تقع مدينة مليانة الجزائرية، غربي البلاد في أحضان جبل زكار، على ارتفاع 770م، والمعروف بمناجمه لاستخراج الحديد، وهو المنجم الذي استعملت المعادن المستخرجة منه في بناء برج إيفل وذلك إبان فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر.
وتعتبر مدينة "مَلْيانة" من أشهر وأقدم المدن التاريخية بالجزائر، تأسست في القرن "27 قبل الميلاد" من قبل الإمبراطور الروماني "أوكتافيوس زوكابار"، وهو الاسم القديم لمدينة مليانة، وتعاقبت عدة حضارات عليها فيما بعد.
وتشتهر بأنها كانت قبلة لأشهر الرحالة العرب، أشهرهم ابن بطوطة الذي توقف بها قبل توجهه لمدينة تلمسان (غرب الجزائر)، ومكث بها مرة أخرى وهو في طريق عودته إلى مدينة صفاقس التونسية.
كما أن القائد العسكري ومؤسس الدولة الجزائرية الأمير عبد القادر، اختار مدينة مليانة الضاربة في عمق التاريخ حصناً، وذلك سنة 1835، وأنشأ منشآت حربية بها، منها مصنع الأسلحة والبنادق والرماح، وكانت المادة تستخرج من منجم زكار وذلك سنة 1839 إبان فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830-1962).
منطقة مستقلة ولم يتم غزوها
استغرق بناء المصنع 8 أشهر، وحمى المدينة من الهجمات الاستعمارية، إضافة إلى مساهمته في تأخر الغزو على المدينة عشر سنوات بعد احتلال العاصمة، وظلت مليانة منطقة مستقلة ولم يتم غزوها، وقوبلت كل محاولات استعمارها بالصد العنيف من السكان، وانتهت بتكبيد فرنسا خسائر فادحة.
ففي عام 1841 قاد الجنرال الشهير بيجو بنفسه الحملات على المدينة، لتلحق به أول هزيمة منذ دخوله الجزائر على يد خليفة الأمير محمد بن علال الذي أعد العدة لصد الهجوم في هذا المصنع.
استخراج الحديد
ونقل عن الأمير عبد القادر قولة "كنت أملك مصنعا للأسلحة بمليانة وكنت أستخرج الحديد من منجم مجاور. وكانت تصنع به قطعة السلاح الكاملة".
مصنع الأسلحة جرى تحويله إلى متحف يزوره السياح القادمون لاستكشاف المدينة، حيث يضم قاعات عرض في الطابقين الأول والثاني، وقاعة للاستقبال، وقاعة للنشاطات، وبيتاً للضيوف، وقاعة للمطالعة في طابقه الثالث.
وصُنفت مدينة مليانة بولاية عين الدفلى، كمحمية تاريخية أثرية بشكل رسمي، وبات متحف مصنع الأسلحة الخاص بالأمير عبد القادر بمليانة، في ولاية عين الدفلى، من أهم المعالم الثقافية والأثرية الكثيرة.