كم سيدفع كابرانات الجزائر من أجل استرجاع التوازن في مواجهة المغرب؟


الدار/ افتتاحية

هناك شعور جارف اليوم في أوساط القيادة العسكرية في الجزائر بأن المغرب قد تقدّم كثيرا على مستوى التفوق الاستراتيجي والعسكري والدبلوماسي. لقد تمّ تأهيل القوات المسلحة الملكية في السنوات الأخيرة عتادا وعدة وبشرا، واستفاد الجيش الملكي المغربي من خبرات غير متاحة للجميع من خلال المناورات العسكرية الواسعة التي يشارك فيها وعلى رأسها تمرين الأسد الإفريقي. كما تم تجديد الترسانة العسكرية من خلال الانفتاح على سلاح الجو الرادع المتمثّل في الطائرات المسيرة، بالإضافة إلى توفّر المغرب اليوم على منظومة رصد ومراقبة غاية في التطور بفضل الأقمار الاصطناعية التي كان إعلام الكابرانات قبل سنوات يسخر منها.

اليوم لم يعد هناك مجال لا للسخرية ولا حتى للابتسامة. الجنرالات يتجرّعون اليوم المرارة والخوف والرعب مما يحققه المغرب على المستوى العسكري والاستراتيجي من تقدم كبير. خريطة التحالفات التي نسجتها بلادنا اليوم مع كل دول العالم من الشرق والغرب توفر لنا فرصة للتزوّد بأي سلاح أو منظومة نبحث عنها لتحصين أمننا الوطني ووحدتنا الترابية. ومثلما يمتلك اليوم المغرب علاقات جيدة مع واشنطن ويعتبر حليفا استراتيجيا لها فإنه يمتلك أيضا علاقات جيدة جدا مع موسكو التي أصبحت بدورها شريكا اقتصاديا يعتبر المغرب صديقا يمكن الاعتماد عليه. هل ستكفي مليار يورو التي وضعها الأسير السابق لدى الجيش المغربي اللواء السعيد شنقريحة على طاولة الفرنسيين من أجل الحصول على أقمار اصطناعية لتجاوز هذه الهوة التي يدركها الجميع إلا الشعب الجزائري المسكين؟

لا يزال في جراب المغرب الكثير من هوامش التفوق والتحرك. وعلى الكابرانات أن يستعدوا قريبا مع قرب انهيار أسعار النفط والغاز بحلول فصل الربيع لنهاية البحبوحة التي تدفعهم إلى التغوّل الإعلامي على الأقل والتجرؤ بمحاولاتهم الدائمة من أجل النيل من وحدة المغرب الترابية. عليهم أن يستعدوا ليدفعوا الكثير من المليارات مقابل عودة التوازن بعد التفوق الواضح الذي حقّقته بلادنا على مستوى الردع، والذي تدل عليه بالأساس عمليات “التبندير” المنتظمة التي تتعرض لها الميليشيات التي تسول لها نفسها أن تقطع الجدار الأمني العازل باتجاه الأراضي المغربية وتحاول السيادة الحدودية لبلادنا.

ما لا ينتبه إليه الكابرانات اليوم أن التفوق لا يأتي من مجرد توفير فوائض مالية قادرة على شراء التكنولوجيات المتطورة. فحتّى إذا تمكن جيش الكابرانات من الحصول على مشتريات جديدة في مجال السلاح والتجسس والمراقبة فعليه أولا أن يوفر الموارد البشرية المؤهلة القادرة على تدبير هذه التجهيزات والاستفادة منها. وبالنسبة لجيش متقادم يمتلك عقيدة قتالية تنتمي إلى عصر العنتريات وعهد الحرب الباردة فإن الإيمان بالكفاءات الفردية لجنوده ومقاتليه يمثل مغامرة بل مخاطرة بمستقبل القياديين العواجيز الذين يرفضون أن ينافسهم أي عنصر في الظهور وملأ الفراغ بسبب غياب القيادات الكاريزمية في هذا الجيش. ولا أدلّ على ذلك أن الجيش الشعبي الجزائري المزعوم اضطر ليضع على رأس قيادته لواء كان أسيرا سابقا في معركة من المعاركة العابرة مع المغرب.

بقيادة هذا اللواء الذي يحمل نياشين الأسير السابق يحدث هذا النزوع نحو التسابق والتنافس مع المغرب في الوقت الذي تستمر فيه بلادنا في مخاطبة ودّ الجزائر والجزائريين من أجل أن يجنحوا إلى السلم والتعاون، للعمل على بناء اتحاد دول المغرب العربي وبناء تكتّل اقتصادي وسياسي قوي يرفع تحديات الألفية الثالثة، ويواجه الأطماع الاستعمارية الغربية التي لا تزال تنظر إلى منطقتنا نظرة استغلال امبريالية خالصة. ولكن ما دام الكابرانات على رأس هذا الجيش ويتحكمون في مفاصل القرار السياسي بهذا البلد الجار فإننا سنظل بلا شك تحت ضغط هذه الأجواء المسمومة التي يصنعها هؤلاء للحفاظ على شرعيتهم القائمة على نشر الخوف واختلاق الأعداء.

سيشترون الرادارات والأقمار الاصطناعية وربما يتزودون بالمسيّرات لكنهم ماذا سينصعون فيما يخص البنية الاقتصادية والإدارية المؤهلة لمواجهة ظروف الأزمات؟ هذا بلد لا ينتج حتى الحد الأدنى من استهلاكه من البطاطس والحبوب والحليب. كيف يمكن لبنية كهذه أن تستعد لخوض الحروب والصراعات وتفجير الأوضاع الأمنية؟ نقول إذن للكابرانات مرة أخرى في رسالة نصح وإرشاد: عودوا إلى رشدكم وضعوا أيديكم في أيدي قيادة هذا الوطن المغربي الأصيل الذي يحلم بمغرب عربي قوي يتصدى لكل رهانات المستقبل، ووفروا أموال الجزائريين لبناء المدارس والمستشفيات وتوفير المواد التموينية الأساسية، فالمغرب كان ولا يزال وسيظل دائما بلد سلام ومحبة وتعاون.

تاريخ الخبر: 2023-01-31 21:25:42
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية