كعادة الروايات الرومانسية تجعلك تتعطش لبضعة كلمات تهيمن على كيانك وتجبرك على استكمال كلمات وسطور بين البحث عن الحب والتخبط في المشاعر ومحاولة التسلل من ألم العشق لتجد ما يمتع قلبك ويملئ وجدانك ويدغدغ كيانك بمشاعر وأحاسيس الغرام، جاءت رواية “ألم جاف” لتجمع كل هذا، ونجحت الكاتبة “رحاب جمال” في سرقة قلوب القراء واستدراجهم في روايتها الأولى.
“خمدت نيران وعد بلحظة واحدة وبات الحريق رمادًا، فلم يستطع أحد من قبل أن يخمد غضبها حين تثور، انتبهت إلى قدرته الفائقة في احتوائها وامتصاص غضبها، بلين كلماته وأناقته الروحية، كانت تلك اللحظة فارقة في وجدانها جعلت عشق “داود” يتسلل إلى روحها أكثر فأكثر دون أن تشعر، فما رأت أمامها سوى رجل قوي بل أنه أقوى رجل رأته بحياتها، فلم تعد ترى هدوءه برودًا وسماجة، بل قدرة وطاقة هائلة في إدارة المشكلات والاستمتاع بالحياة”.

هذه العبارات التي جاءت بعد مائة صفحة من الشد والجذب بين شخصيات الرواية لتثلج قلوب القراء ولو لبرهة من الوقت، كيف تحول شعور البطلة من امتعاض لشخصية البطل لعشقه؟ وكيف سقط كبرياءها وشروطها التي طالما وضعتهم في حبيبها وشريك حياتها المستقبلي؟ وتحولوا إلى مشاعر زلزلت وجدانها؟.

“نظرت إلى تقاسيم وجهه للمرة الأولى، بدت عُقدة جبينه مُنحلة، وبشائر الفرح أخذت مكانها، تجلَّى نور وجهه في قلبها، ثمة لحظة يشعر فيها الوجدان أن عالمه الداخلي أوسع من الوجود الخارجي، وبأن السماء خُلِقَتْ لأجله فقط؛ لتعانق روحه، إنها لحظة التحام الروح التام التي تجعل الجسد يرتعد عشقًا ومناجاةً لخالقه، أي ألفةٍ تجعل عناقَ الروحِ أشدَّ نشوةً من عناقِ الجسدِ؟”.

هكذا سطرت الكاتبة الشابة رحاب جمال في باكورة أعمالها الأدبية “ألم جاف”، رواية رائعة تحمل بين طياتها رومانسية بروح الشباب تلمس الوجدان وتعانق الروح، وبالتأكيد نجحت الكاتبة في رسم شخصيات الرواية منذ البداية ولكنها تفوقت بجدارة في اختيار أسماء الأبطال فكل اسم يحوي الكثير من شخصيته “وعد- داود- لين- سبيان-جاسر”.

“لا بأس أن يفكر الجيل “المباركي” بطريقة انفعالية، فأعتى السياسيين حينها كانوا يعانون من الانغلاق السياسي واستحواذ العاطفة وغلبتها على العقل، فما اعتادوا عليه هو السلام فقط، والعيش في هدوء واستقرار، الثورة كانت تمثل لهم شرارة الفوضى في كل مجالات الحياة بمصر بعد اندلاعها!!”.
“إن حالة الصراع التي آلت على مصر وسوريا ومناطق الربيع برمتها، كانت كخضة المخاض في عقول الكثير من الشباب الذين ينتظرون موعد الميلاد بفارغ الصبر حتى يتخلصون من آلام اللاوعي والتيه والتشرذم بين العقل والإنسانية، إن الساسة أنفسهم تبدلت آرائهم وتطور وعيهم، بل أن البعض تعرف على ذاته التي كان يجهلها بعد اندلاع هذه الثورات”.

يظهر جليًا كيف تأثرت الكاتبة بالأحداث السياسية في العقد الماضي فلم تستطع كتمانها وتسربت منها إلى الرواية شيئًا فشيئًا، فالثورة المصرية، الثورة السورية والقضية الفلسطينية كانوا جزء لا يتجزء من كيان الرواية.

في النهاية أدعو أصحاب القلوب الدافئة الراغبين في سلك دروب العشق واكتشاف المزيد عن العلاقات الإنسانية أن يقتنوا رواية “ألم جاف” للكاتبة رحاب جمال أنور.
الرواية صدرت عن دار ببلومانيا للنشر والتوزيع وتأتي الرواية في 358 صفحة من الورق المتوسط. توجد بصالة ٢، جناح A40، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

ولدت رحاب بمحافظة القاهرة في ديسمبر عام 1987، حصلت على ليسانس الآداب في اللغة العربية بجامعة عين شمس عام 2009، كما حصلت على بكالوريوس في الإعلام من جامعة القاهرة عام 2019، وهي كاتبة صحفية، محرر ديسك، وعضو نقابة الصحفيين.