانت هى العبارة الفاصلة وطوال الرحلة من الطفولة والشباب والدراسة والرغبة فى الرهبنة وخدمة الكنيسة مرورًا بكونى راهبًا إلى أن وصلت لأسقف، لم أكن أسعى أو أتخيل أن أكون بطريرك الكنيسة، حتى إن أمى كانت تُشفق علىَّ من هذا الأمر الجلل، إلى أن أصبحت بطريرك الكنيسة القبطية العظيمة، وأنا أضع نفسى فى خدمة الكنيسة وشعبها ووطنى مصر».

وأشار البابا إلى أن محبة الله، ومحبة الوطن، ومحبة الإنسان، هى الأساسيات التى نشأنا عليها فى الأسرة والمدرسة والكنيسة، وأن هذا الكتاب هو رحلة فى فترة زمنية هامة فى تاريخ مصر، كانت حوارًا امتد بالساعات، وصار كتابًا فيه رؤية وطنية لأهم أحداث تلك الفترة.

وتطرق الكتاب إلى رؤية البابا تواضروس البطريرك رقم ١١٨ فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التنويرية ودوره المهم خلال السنوات الماضية ومواقفه الوطنية العظيمة فى ثورة ٣٠ يونيو وما بعدها وإصراره الدائم على دحض الصور المغلوطة عن مصر لدى الإعلام الغربى، كما تناول الكتاب تفاصيل ما حدث فى مصر وما مرت به، وكيف وقفت الكنيسة المصرية والأزهر الشريف حائط صد، يحميان الوطن ويؤكدان قوتنا التى لن تزعزعها مؤامرات ولا تفرقة، وكذلك الرحلة البابوية مع أسرته.

قداسة البابا تواضروس، كان يهدف من إصداره الكتاب لتعم الفائدة وكحق أصيل لجموع المصريين فى أن يعرفوا ما حدث فى هذه السنوات من عاصروا وغيب وعيهم أو من لم يعاصروا، فيستطيعون من خلال هذا الكتاب أن يكونوا على وعى بمرحلة هامة فى تاريخ مصر الحديث.

وكشف البابا لأول مرة عن تفاصيل لقائه الرئيس الأسبق محمد مرسى بعد توقيعه قرار ترسيمه، ومحاولات جماعة الإخوان التودد الظاهرى للكنيسة، وتجاهلها شكاوى الأقباط ومخاوفهم، ثم تفاعل الكنيسة المصرية مع الشعب المصرى ضد حكم الإخوان خلال ثورة يونيو، وكواليس مشاركة البابا لشيخ الأزهر فى اجتماع الثالث من يوليو الشهير، واصفًا حكم الإخوان بأن مصر عاشت فى تلك الفترة فى أجواء ضبابية تحت حكم الإخوان.

وتناول الكتاب تسجيل وقائع شهدتها الكنيسة المصرية فى أعقاب ثورة يناير ٢٠١١، ومخاوف الأقباط ومعاناتهم فى ظل هيمنة جماعة الإخوان على الشارع السياسى، وكيف واجهت الكنيسة حوادث الإرهاب والاستهداف الممنهج من جانب الإخوان وأنصارها.

وتطرق البابا إلى جهود الكنيسة ومحاولاتها فى رد الفتنة والوقيعة بين المصريين، ومواجهة حملات التشويه المتعمد ضد مصر فى الإعلام الغربى، وفى إطار ذلك صك قداسة البابا عبارته الخالدة التى تناقلتها الألسن تقول «وطن بلا كنائس، أفضل من كنائس بلا وطن» مؤكدًا بها وحدة عنصرى الأمة المصرية.

وكشف البابا، خلال سطور الكتاب، عن علاقة المحبة والتآخى التى ربطت قداسته بالرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ اختير وزيرًا للدفاع وحتى انتخابه رئيسًا للجمهورية، وكيف نمت وتطورت وعبرت عن اتفاق وتفانٍ فى خدمة الوطن وأهله.

وتناول البابا تفاصيل لقاءات عديدة له بمختلف القادة فى العالم مثل الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث، والرئيس الفرنسى ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الروسى بوتين، ورئيس سنغافورة تونى تان. وعلى المستوى العربى الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان، ولى عهد المملكة، والملك عبدالله بن الحسين، ملك الأردن، فضلًا عن لقائه التاريخى قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان.

وتحدث البابا عن تفاصيل اليوم الذى تولى فيه الكنيسة حيث قال: «هذا اليوم حمل عندى دلالات كثيرة، فقد أصبحت البطريرك فى يوم ميلادى، حتى إن أختًا مباركة داعبتنى قائلة: (فى عيد ميلادك جاء لك كرسى مار مرقس، ونحن فى عيد ميلادنا ولا أى شىء)».

وقال: «قبل اختيارى بيوم واحد اتصل بى كاهن فاضل من الإسكندرية، والحقيقة أنا على المستوى الإنسانى أحبه جدًا، وهو رجل كبير ووقور، وقال لى: (الدنيا سيدة قديسة طيبة دائمًا ما تقول أشياء وتحدث، وقد قالت لى فى القداس صباحًا إنها رأت فى الحلم أن الاختيار قد وقع عليك، وأنت البابا الجديد) لم ألتفت كثيرًا لهذه الكلمات، بالعكس كنت أرى فى عين أمى المريضة بالمستشفى نظرات خوف علىّ من هذه المسئولية، وكنت أضع مخاوفها محل اعتبار كبير، لأنها كانت دائمًا من الأمهات اللاتى يضعن رجاءهن فى يد الله، حتى فى أصعب الظروف مع وفاة والدى، وزوج أختى وأختى وهى فى سن مبكرة، كلها محطات ألم لديها، لكن كان إيمانها ورجاؤها فى الله بلا حدود.

وذهبت أنا ومن معى نؤدى صلاة الشكر بالكنيسة، ثم ذهبت إلى مزار البابا شنودة، ووقفت فى المزار وصليت وطلبت من الله الدعم، ومنذ هذه اللحظة تحولت الحياة بشكل كبير، فقد أصبحت البابا.

فلقد كانت القرعة فى الرابع من نوفمبر، ومراسم التنصيب فى اليوم الثامن عشر من الشهر نفسه، وبالطبع كان يوم التنصيب له رهبة كبيرة فى نفسى، فقد تأثرت جدًا بالصلوات والعبارات، وسالت دموعى منهمرة دون أن أدرى وأنا أسير فى موكب مهيب الباب، ما أصعبها من مشاعر، ما أقساها من مهمة، ما أجلها من مسئولية، أسير وعن يمينى القائم مقام، وعن يسارى رئيس الدير، ويعلو صوت الصلوات، وسط كل ذلك اختلطت لدىّ المشاعر ما بين الخوف والتعزية.

ثم نزلنا جميعًا للطعام، ومن تقاليد الكنيسة الراسخة أنه كلما وصلت إلى رتبة أعلى أصوم سنة، فحينما رسمت أسقفًا صمت عامًا، وحينما رسمت بطركًا صمت عامًا، وكان يجلس إلى جوارى على مائدة الطعام الأنبا باخوميوس، وفوجئت به يقولى لى: (اليوم أنهى الطعام)، حيث ظل صائمًا طوال فترة كونة قائم مقام، والحقيقة أن الأنبا باخوميوس جلس معى قبل القرعة وسألنى سؤالين، الأول: (هل تحب تغيير اسمك) خاصة أن البطريرك رقم ٤٥ كان اسمه تواضروس الأول، فاخترت أن يكون اسمى تواضروس الثانى، والسؤال الثانى كان عن الملابس، فالبابا كيرلس كان له لبس معين وكان يضع شالًا على رأسه، والبابا شنودة كان يرتدى ملابس أخرى، فاخترت أن ألبس مثل البابا شنودة الذى استمر بابا الكنيسة أربعين عامًا ورسم خلالها الصورة الذهنية لشكل ملابس البابا، والحقيقة أن أسئلة الأنبا باخوميوس كانت تدل على دقته المتناهية، وقد أطلق عليه البطريرك الذى لا يحمل رقمًا من شدة حكمته ودقته».

والكتاب يبرز الجانب الإنسانى العالى والراقى لقداسة البابا، ففيه الكثير من السماحة والطيبة والرغبة فى خدمة ومساعدة الناس، فضلًا عن الاعتدال والرفض القاطع للعنف والتشدد أيًا كان مصدره، سواء مسيحيًا أو إسلاميًا.

تاريخ الخبر: 2023-01-06 21:21:46
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية