كشفت دراسة حديثة اطلعت عليها صحيفة نيوزويك أن العمل سمكة روبوتية ذات استخدام عسكري محتمل يعتبر واحداً من بين مئات الأمثلة التي تظهر التعاون بين العلماء في الولايات المتحدة وحلفائها والباحثين المرتبطين بالجيش الصيني. وتأتي هذه التقارير في وقت يتزايد فيه التوتر بين الولايات المتحدة والصين، إذ اختارت إدارة الرئيس جو بايدن الصين باعتبارها المنافس الرئيسي لأمريكا واتخاذ مزيد من الخطوات للحد من نقل التكنولوجيا المتطورة إليها.

وخلصت الدراسة التي ركزت بشكل أساسي على العلماء في ألمانيا، حليفة الولايات المتحدة الرئيسية في حلف شمال الأطلسي، إلى أن حجم التعاون بين المؤسسات العلمية في الغرب والباحثين المرتبطين بالجيش الصيني أكبر بكثير مما جرى الإبلاغ عنه سابقاً.

فيما قال جيفري ستوف، مؤلف تقرير "هل يجب على الديمقراطيات أن ترسم خطوطاً حمراء حول التعاون البحثي مع الصين؟"، إن المؤسسة العلمية كانت بطيئة في الاستجابة للأوقات المتغيرة، والذي حدد 835 ورقة بحثية مشتركة إذ عمل باحثون من ألمانيا، وأحياناً دول حليفة أخرى، مع جيش التحرير الشعبي في جمهورية الصين الشعبية.

الأسماك الروبوتية

كان أحد أوجه التعاون التي ظهرت في الدراسة بين العلماء في الولايات المتحدة وألمانيا والصين العمل على مشروع يهدف إلى معرفة كيفية بناء سمكة روبوتية يمكنها السباحة بسلاسة وتدور بأسرع ما يمكن للأسماك الحقيقية.

وفي البحث الذي نُشر في عام 2020 تحت عنوان "ضبط المعلمات المستند إلى CFD للتحكم في حركة الأسماك الروبوتية"، كان اثنان من المؤلفين المشاركين منتسبَيْن إلى مرفق اختبار وتطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في الصين، وهو مركز أبحاث الديناميكا الهوائية الصيني (CARDC).

من جهته، قال ويندل مينيك، المحلل الدفاعي المقيم في تايوان والذي وثق سعي الصين وراء تكنولوجيا "فيش بوت" لسنوات، إن النماذج التي شاهدها بدت "متقدمة للغاية". وسبق أن نشر مينيك كتاباً يتضمن نماذج أولية لروبوتات الأسماك الصينية، جاء فيه: "يمكن أن تساعد (الأسماك الروبوتية) جيش التحرير الشعبي الصيني في تحديد أماكن الاختباء لغواصاتهم في أثناء الحرب".

وتُستخدم الأسماك الروبوتية للترفيه ولكن يمكن أيضاً أن تكون مركبات غير مأهولة تحت الماء (UUVs) ذات استخدام عسكري. يمكن أيضاً استخدام مثل هذه الأسماك الروبوتية لجمع المعلومات الاستخبارية، إذ طورت وكالة المخابرات المركزية ذات مرة سمكة مراقبة تسمى "تشارلي سمك السلور" لجمع المعلومات مثل عينات المياه.

مساهمات واسعة النطاق

قال جيفري ستوف لمجلة نيوزويك: "فوجئت حقاً برؤية النطاق الهائل للتعاون البحثي مع المنظمات العسكرية لجمهورية الصين الشعبية، والتي لا تزال مستمرة بلا هوادة". وأضاف: "يجب أن يكون هذا جرس إنذار للحكومات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية التي ترعى عن قصد أو لا ترعى مشاركة كثير من هذه الأبحاث التي تشمل البحث والتطوير الدفاعي للصين والقاعدة الصناعية، حتى في إطار البحث العلمي الأساسي".

وقال ستوف، الذي عمل لمدة عقدين في الوكالات الفيدرالية: "يحتاج العلم إلى الرد من خلال رسم خطوط حمراء في الأبحاث الحساسة عسكرياً مع الصين، وهي دولة تشكل مخاطر عسكرية وأخلاقية عميقة على الولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين مثل تايوان وألمانيا".

وجزءاً من التقرير فحص ستوف التمويل الفيدرالي الأمريكي للبحوث، ووجد أن وزارة الطاقة والمؤسسة الوطنية للعلوم ووزارة الدفاع مولت تعاوناً متعدداً مع روابط للباحثين العسكريين الصينيين يعملون في معاهد على صلة مباشرة مع الجيش الصيني، كان على رأسها معهد الصين الرئيسي لتطوير الأسلحة النووية والأكاديمية الصينية للفيزياء الهندسية (CAEP).

عقود من التعاون

تنص المبادئ العلمية الغربية على أن العلم الحر والمفتوح يفيد البشرية جمعاء، وهي وجهة نظر أدت إلى تعاون علمي دولي واسع ساعد على مدى عقود في دفع التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية للصين. فيما غادر ملايين من طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الصين للدراسة في الغرب بالتوازي مع صعودها من دولة فقيرة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وصاحبة واحد من أكبر الجيوش في العالم وأفضلها تجهيزاً لمطابقتها.

وحسب نيوزويك، فإنه مع المنافسة الجيوسياسية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين التي تسعى لبناء جيش لا يمكن هزيمته - بحلول عام 2049 على أبعد تقدير، كما قال الرئيس شي جين بينغ، بدأت واشنطن تشعر بالقلق الذي دفعها إلى تضييق الخناق قدر الإمكان على وصول بكين إلى التكنولوجيا الغربية المتقدمة.

وعلى الرغم من ذلك، استمر التعاون العلمي بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بما في ذلك مع الباحثين الذين ينتمون إلى شبكات المعاهد والمختبرات العسكرية الصينية ، والصناعات الدفاعية العملاقة واقتصادها العسكري المدني. ووفقاً لستوف، فإن تتبع التعاون ليس بالأمر السهل دائماً، خصوصاً وأن التعاون يجرى بشكل غير رسمي بين الباحثين الأفراد، كما أن بعض المعاهد الصينية قد تخفي أو لا تذكر انتماءها العسكري.

TRT عربي