محمود عبدالعزيز.. زامر الحي الذي أطرب السودانيين حد الارتواء


لم يحظ فنان سوداني بإجماع أبناء جلدته، مثلما حظي المطرب الراحل محمود عبدالعزيز الذي جمع الشيب والشباب على مسافة واحدة من الاتفاق على فنه الأنيق وشخصه اللطيف.

التغيير: عبدالله برير

وبعد مرور عقد من الزمان على وفاة (الجان) كما يحلو لمحبيه، رحل جسد محمود وبقيت أغنياته وكاريزمته تمشي بين الناس الذين دخل محمود قلوبهم وبيوتهم وسيقى فيها وترا وشخصا.

لم يأل (الحاج) جهدا في سبيل تطريب محبيه سواء عن طريق أغنياته الخاصة أو بترديد أغنيات الغير التي أضاف لها محمود جمالا على جمال.

(الحوت) أصبح نسيجاً وحده بعد تشبعه بفنه وتماهيه مع جمهوره ليرتقي إلى مصاف عظماء الفنانين السودانيين وكأنه دولة قائمة بذاتها لها شعبها المسمى بـ(الحواتة) نسبة إلى زعيمهم محمود، ولغتهم الخاصة المشتقة من كلمات الأغاني وعبارات الرجل نفسه، ودستور خاص بهم عنوانه البساطة.

محمود الذي خاطب أحلام الشباب العاطفية والوطنية ترك إرثا هائلا من التطريب الرفيع والفن المنسل من حنجرة الفتى الوسيم المحب لمشروعه والمخلص لمحبيه.

أكثر ما ميز الراحل محمود عبدالعزيز علاقته المتوطدة مع معجبيه، التي لم تكن أبدا علاقة كأي فنان ومستمعيه بل تعدتها إلي ما يشبه ويفوق وشائج الأرحام.

 

(شعب الجان)

 

التحام (الجان) مع (شعبه) أفرز مجتمعا (محموديا) بحتا يتشابه أفراده في الأحلام والرؤى ويجمعون على حب زعيمهم الشاب.

فنيا فاق صوت محمود حد الدهشة وغطت مساحاته الواسعة قلوب المتذوقين لفنه إذ يعد من أميز الأصوات التي مرت على الأغنية السودانية حيث شبهه الروس بصوت الالة عندما أنتج كاسيت (سكت الرباب) بأراضيهم.

سيطر محمود على سوق شرائط (الكاسيت) وصار الناس ينتظرون ألبومات محمود على أحر من (الفن)، في وقت حطم فيه (الحاج) الأرقام القياسية في الحضور الجماهيري في المسارح رغم إطلالاته المتعددة وظهوره الكثيف على الخشبات.

محمود جمع جمهوره من الجنسين ومن الشيب والشباب وغنى للمحرومين والجوعى والتعساء وغنى للفرح ولـ( يوم بكرة) وخاطب الأطفال وطبطب على الأمهات (من الظروف ما تشيلي هم).

رحيل (الجان) خلف جرحا عميقا من الصعب أن يندمل في قلوب محبيه فهو قد حفر عميقا في أفئدة العامة والبسطاء بفن راق لطيف يفهمه القاصي والداني، ذهب محمود وترك أغانيه تجلس مع الناس في خلواتهم وفي أسواقهم، عباراته الشهيرة تحوم في أجهزة السارات وهو يصدح بلبلا غريدا، ألحانه ترافق الحواتة يدندنون بها في عقلهم الباطن وترتسم صورته على زجاج الحافلات و حوائط بائعات الشاي ودواليب جيل التسعينيات وتنوم كلماته هائمة في ظهر ( الركشات ) وتنبض بها افئدة المحبين.

عاد محمود محمولا في نعش، بذات بساطته يسعه قبر على الثرى، محاطا بدائرة لا متناهية من الحب والاحترام لفنان استقبل جثمانه آلاف المحبين بمطار الخرطوم وضعوه في مثواه الأخير وحملوا فنه والتزامه على أعناقهم.

تاريخ الخبر: 2023-01-17 18:24:18
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية