يقدم الناقد والأكاديمي محمد السيد إسماعيل في كتابه "نقد الفكر السلفي" الصادر حديثًا عن دار "ناشرون"، نقدًا للفكر السلفي الذي يرى أنه تغلغل في المجتمع المصري وأحكم سيطرته على كثير من العقول رغم الجهود التفكيكية الكثيرة التي واجهت هذه الأفكار لا سيما في السنوات الأخيرة. 

صراع التنوير مع الأفكار المغلوطة

يوضح إسماعيل في حديثه مع "الدستور" أن الفكر السلفي له الكثير من الاتجاهات تصل إلى السلفية الجهادية التي تستبيح العدوان وتشكل تهديدًا للعالم بأجمعه، مشيرًا إلى أنه يفضل نعتها بالسلفية القتالية لأن الجهاد في الإسلام محدد ولا صلة له بما تفعله هذه الجماعات.  

ويبين أنه التفت لأهمية الحديث عن الفكر السلفي بعد أن شهدت السنوات الأخيرة تركيزًا على جماعة الإخوان وما تبثه من أفكار مغلوطة فيما أُهمل الحديث عن السلفية في حين أنها أكثر خطورة لأنها تنشر أفكارها في المجتمع وتؤجل رغبة الوصول إلى السلطة بما يمكنها من إحكام قبضتها وسيطرتها على العقول ومن ثم يصير لهم المقبولية لدى قطاعات واسعة. 

وعن مدى تأثير تفكيك الأفكار الدينية المغلوطة وخصوصًا في السنوات الأخيرة على حضور الفكر السلفي وتأثيره، يقول إسماعيل: كشف تفنيد الأفكار المتطرفة ومقاومتها عن الكثير من المغالطات لكن للأسف الفكر السلفي متغلغل لدى  قطاعات واسعة من المجتمع،  ولا بد أن ننتبه إلى هذه الحقيقة ولا ننكرها، فنحن بحاجة إلى جهود كثيرة لكشف خطورة هذه الأفكار فهذا صراع فكري يجب أن يخوضه التنويريون. 

أفكار ظلامية

يوضح الكاتب أنه ناقش في كتابه ما هي السلفية واتجاهاتها وموقفها من قضايا رئيسية مثل موقفهم من المرأة وقضايا الوطن والمواطنة، وغيرها من القضايا التي تعكس الظلامية فيما يبثونه من أفكار تلقى رواجًا لدى الكثيرين.

ويضيف: ناقشت أفكار السلفيين فيما يتعلق بالمرأة التي يؤكدون على أنها لا ينبغي أن تخرج إلى العمل وأن تعدد الزوجات واجب وغيرها من الموضوعات التي أرى أنها تمثل إهانة للمرأة وتعد نكوصًا عما حققته من مكتسبات. 

ويتابع: كما أنهم لا يعترفون بالوطن ويغلب لديهم الاعتقاد بالأممية فحيثما يوجد المسلم يكون الوطن، فضلًا عن أنهم ينظرون إلى أتباع الديانات الأخرى نظرة فوقية ولا يعترفون بأنهم مساوون لهم في الحقوق والواجبات، وهو ما يمثل تضييقًا على الآخرين، ومنافاة لأصل الإسلام الذي يؤكد على احترام أتباع الديانات الأخرى. 

سبل التغلب على الفكر السلفي

يبين إسماعيل أن انتصار الفكر التنويري ودحض الأفكار الظلامية يتطلب تضافر جميع الجهود الفردية والجماعية والرسمية وغير الرسمية.

ويتابع: على كل مؤسسات الدولة أن تقوم بدورها  في مواجهة هذه الأفكار، إذ ينبغي لوزارة الثقافة أن تستغل قصور الثقافة وبيوتها المنتشرة في كل أنحاء مصر لنشر الفكر التنويري، كما يتعين على وزارة التربية والتعليم تغيير المناهج الدراسية بما يسهم في التعريف بأبعاد الشخصية المصرية المتعددة وثرائها.

ويستطرد: أنوه أيضًا بأهمية عدم تدريس الدين الإسلامي والدين المسيحي بشكل منفصل بل ينبغي تدريس مادة مشتركة تجمع نصوصًا من الكتب المقدسة بما يجعل الطفل ينشأ على تقبل الجميع، فضلًا عن أهمية قيام وزارة الأوقاف بدورها في ضبط الخطب بالمساجد ومنع الخطابات المتطرفة من أن تعتلي المنابر، وكذلك وقف نشر الكتب التي تبث أفكارًا متطرفة ومحرضة على أتباع الديانات الأخرى.