خبراء يضعون خطة مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية: تعميق الصناعة.. تحفيز الاستثمار.. وتشجيع التصدير

 

تعتزم الدولة المصرية إجراء مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية، من أجل السيطرة على تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وانعكاساتها على الوضع المحلى، المتمثلة فى أزمة التضخم وتراجع النقد الأجنبى وعجز الموازنة والدين العام.

وأبرمت الحكومة المصرية، اتفاقًا جديدًا مع صندوق النقد الدولى، للحصول على تمويل ومساندة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يمتد لـ٤ سنوات، ويقدم الصندوق بموجب الاتفاق، تسهيلًا ائتمانيًا ممتدًا بقيمة ٣ مليارات دولار، كما يتيح حصول مصر على حزمة تمويلية خارجية إضافية وبشروط تمويلية ميسرة تبلغ نحو ٥ مليارات دولار، من خلال المؤسسات الدولية والإقليمية، كما يتيح الحصول على تمويل إضافى قدره مليار دولار من خلال صندوق المرونة والاستدامة، التابع لصندوق النقد.

وخلال حديثهم مع «الدستور»، يطرح عدد من الخبراء رؤيتهم حول سبل معالجة الأزمة الاقتصادية وتخفيف تداعياتها، فضلًا عن الوسائل التى يمكن استخدامها لتعزيز الاستثمارات وغيرها.

يحيى حسين: إعفاءات جمركية لتشجيع التصنيع المحلى

قال الدكتور يحيى حسين، أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية بمعهد التخطيط، إن هناك ضرورة لاستحداث باب جديد لحوافز التصنيع المحلى فى قانون تنظيم الصناعة، منها على سبيل المثال منح إعفاءات ضريبية، والإعفاء الجمركى الكامل لبعض المنتجات التى يتم استيرادها بغرض توطين صناعتها فى مصر، وتقديم حوافز إضافية للقطاعات ذات الأولوية.

وأشار إلى ضرورة منح الأولوية فى الحصول على المزايا والإعفاءات، للمشروعات الصناعية التى تنتج سلعًا للاستهلاك المحلى، تحل محل السلع الأجنبية أو تنافسها، والمشروعات التى تؤدى إلى تطوير وتوطين التقنية، والمشروعات التى تنتج سلعًا للتصدير، وكذلك المشروعات ذات الأهمية الاقتصادية الخاصة، إضافة إلى دراسة منح المشروع الصناعى بعض المزايا التشجيعية، مثل تخصيص قطعة أرض مناسبة أو توفير المرافق اللازمة بأسعار تشجيعية، وإعفاء صادرات المشروع من ضرائب ورسوم التصدير.

وأكد أهمية وجود تشريع جديد لمعالجة التحديات التى تعانى منها الصناعة، فى ظل القوانين الحالية التى تعود لعام ١٩٥٨، لأن تهيئة الإطار القانونى المناسب لعملية التصنيع، أهم عناصر تحسين بيئة الاستثمار ورفع درجة الثقة فى الاقتصاد المصرى.

وأضاف أن هناك عددًا من التيسيرات التى منحها قانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية، فى مقدمتها تخفيض عدد الجهات التى يتعامل معها صاحب المنشأة الصناعية من ١١ جهة إلى جهة واحدة فقط، وخفض عدد الإجراءات وتطوير نظام التظلمات.

وذكر أنه رغم تلك الإجراءات لا يزال هناك تداخل بين هيئة التنمية الصناعية والجهات الأخرى فى الدولة، مع اختصاص الهيئة بجميع ما يخص المشروعات الصناعية، إضافة إلى تعدد جهات الرقابة والتفتيش، واتخاذ إجراءات مثل توقيع الغرامات والإغلاق من بعض الجهات والوزارات مثل المالية والبيئة والتأمينات والدفاع المدنى والمحليات.

علاء زهران:التركيز على الزراعة والصناعة والتكنولوجيا

أكد الدكتور علاء زهران، الأستاذ بمركز السياسات الاقتصادية الكلية رئيس معهد التخطيط القومى سابقًا، أهمية مواصلة العمل على ضبط هيكل الاقتصاد المصرى، ومعالجة الاختلالات فى القطاعات والأنشطة الاقتصادية، خاصة الإنتاجية منها، كخطوة ضرورية للحد من الضغوط والتداعيات السلبية التى فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية، ليصبح الاقتصاد المصرى أكثر صلابة ومقاومة للصدمات التى أصبحت متكررة فى السنوات الأخيرة.

كما أكد «زهران»، خلال حديثه لـ«الدستور»، ضرورة التركيز على القطاعات ذات الاستدامة، مثل الصناعات التحويلية والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما يتيح المضى فى خطة إحلال المنتج المحلى محل الواردات، وفتح أسواق جديدة للتصدير، وتوفير مورد إضافى للعملة الأجنبية، وفرص عمل دائمة. وأوضح أن تلك السياسات أسهمت فى زيادة حجم الصادرات المصرية بنسبة ٢٠٪ بنهاية عام ٢٠٢٢ مقارنة بالعام السابق عليه، لافتًا إلى أن المنتجات الصناعية تستحوذ على نسبة متنامية من القيمة الإجمالية للصادرات، وهو مؤشر جيد يعكس نجاح الإجراءات الإصلاحية الأخيرة. 

وأضاف: «مصر لديها عوامل جذب عديدة للاستثمار الأجنبى، خصوصًا بعد انخفاض قيمة الجنيه، التى تنعكس على شكل خفض تكلفة أجور العمالة ورفع قيمة التصدير».

وشدد «زهران» على أهمية توفير بيئة تكنولوجية متطورة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وإقامة المشروعات الصناعية غير التقليدية، عن طريق التوسع فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، ومنح حوافز خضراء، وهو ما يمنح الصادرات المصرية ميزة المنافسة فى الأسواق الخارجية. 

وتوقع تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وزيادة عوائد قناة السويس، وكذلك ارتفاع الصادرات المصرية وإيرادات السياحة.

شيرين غالى: إلزام الشركات العامة بالإفصاح عن ديونها

أوضحت الدكتورة شيرين غالى، مدرس الاقتصاد بمعهد التخطيط القومى، أنه من الضرورى وجود قانون مستقل لإدارة الدين العام، أو تضمين قانون الموازنة أو قانون إدارة المالية العامة كل القواعد والأحكام المتعلقة بإدارة الدين العام، مؤكدة: «هذه الممارسة الأفضل والمعمول بها فى العديد من الدول، وتضمن إرساء قواعد الشفافية والإفصاح وتعزيز مسار المساءلة فى إدارة الدين العام».

وأوضحت خبيرة التخطيط «أن الحكومة تبنت استراتيجية متوسطة المدى لإدارة الدين العام، وتغطى الفترة من عام ٢٠٢١ وحتى عام ٢٠٢٤، وتتمثل أهم ملامحها فى تغطية أهداف إدارة الدين العام بوضوح، وتقليل تكاليف الاقتراض بما يحد من المخاطر المالية المحتملة، ودعم تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية، ودراسة السيناريوهات المختلفة، ووضع أهداف واضحة ومحددة لإدارة بعض المخاطر الناتجة عن الدين العام، من خلال استهداف مؤشرات محددة مثل: نسبة الدين العام للناتج المحلى الإجمالى ونسبة الدين قصير الأجل القابل للتداول والمقوم بالعملة المحلية وحصة الدين القابل للتداول، مقارنة بالدين غير القابل للتداول».

وشددت على أهمية تطوير الهيكل التنظيمى لإدارة الدين العام وإنشاء وحدة خاصة لعلاقات المستثمرين وإعداد خطة الاقتراض السنوية وتحديثها، وكذلك إلزام الشركات العامة بالإفصاح عن ديونها.

1.3% فائضًا أوليًا وتراجع العجز 

حقق الاقتصاد القومى عددًا من المؤشرات الإيجابية من بينها فائض أولى يقدر بنحو ١.٣٪ من الناتج المحلى خلال عام ٢٠٢١/٢٠٢٢ للسنة الخامسة على التوالى، بعد تحقيق فوائض أولية تتراوح بين ١.٣٪ و١.٨٪ من الناتج المحلى الإجمالى.

كما نجح فى خفض دين أجهزة الموازنة العامة من ١٠٣٪ من الناتج المحلى فى العام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦ إلى ٨٧.٢٪ من الناتج المحلى فى العام المالى ٢٠٢١/٢٠٢٢. كما نجح فى الحفاظ على معدلات نمو موجبة خلال السنوات الثلاث الماضية رغم الأزمة العالمية الصحية والاقتصادية، بنسبة ٣.٦٪ خلال العام المالى ٢٠١٩/٢٠٢٠، و٣.٣٪ فى عام ٢٠٢٠/٢٠٢١، و٦.٦٪ فى عام ٢٠٢١/٢٠٢٢.

كما تراجعت نسبة العجز الكلى إلى الناتج المحلى من ٧.٤٪ فى عام ٢٠١٩/٢٠٢٠ لـ ٦.٩٪ فى عام ٢٠٢٠/٢٠٢١، و٦.١٪ فى عام ٢٠٢١/٢٠٢٢، مع توقعات بارتفاعها بشكل استثنائى إلى ٦.٧٪ بنهاية العام المالى الحالى.

محمود عبدالحى:أولوية للقطاعات الإنتاجية سريعة العائد

أشار الدكتور محمود عبدالحى، أستاذ الاقتصاد الدولى، الرئيس السابق لمعهد التخطيط القومى، إلى أن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار يعطى فرصة أكبر لتمويل المشروعات التنموية الجارى تنفيذها.

وأكد «عبدالحى» أهمية الحد من الضغوط التضخمية وعدم تغذيتها من خلال إعادة النظر فى هيكلة منظومة الدعم ومراجعة أسعار خدمات المرافق الأساسية كالكهرباء والغاز ومياه الشرب، بما يراعى التغير فى متوسطات دخول الأسر المصرية وأنماط الاستهلاك، والبدء فى ترتيب الأولويات التنموية للقطاعات الإنتاجية ذات العوائد السريعة.

وأشار إلى أهمية الحفاظ على سعر الجنيه أمام العملات الأخرى دون مزيد من التدهور، من خلال تنويع وتوسيع موارد النقد الأجنبى.

واقترح تحصيل إيرادات قناة السويس بالجنيه، موضحًا: «سيزيد من الطلب على الجنيه، وبالتالى ترتفع قيمته، ولا بد من تكليف مكاتب التمثيل التجارى بإعداد دراسات جيدة حول طبيعة وخصائص الأسواق التصديرية فى الخارج، من بينها مراعاة المواصفات القياسية وأذواق شعوب تلك الدول وتدشين بورصة أسعار لكل سلعة بما يراعى عدم المغالاة فى بعض الأسعار، إضافة إلى منح حوافز جيدة لتشجيع التحويلات الرسمية للمصريين بالخارج والقضاء على سوق تجارة العملة غير الرسمية».

تاريخ الخبر: 2023-01-26 18:21:05
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:00
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:11
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:17
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:25:52
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية