مأساة باب حي القصور بمراكش.. هل الترميم كفيل بحماية التراث؟


طال الورش الملكي التاريخي أحياء كثيرة من المدينة العتيقة داخل السور بمراكش، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر حي القصور، حيث قامت الإدارات المكلفة بأعمال تقنية وفنية تمثلت في ترميم وإصلاح الباب التاريخي لحي القصور، الذي يعتبر الوجه الحقيقي والشارة الرمزية لمجمل الحي وبوابته الرئيسية، وكان الفراغ من أشغاله في صيف 2022.

وقد سبق أن أعطى انطلاقة هذا الورش الكبير صاحب الجلالة الملك محمد السادس وقامت الجهات المختصة بسلسلة من الاجتماعات التحضيرية والدراسات الأولية تحت إشراف السلطات المحلية والمباشرة العملية لمؤسسة العمران وبموجب ذلك تم إعداد مشروع طموح المفترض أن ينجز وفق المعايير والقوانين المنظمة لترميم وصيانة المباني التاريخية.

واستبشر أهل حي القصور من ساكنة وتجار وزوار بهذا المنجز الذي من شأنه إعادة اعتبار للموروث الثقافي للحي وبعد كل هذه الأشغال الحثيثة من طرف الإدارة وإنجاز المقاولة لأعمال الترميم والاصلاح وإلحاح الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني، جاءت الصدمة لتُقَوض كل هذا.

فالغريب أن هذه المجهودات لوقيت باللامبالاة والاستهتار والاستخفاف من قبل بعض المتمولين في الحي وبانتهازية ساقطة ليكون أول ضحية لهذا السلوك المتدني هو تراث المدينة العتيقة وفي مقدمته الباب التاريخي لحي القصور الذي يقع على مرمى حجر من جامع الكتبيين ومنارته الشاهدة على تاريخ المدينة العتيقة، تحرسها لأزيد من ألف سنة.

وللتذكير فإن التقسيم التاريخي لأحياء مراكش يَعد جامع الكتبية من حيز حومة القصور، والشاهد له أن أهل الحي يؤدون صلاة الجمعة وصلاة العيد عادة ومنذ قرون خلت بهذا الجامع الشهير، بل أكثر من ذلك كان أهل الحي ولا يزالون يدفنون موتاهم بروضة سيدي علي بن قاسم المحاذية لمسجد الكتبية.

وتُرجح أغلب المصادر التاريخية أن حي القصور قائم في مكانه منذ نشأة المدينة قبل ألف عام تقريبا. وبالتالي يحق لكل إنسان مغربي أو زائر أجنبي أن يُصدم لما حل بهذا الباب العتيق من اعتداء أو انتهاك لحرمته. فكل من مر بالباب يمكنه الوقوف على واقع الحال. فهل يعقل أن تستباح حرمة هذه المعلمة التاريخية الحديثة الترميم ويعلق بها مدخنة وصحنين لا قطين ومكيف هواء يصب ماءه بلا هوادة على البناء الذي رمم مؤخرا ويعرضه للإتلاف نظرا للمواد المحلية المكونة له من طين وأًجور وجير والتي لا تستحمل هذا الامتهان بمرأى ومسمع الجميع.

إن المدينة العتيقة هي مفتاح الخير على الجميع بمن فيهم الذين يُسيئون إليها بهذه الكيفية وبدون ضمير. والجدير بهم أن يعظموا حرمة تراثها وألا يعاملوها بهذه الجهالة والصلافة، خصوصا عندما يأتون غرباء من بلدان أجنبية من الضفة الأوروبية ليتعيشون من تراثها المادي والمعنوي. هؤلاء تجدهم في بلدانهم يخضعون لمواثيق التعمير الصارمة وقوانين حماية التراث في مدنهم، فكيف يتجرؤون على تراثنا؟

 

عبد الواحد المراكشي

تاريخ الخبر: 2023-01-27 09:15:29
المصدر: كِشـ24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 37%
الأهمية: 39%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:25:56
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

عاجل.. تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال 

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

رسميا.. انسحاب اتحاد العاصمة الجزائري من مواجهة نهضة بركان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:26:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية