أشاد عدد من خبراء الاقتصاد بالقرارات التى اتخذها البنك المركزى، مؤخرًا، بشأن سعر صرف الجنيه، مؤكدين أنها ستساعد فى تحسن الأوضاع الاقتصادية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن أنها تتسم بالشفافية وتزيد من ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى.

وأوضح الخبراء، لـ«الدستور»، أن هذه القرارات ستساعد فى دعم القطاعات الزراعية والصناعية، ما سيثمر زيادة الإنتاج المحلى وتقليل الفاتورة الاستيرادية خلال الفترة القليلة المقبلة.

هانى أبوالفتوح:  محاصرة التضخم وزيادة الحصيلة الدولارية

قال الخبير المصرفى هانى أبوالفتوح، إن الاجراءات التى اتخذها البنك المركزى استطاعت محاصرة الأزمة التضخمية التى تمر بها السوق العالمية، والتى أثرت على جميع الأسواق.

وأشار «أبوالفتوح» إلى أن قرار طرح شهادات الادخار ذات العائد ٢٢.٥٪ و٢٥٪ حقق الهدف منه، بعد وصول الحصيلة الأولية للشهادات لـ١٥٥ مليار جنيه خلال أقل من أسبوع، بعد شراء مؤسسات كبيرة الشهادات بعد بيع الدولار. وتابع: «حزمة الإجراءات الأخيرة أسهمت فى زيادة الحصيلة الدولارية لمصر، وقللت الضغط على الدولار»، متوقعًا حدوث مزيد من الاستقرار لسعر صرف العملة خلال الفترة المقبلة.

ولفت إلى أن الإفراج عن البضائع المكدسة بالموانى أسهم فى تراجع الطلب على الدولار بشكل نسبى، مؤكدًا أن طرح البنك المركزى مبادرة تمويل بنسبة ١١٪ للقطاعين الصناعى والزراعى بمخصصات تصل إلى ١٥٠ مليار جنيه، يستهدف زيادة حجم الإنتاج ودعم التصنيع المحلى وزيادة المكون المحلى وتوطين الصناعة وزيادة فرص العمل، وهذا سيؤدى إلى نمو فى مؤشرات الاقتصاد المصرى.

وقال إن حجم سوق تداول العملات بين البنوك «الإنتربانك» زاد خلال الأيام الأخيرة، بعد تطبيق هذه الإجراءات، وهذا منح البنوك آليات جديدة لتوفير النقد الأجنبى، إذ إنه مسموح لكل بنك أن تكون ١٠٪ فقط من محفظته بالدولار، وهذا يؤدى إلى إجراء مقاصة بين البنوك وبعضها لبيع الدولار وإتاحة تبادل فوائض النقد الأجنبى. وأضاف: «هناك إقبال كبير على شراء أذون الخزانة لمدة ٣ أشهر، التى طرحها البنك المركزى بالتعاون مع وزارة المالية بعائد ٢١٪، ما أدى إلى جذب شريحة جديدة من المستثمرين الأجانب للاستثمار فى أدوات الدين، وهذا أدى إلى زيادة الحصيلة الدولارية لدى البنك المركزى»، مشيدًا بالإصلاح الهيكلى للسياسات النقدية مؤخرًا.

مصطفى بدرة:  ارتفاع حجم التدفقات النقدية الأجنبية

قال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير المصرفى، إن قرارات البنك المركزى الأخيرة، خاصة تطبيق السعر المرن لسعر الصرف، زادت من الشفافية ومن ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى، ما حقق زيادة كبيرة فى حجم التدفقات النقدية الأجنبية خلال يومىّ الأربعاء والخميس الماضيين، مشيرًا إلى أن الحكومة تدرس حاليًا آليات زيادة الإنتاج المحلى ودعم القطاعات الصناعية والزراعية الأكثر توفيرًا لفرص العمل المباشرة. وأشاد «بدرة» بإطلاق البنك المركزى مبادرة دعم القطاعات الصناعية والزراعية بقيمة ١٥٠ مليار جنيه، بسعر فائدة مناسب، موضحًا أن هذا التوجه يؤكد دعم الدولة لزيادة التصنيع المحلى للاعتماد على أنفسنا، ما سيثمر تقليل الفاتورة الاستيرادية، التى تعتبر أكبر العوامل التى تضغط على العملة الأجنبية.

وتوقّع زيادة حجم التدفقات النقدية والاستثمارات الأجنبية إلى مصر بعد هذه القرارات القوية، التى أدت إلى القضاء بشكل كبير على السوق السوداء للدولار، وحققت الشفافية والتوازن المطلوب لتشجيع المستثمر على ضخ استثماراته فى مصر، مؤكدًا أن هذه الفترة هى أفضل وقت لدخول استثمارات أجنبية بعد تخفيض العملة، التى تعد ميزة جيدة.

طارق متولى: الحد من مضاربات العملة وتعزيز مستوى الشفافية

اعتبر الخبير المصرفى طارق متولى، نائب رئيس بنك «بلوم مصر» سابقًا، أن حزمة الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى خلال الفترة الحالية، التى بدأت برفع سعر الفائدة ثم الإفراج عن كامل البضائع الموجودة بالموانئ وعودة العمل بمستندات التحصيل وتطبيق قرار السعر المرن للدولار- خطوة جيدة للقضاء على السوق السوداء للدولار.

وأضاف «متولى»: «خلال الفترة المقبلة، سنشهد استقرارًا لسعر الصرف بشكل كبير، بعد الصعود والهبوط خلال الأيام الماضية»، مؤكدًا أن طرح شهادت الادخار ذات العائد ٢٥٪ واجب وطنى.

وأوضح أن تلك الشهادات أدت إلى امتصاص السيولة المالية من الأسواق وقللت من الاستهلاك والضغط على الدولار، إذ إن الكثير من المؤسسات والشركات والأشخاص باع الدولار من أجل شراء الشهادات، وتابع: «تطبيق السعر المرن للدولار قرار إيجابى سيجذب الاستثمارات الأجنبية، بعد أن أصبح العرض والطلب اللاعب الرئيسى فى تحديد سعر الدولار، ما أدى إلى القضاء على السوق السوداء».

وأكد أن القرارات تزيد من الشفافية وتحد من المضاربات على الدولار وتحقق التوازن بالسوق، متوقعًا حدوث نمو فى حجم الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.

سهر الدماطى: عودة صناديق الاستثمار الأجنبية للسوق المصرية

أكدت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، أن قرارات البنك المركزى الأخيرة جيدة وجاءت فى التوقيت المناسب، وأدت إلى القضاء على السوق السوداء للدولار بشكل كبير.

وأشارت إلى أن تطبيق آليات السعر المرن فى السوق أدى إلى ارتفاع الحصيلة الدولارية «الإنتربانك» الدولى، حيث قفزت من ١٥٠ مليون دولار يوميًا لتتراوح بين ٦٥٠ و٧٥٠ مليون دولار، بعد عودة المؤسسات الدولية وصناديق الاستثمار الأجنبية للعمل فى مصر.

وذكرت أن هناك ٥ قرارات أصدرها البنك المركزى، أدت إلى السيطرة على السوق السوداء للدولار، والقضاء على المضاربات، ومنها طرح شهادات الادخار ذات العائد ٢٢.٥٪ و٢٥٪، التى أدت إلى زيادة التدفقات الدولارية.

وقالت: «بعض المستثمرين باعوا الدولار لشراء الشهادات، وأجرت شركات الصرافة العربية تحويلات كبيرة إلى شركات الصرافة المصرية، خاصة المملوكة لبنكى مصر والأهلى المصريين، لشراء الشهادات، فضلًا عن زيادة وتدفق تحويلات المصريين والعاملين فى الخارج»، مشيرة إلى أن الحصيلة تجاوزت ١٥٥ مليار جنيه خلال أقل من أسبوع.

ولفتت إلى أن هذه القرارات أدت إلى زيادة التدفقات النقدية وفتحت شهية الاستثمار الأجنبى للعودة بقوة إلى مصر، خاصة قرار رفع سعر الفائدة الذى أدى إلى امتصاص الجزء الأكبر من معدلات التضخم الناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية، فضلًا عن عودة العمل بمستندات التحصيل، التى أدت إلى تحقيق التوازن المطلوب فى السوق، إلى جانب الإفراج الجمركى عن البضائع المحتجزة بقيمة تجاوزت الـ١٤ مليار دولار، فى ظل سريان الإفراج عن باقى البضائع والتى تقدر بنحو ١.٥ مليار دولار.

وتوقعت انتهاء أزمة السوق السوداء نهائيًا خلال الأسابيع المقبلة، موضحة أن قرارات «المركزى» نجحت فى ضبط سوق العملة والمضاربات، بعد أن وصل سعر الدولار فى السوق السوداء إلى ٣٨ جنيهًا.

وأشارت إلى أن الحكومة استطاعت تحجيم أنشطة السماسرة والتجار الجشعين الذين استغلوا الأزمة، مضيفة: «نحتاج بعض الوقت لضبط ملف الأسعار، خاصة مع قرارات تدوين السعر على العبوات».

ولفتت إلى أن القرارات الأخيرة أثرت إيجابًا على البورصة، وأدت إلى جذب المستثمرين لشراء الأسهم المصرية، وعودة الحياة إلى سوق المال، منوهة بأن جميع المؤسسات الدولية أشادت بنجاح تجربة الإصلاح الاقتصادى، مردفة أن ٢٠٢٣ سيشهد نموًا كبيرًا وجذبًا لمزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى مصر.