بعد ثلاثة أشهر فقط من تعيينه قائداً عاماً على رأس القوات الروسية التي تحارب في أوكرانيا، استُبدل بالجنرال سيرغي سوروفيكين قائده رئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، أعلى رتبه في البلاد.

كما جرت ترقية العقيد الجنرال ألكسندر لابين إلى منصب رئيس الأركان العامة للقوات البرية.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت الأربعاء عما وصفه معهد دراسة الحرب (ISW) بـ "تعديل كبير في هيكل القيادة الروسية للحرب في أوكرانيا". وقالت الوزارة إن الجنرال فاليري غيراسيموف سيتولى منصب قائد مسرح العمليات، على أن يعمل تحته ثلاثة نواب، من بينهم الجنرال سيرغي سوروفيكين.

وحسب مجلة بوليتكو، جاءت التعيينات الأخيرة بعدما اختار بوتين التعامل مع الانقسامات الداخلية في السلطة التي يعاني منها الجيش من خلال رفع مستوى جيراسيموف ولابين وخفض رتبة سوروفيكين.

"نطاق مهام أوسع"

استشهدت وزارة الدفاع بالتغييرات باعتبارها ضرورية بسبب "النطاق الأوسع للمهام" في أوكرانيا، والحاجة إلى "تنسيق أوثق بين الفروع العسكرية وخدمات القوات المسلحة". وقالت الوزارة إن التعديل يمثل "زيادة في مستوى قيادة العملية العسكرية الخاصة"، مشيرةً بعبارة أخرى إلى تحسين حرب الأسلحة المشتركة، وإدماج المشاة والدروع والمدفعية والدعم الجوي لتحقيق تأثيرات متداعمة ومتكاملة، وهو أمر فشلت روسيا في تحقيقه.

لكن معهد ISW قرأ أن التعيينات الأخيرة تُظهر أن الكرملين في خضم "تحول كبير" في كل من سلوك الحرب ودور وزارة الدفاع. وقال المركز البحثي إن مثل هذا التعديل قد يسبق هجوماً روسياً كبيراً في الأشهر الأولى من عام 2023، إذ يعتقد بوتين "خطأ على الأرجح" أن القوات الروسية يمكن أن تنجزه.

بالمقابل، يشكك كل من محللي الأمن الغربيين والقوميين الروس المؤيدين للحرب في أن يؤدي التعديل الوزاري إلى تكتيكات من شأنها تغيير قواعد اللعبة أو استعادة الزخم لحملة روسيا. ويرون أن الهزة سياسية إلى حد كبير، وعلامة على الاقتتال الداخلي في الكرملين، إذ تحاول وزارة الدفاع إعادة تأكيد سيطرتها على إدارة الحرب والحد من التأثير المتزايد لرئيس القوات شبه العسكرية يفغيني بريغوجين، قائد مرتزقة فاغنر.

هل هي خطوة للحد من نفوذ بريغوجين؟

أشارت مجلة بوليتكو الأمريكية إلى أن بريغوجين يسعى إلى الاستيلاء على الأضواء من خلال الادعاء أنه حقق اختراقات من خلال موجة الهجمات الضخمة في شرق أوكرانيا، وذلك باستخدام ما يسمى الكتائب العقابية المؤلفة إلى حد كبير من نزلاء السجون السابقين لتحقيق نصر روسي نادر.

هذا الأسبوع، على سبيل المثال، زعم بريغوجين أن مرتزقة فاغنر اجتاحوا سوليدار التي تعرف ببلدة الملح الأوكرانية، والتي تعتبر منطقة استراتيجية لقصف باخموت استعداداً للسيطرة عليها. من جهتها، لا تزال أوكرانيا ترد بالقول إن القتال لا يزال مستمراً وأن تكتيكات بريغوجين مجنونة بسبب الخسائر الهائلة التي هو على استعداد لقبولها مقابل مكاسب استراتيجية لا تذكر.

وفي إشارة إلى سياسات الشخصية التي يبدو أنها تلوح في الأفق بشكل أكبر في الجيش الروسي، يحرص بريغوجين أيضاً على تصوير نفسه مقاتلاً يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص مع قواته على جبهات القتال، وذلك ضمن مساعي المعسكر القومي المتطرف المؤيد للحرب بقيادة بريغوجين والزعيم الشيشاني رمضان قديروف منذ فترة طويلة من أجل إعادة هيكلة المستويات العليا للقيادة.

وعلى الرغم من كل ذلك، يبدو أن بوتين لا يمنحهم الترتيب الجديد الذي يريدونه، ولكنه بدلاً من ذلك يقوي يد رجال الوزارة، الذين غالباً يكونون هدفاً الإدانات القوميين المتطرفين الأكثر قسوة، وفقاً لما أوردت بوليتكو.

هل باستطاعة غيراسيموف تغيير الوضع؟

بعد تعيين سوروفيكين على رأس القوات قبل 3 أشهر، نفذت روسيا تحولاً واضحاً إلى تدمير البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، وتدمير محطات الطاقة ومنشآت المياه. وحسب الخبراء، يسهم قرار إبقاء سوروفيكين في المركز الثاني في قيادة جيراسيموف في تهدئة القوميين المتطرفين، لكنه بالكاد يجيب دعواتهم إلى تغيير جذري في الحرب.

ولم يتضح بعد إذا كان غيراسيموف، المحارب المخضرم في الحرب الروسية في أفغانستان، قادراً على تحقيق ذلك، رغم أن لديه خبرة قائد ساحة معركة في أوكرانيا، خصوصاً أنه أشرف على القوات الروسية والمتمردين الموالين لروسيا في أغسطس/آب 2014، وتغلب على الأوكرانيين في إيلوفيسك في منطقة دونيتسك، حيث قُتل أكثر من 1000 جندي أوكراني. أجبرت تلك المعركة الرئيس الأوكراني آنذاك بترو بوروشينكو على الموافقة على محادثات السلام.

ويُنظر إلى غيراسيموف على أنه مدافع عن الحرب الهجينة وهو مؤلف عقيدة سميت باسمه تدعو إلى الجمع بين التكتيكات العسكرية والتكنولوجية والمعلوماتية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وغيرها لتحقيق أهداف استراتيجية.

TRT عربي