دروس من الميلاد
دروس من الميلاد
كل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الجديد وعيد الميلاد المجيد.. أعاده الرب عليكم وعلينا ونحن في كامل الصحة والسعادة..
في كل عام نحتفل بعيد الميلاد المجيد.. نتعلم دروسا جديدة من هذا العيد, ربنا يعيننا حتي نحياها..
الدرس الأول: معرفة ورؤية الرب:
الرب موجود في كل مكان.. ومن أراد أن يراه سيراه.. ولكن من لا يريد أن يراه لن يراه.
هكذا في ميلاده.. ولد في بيت لحم.. لم يره أحد إلا الرعاة.. رغم أنه ولد في وقت كانت القرية مليئة بالناس.
وكذلك المجوس البعيدون رأوا نجمه وأتوا ليروه, والعجيب أن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين عرفوا مكانه وأخبروا هيرودس عنه, ولكنهم لم يروه ولم يستمتعوا به.
الدرس الثاني: تسبيح الرب:
في ميلاد السيد المسيح له المجد.. سبح الملائكة التسبحة الجميلة: المجد لله في الأعالي, وعلي الأرض السلام, وبالناس المسرة (لو2:14), وكل من التقي بالمولود سبح الله.
فهل نحن أيضا سبحنا الله.. كانت أمامنا فرصة شهر كيهك بكامله نصلي ونسبح فهل استفدنا منها؟!
ولكن أمامنا أيضا السنة كلها بإمكاننا أن نصلي ونسبح فيها للرب.. فما أجمل التسبيح.. إنه شركة مع السمائيين.. وعمل القديسين.. والحياة في السماء ونحن علي الأرض.. إنه عينة مما سنفعله في السماء.
وقال أحد الآباء: إن من يقتني الصلاة والتسبيح يدخل في طغمة الروحانيين دون عناء.
الدرس الثالث: تقدمة للرب:
وفي العهد القديم نري كثيرين قدموا تقدمات للرب.. وكانت هذه التقدمات تسمي أيضا قرابين.
سميت قرابين, لأنهم يتقربون بها إلي الله, ولكن لماذا قبل الرب تقدمات القديسين؟
كانت تعبيرا عن الحب وتقديم القلب لله, وكانت تحمل أحيانا شعور الانسحاق والاعتراف بالخطية, كما في ذبائح الخطية وذبائح الإثم والمحرقات التي قدمها أيوب عن أبنائه (أي 1:5).
وأما بالنسبة لهدايا المجوس فنتعلم منها:
الذهب:
الذهب يرمز إلي الشيء الثمين, ويرمز إلي النقاوة, ولذلك نري كيف كان الذهب مستخدما في الهيكل في العهد القديم.
كان تابوت العهد مغشي بالذهب النقي من الداخل والخارج, وغطاؤه من ذهب نقي, والكاروبان اللذان عليه من الذهب أيضا (خر37:2, 6, 7). وكانت المائدة مغشاة بالذهب النقي, والأواني من الذهب النقي (خر37:11, 16).
كل هذا كان رمزا إلي عظمة الخدمة ونقاوتها.
الذي يشعر أن نفسه غالية, يجب ألا يفسدها.. وإن كانت نفسك غالية عند الله والناس, حافظ عليها, ولا تتسبب في هلاكها وضياعها, ولا تسمح أن تفقد نقاوتها وتفقد صورتها الإلهية, لتكن باستمرار ذهبا خالصا نقيا مثل منارة الذهب, والمجمرة الذهب, وتابوت العهد.. إن المجوس لما قدموا للرب ذهبا, قدموا أثمن ما عندهم.
اللبان:
اللبان يرمز إلي الكهنوت وإلي العبادة.. يرمز إلي الكهنوت, لأن اللبان هو حبات البخور التي توضع في المجمرة.
وتقديم البخور هو من عمل الكهنة فقط (خر30:8). وبخور اللبان يرمز إلي العبادة أيضا, كما يقول المرتل: فلتستقم صلاتي كالبخور قدامك, وليكن رفع يدي كذبيحة مسائية (مز141:2).
وقيل عن البخور في سفر الرؤيا: إنه صلوات القديسين. صلوات القديسين هي بخور زكي الرائحة, صاعد إلي الله.. فالأربعة والعشرون كاهنا, كانوا يحملون جامات من ذهب مملوءة بخورا هي صلوات القديسين (رؤ5:8), وحبات اللبان حينما توضع في النار, تتحول إلي بخور أو دخان تذكرنا بصلوات القديسين.
والبخور (اللبان المحترق) يعتبر ذبيحة, كانت تقدم إلي الله علي مذبح البخور (خر37:35), فهل أنت تقدم حياتك كلها, وليس مجرد صلاتك, كذبيحة لله, كمحرقة بخور؟ ليتك في هذا تستمع إلي قول الرسول: أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة, مرضية عند الله عبادتكم العقلية (رو12:1).
نفسك الثمينة يمثلها الذهب, وعبادتك النقية يمثلها اللبان المحترق كبخور, فماذا عن المر إذن؟
المر:
المر هو رمز الألم, وهو أيضا عطر, المر نوع من العطور, هو عطر سائل, ولذلك قيل في سفر النشيد: معطرة بالمر واللبان (نش3:6).
المر في رائحته عطر, وفي مذاقته مر, وهذا يعطينا فكرة جميلة عن الألم الذي يرمز إليه المر.. إنه في نفس الوقت عطر.. أي أن الآلام لها رائحة زكية أمام الله, فتتعطر الكنيسة بآلامها حينما تقف أمام الله, ويتنسم الله من الآمها رائحة الرضا.
وكل عام وأنتم بخير.