الخطة التي أثارت غضب المواطنين الفرنسيين هي اختبار لقدرة الرئيس إيمانويل ماكرون على إصلاح الأوضاع المالية المتعثرة في البلاد.

كان إصلاح نظام التقاعد، وهو محور الحملة الانتخابية للرئيس إيمانويل ماكرون، قضية حساسة سياسياً في فرنسا لسنوات. يريد ماكرون أن يعمل الناس سنتين إضافيتين من خلال رفع سن التقاعد. وسيساعدها هذا على تجنب العبء الذي تتعرض له المالية العامة التي تضررت بسبب عبء استحقاقات التقاعد. لكن توقيت هذه الخطوة يمكن أن يضر مكانة ماكرون السياسية إذ يشعر الناس بالانزعاج من ارتفاع تكاليف المعيشة.

ومن المتوقع أن تكشف رئيسة الوزراء إليزابيث بورن النقاب عن النقاط الرئيسية في الخطة، التي تسعى لرفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 65 على الأرجح، يوم الثلاثاء المقبل.

"كما وعدتكم، سيكون هذا العام عام إصلاح نظام التقاعد الذي يهدف إلى تحقيق التوازن في نظامنا للسنوات والعقود القادمة". قال ماكرون البالغ 45 عاماً بخطابه عشية رأس السنة الجديدة أمام الفرنسيين: "نحن بحاجة إلى مزيد من العمل"، مضيفاً أن الإجراءات ضرورية للحفاظ على نظام المعاشات التقاعدية في البلاد.

وتتوقع الحكومة أن يبدأ نظام المعاشات التقاعدية معالجة العجز بوقت قريب جداً، فالعجز يعني أن سحب المعاشات التقاعدية من قبل كبار السن تجاوز المساهمات التي قدمها العمال الأصغر.

وقد وعد ماكرون بأن يُطبَّق نظام جديد بنهاية الصيف. ومع ذلك تظهر استطلاعات رأي أن غالبية الفرنسيين يعارضون التغيير المخطط بسن التقاعد، وفي البرلمان انتقد اليسار واليمين هذه الخطوة.

تُظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن فرنسا لديها واحد من أدنى سن التقاعد بين البلدان المتقدمة، وتنفق على المعاشات أكثر من معظم البلدان الأخرى التي تمثل معاشات التقاعد بها ما يقرب من 14% من الناتج الاقتصادي للبلاد.

ومع ذلك يأتي الإصلاح بوقت صعب تكافح به البلاد الأوضاع الاقتصادية مع ارتفاع فواتير الطاقة والوقود.

معارضة شرسة

الخطة الحالية هي المحاولة الثانية لماكرون لتمرير إصلاح المعاشات التقاعدية من خلال البرلمان بعد محاولة أولية في مارس/آذار 2020 جرى إلغاؤها بسبب الاحتجاجات ووباء Covid-19.

على الرغم من أن حكومة ماكرون أشارت إلى أن عملية تحديد السن القانونية للتقاعد كانت قابلة للتفاوض، فإن السياسيين اليساريين والنقابات يعارضون الخطة بشدة، ودعوا إلى مظاهرات وإضرابات على مستوى البلاد.

قد يؤدي اندلاع الاحتجاجات كما شوهد في 2018 و2019 في أثناء حركة السترات الصفراء إلى مزيد من المتاعب لماكرون.

لكن إذا كان قادراً على المضي قدماً فيمكن لماكرون إثبات أن لديه ما يلزم للوفاء بوعده بينما فشل أسلافه مثل جاك شيراك ونيكولاس ساركوزي.

ولكن في حالة حدوث انتكاسة قد تضطر حكومة ماكرون إلى اللجوء إلى استخدام حكم دستوري يتجاوز البرلمان، وهذا بدوره سيزيد من احتمالية التصويت بحجب الثقة عنه.

قد يؤدي الفشل أيضاً إلى التشكيك بمزاعم ماكرون بأنه قادر على قيادة فرنسا على الرغم من خسارته الأغلبية التشريعية العام الماضي.

TRT عربي