لتكون لهم حياة!
لتكون لهم حياة!
أهنئكم جميعا بالعام الجديد 2023م, وعيد الميلاد المجيد الذي يحتفل به مسيحيو الشرق, مصلين إلي الله أن يمنح الكل بركة وسلاما وخيرا, ونضرع إلي الله أن يبارك بلادنا مصر بالسلام والخيرات, وأن يحفظ العالم من الحروب والأوبئة والأمراض.
ونحن نحتفل بـعيد الميلاد المجيد, نتذكر عبارة السيد المسيح: …وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو10:10). وهكذا تجسد الابن الكلمة متحدا بطبيعتنا البشرية اتحادا كاملا, بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا انفصال, وولد من عذراء دون زرع بشري, من أجل أن يهب للإنسان الحياة التي افتقدها بخطيئته: فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما, لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت, أي إبليس.. (عب2:14), ويقول القديس البابا أثناسيوس الرسولي: لأن المخلص بتأنسه تمم عمليتي المحبة برفع الموت عنا وتجديدنا ثانيا, بإعلان نفسه وتعريف ذاته بأعماله بأنه كلمة الآب, مدبر الكون وملكه, إذ كان غير ظاهر ولا منظورا. ومن دون التجسد والميلاد لم يكن طريق للبشرية إلا الهلاك, فيقول: لو لم يكن الرب, مخلص الجميع, ابن الله, قد جاء إلينا وحل بيننا ليوفي غاية الموت, لكان الجنس البشري قد هلك.
لقد دخل الموت إلي العالم بالخطيئة وسري في الكل: من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم, وبالخطية الموت, وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس, إذ أخطأ الجميع (رو5:12). وانفصل الإنسان عن الله في عداوة إذ يقول: آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلههكم, وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتي لا يسمع (إش59:2). فلم يكن سبيل سوي أن يأتي وسيط بين الله والناس ليقوم بالمصالحة, فكان الميلاد العجيب لذلك المولود العجيب الذي تنازل وولد في مذود للحيوانات: إذ لم يكن لهما موضع في منزل (لو2:7).
وهكذا أخلي الابن الكلمة نفسه, آخذا صورة عبد, واتخذ جسدا وعاش به علي أرضنا, وبذل نفسه فدية لأجلنا: أخلي نفسه, آخذا صورة عبد, صائرا في شبه الناس (في2:7). من أجل أن يصنع سلاما بين السماء والأرض: لأنه هو سلامنا, الذي جعل الاثنين واحدا, ونقض حائط السياج المتوسط أي العداوة.. صانعا سلاما (أف2:14-15). وقد أكد السيد المسيح هدف مجيئه إلي العالم بقوله: لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك (مت18:11). ويعلق القديس مقاريوس الكبير علي ميلاد السيد المسيح: سلب (الرب) الرؤساء والسلاطين وظفر بهم بصليبه, وهوذا كان سبب مجيء ربنا, لكي يطرحهم خارجا, ويسترد الإنسان الذي هو بيته وهيكله. لقد جاء الابن الكلمة من أجل شفقته علي جنس البشر لتكون لهم حياة, كما قال القديس البابا أثناسيوس الرسولي: لأجل ذلك جاء إلي عالمنا كلمة الله, الخالي من الجسد, والعديم الفساد, وغير المادي, مع أنه لم يكن عنا ببعيد, لأنه لم يترك شيئا من البرايا خلوا منه, إذ هو يملأ كل شيء في كل مكان, وفي الوقت نفسه هو كائن مع أبيه, لكنه تنازل وأتي إلينا لكي يعلن شفقته علينا ويفتقدنا. وهكذا, صار الميلاد هو ميلاد للسلام علي الأرض, إذ وهبه الله مرة ثانية للبشرية بميلاد الكلمة الأزلي. وبالسلام استعاد الإنسان مسرته التي فقدت منه, فجاءت أنشودة الملائكة: المجد لله في الأعالي, وعلي الأرض السلام, وبالناس المسرة (لو2:14).
كل عام وجميعكم بخير