حوكمة المساعدات شغل المنتفعين وتجار الأزمات


آلية المساعدات الجديدة تعمل على تقنين الإنفاق، وتحويله إلى أداة فاعلة وذات قيمة لكل الأطراف، وفيه نقل لتجربة المملكة الداخلية في مكافحة الفساد والحوكمة المالية، وتوظيفها في إدارة مساعداتها الخارجية، وبما يعود بالنفع العام على الدول المستهدفة وعليها كدولة مانحة..

تصريحات وزير المالية السعودي يوم الأربعاء 18 يناير الحالي كانت مدوية، فقد قال خلال جلسة لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، وبحضور مديرة صندوق النقد الدولي التي أدارتها: إن المملكة لن تمنح مساعدات لحلفائها بدون شروط أولها الإصلاحات الاقتصادية.. وأكمل الوزير ما قاله في مقابلة تلفزيونية قصيرة، مؤكداً استمرار المملكة في تقديم الدعم المباشر للدول الإقليمية، وتحديداً باكستان وتركيا ومصر، وذلك عن طريق الاستثمارات المشتركة، وبما يحقق المنفعة لكل الأطراف، وما عداها سيكون عن طريق طرف ثالث وهو صندوق النقد الدولي، لأنه يشترط معايير إصلاحية مهمة للالتزام وحفظ الحقوق، ومن أهمها: الشفافية وضرورة إفصاح الشركات المملوكة للدولة عن أرباحها، وأن تفرض الضرائب على الشركات الحكومية والخاصة بدون استثناءات، وبشكل يعزز قيم التنافسية والحياد في أسواق المال والأعمال، ويفعل دور الدولة في الرقابة وإقرار القوانين المحفزة على الاستثمار، إلى جانب مسؤوليتها عن منع الاحتكار.

المملكة تعتبر الداعم الأول لمصر وبما إجماليه 14 مليار دولار، وقد توقفت عن تقديم مساعدات غير مشروطة لكل الدول منذ عام 2018، انسجاماً مع سياسة الإنفاق الاستراتيجي لرؤية 2030، ورغم قيام أميركا صاحبة المركز الثاني بدعم مصر سنوياً بما يزيد على المليار دولار، إلا أن معظم هذه الأموال يكون في هيئة معدات عسكرية أميركية، ولا تأتي كاستثمارات أو ودائع وقروض إلا في أضيق الحدود، ولعل اللافت هو سيطرة بريطانيا على سوق الاستثمار في مصر، وغيابها عن قائمة المساعدات المؤثرة مقارنة بالمملكة واستثماراتها التي لا تتجاوز مجموعة من الحصص في أربع شركات مسجلة في البورصة المصرية، وبقيمة تصل بالكاد إلى المليار دولار من أصل خمسة مليارات تم تخصيصها للاستثمار، ومعها وديعة بنفس القيمة تم تمديدها وستسترجع بطبيعة الحال.

السابق لا يشمل المساعدات الإنسانية السعودية، والتي تقدر قيمتها منذ بدء أعمالها بنحو 83 مليار دولار، وتعمل على مسار وأولويات مختلفة تماماً، وتوجد منصة إلكترونية خاصة بها، وتقرير المساعدات الإنسانية العالمية لعام 2022، يشير إلى وجود 300 مليون شخص حول العالم يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، وبارتفاع قدره 90 مليون شخص عن عام 2019، و50 % من هؤلاء يعيشون في تسع دول، والعجز الأممي في تمويل المشروعات الانسانية وصل إلى 33 مليار دولار من أصل 49 ملياراً مطلوبة لإنجاز أعماله، وهو أكبر عجز في تاريخ الأمم المتحدة منذ إنشائها، واللافت أن أميركا، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، وفرت دعماً كبيراً لأوكرانيا في أزمتها مع روسيا، وقلصت من دعمها للمنظمات الإنسانية والإغاثية، ومن أمثلتها (الأونروا).

إعلام الإخوان في الجوار وفي الخارج حاول استغلال التصريحات السعودية، وافترض وجود أزمة بين دول الخليج وبعض الدول العربية، مستفيداً من مجموعة أحداث صامتة ومتزامنة، والصحيح أن المملكة في يونيو 2022، قامت بإنفاق قرابة ثمانية مليارات دولار على مصر، وساعدت في بناء محطة طاقة بقيمة مليار ونصف المليار دولار، وأكدت أن حجم استثماراتها في الأراضي المصرية سيصل إلى 30 مليار دولار، لمساعدة حليف قديم في مواجهة ضعف العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، وهناك شركة سعودية مصرية تم تأسيسها في الداخل المصري، بمعرفة صندوق الاستثمارات العامة.

هذا بخلاف حزب الله وسيده حسن نصر الله، الذي دخل على خط تصريحات وزير المالية السعودي، بخطاب متلفز، يفتقد إلى الأدب واللياقة السياسية، ألقاه ضمن ما يعرف بجائزة قاسم سليماني العالمية للأدب المقاوم، وطلب بوقاحة باذخة مساعدة لبنان وإخراجه من مشكلاته الاقتصادية، متناسياً أن المجتمع الدولي أوقف مساعدته عن لبنان، لأنه قدم أوراقاً مملوءة بالأكاذيب، وأن 30 ألف لبناني من الجنسين يتركون لبنان شهرياً لاستحالة الحياة فيه، وأن لبنان يحتاج إلى مليون وثمان مئة ألف دولار لتسديد اشتراكه في عضوية الأمم المتحدة، واستعادة حقه في التصويت على قراراتها وحضور اجتماعاتها، والدول المانحة والتي اشتملت على خمسين دولة وهيئة مالية واقتصادية على المستويين الإقليمي والعالمي، لم تستطع تقديم 11 مليار دولار لإخراج لبنان من مأزق الدولة الفاشلة، والسبب إخفاقه في وضع برنامج للإصلاح الاقتصادي موافق عليه من صندوق النقد الدولي، وكل هذه الأخطاء الفادحة، جاءت كنتيجة طبيعية ومتوقعة لتغول حزب الله على مؤسسات الدولة، وعلى رجال السياسة فيها، ولا أعتقد أن أبسط الحلول ممكنة بوجوده في المشهد اللبناني.

توجد دول ترغب في استمرار الدعم السعودي التنموي بشكله التقليدي، وهذا يحرك الشبهات حول أساليبها في الاستفادة من هذه الأموال، وفي تحقيقها لأهدافها، وآلية المساعدات الجديدة تعمل على تقنين الإنفاق، وتحويله إلى أداة فاعلة وذات قيمة لكل الأطراف، وفيه نقل لتجربة المملكة الداخلية في مكافحة الفساد والحوكمة المالية، وتوظيفها في إدارة مساعداتها الخارجية، وبما يعود بالنفع العام على الدول المستهدفة وعليها كدولة مانحة.

نقلا عن "الرياض"

تاريخ الخبر: 2023-01-27 15:18:49
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 90%

آخر الأخبار حول العالم

موظفو جماعة أولاد عياد يصعدون ضد الرئيس بسبب الإقتطاع

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

حموشي يُشارك في ذكرى تأسيس الشرطة الإسبانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:50
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

حموشي يُشارك في ذكرى تأسيس الشرطة الإسبانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:52
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

موظفو جماعة أولاد عياد يصعدون ضد الرئيس بسبب الإقتطاع

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:55
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

حكيمي في التشكيلة المثالية لإياب نصف نهائي دوري أبطال أوربا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

حكيمي في التشكيلة المثالية لإياب نصف نهائي دوري أبطال أوربا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 15:26:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية