شهدت قاعة “فكر وإبداع” ضمن فعاليات النشاط الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة مناقشة رواية “حجاب الساحر”، بحضور الكاتب الصحفي والرَوائي أحمد الشهاوي، الكاتب الصحفي والشاعر مصطفى عبادة، الكاتبة والناقدة ناهد راحيل والناقدة لبنى إسماعيل.

وقال الكاتب الصحفي والشاعر مصطفى عبادة: “سوف تظلُّ شخصية (شمس حمدي) بطلة رواية (حجاب الساحر) لأحمد الشهاوي طويلًا في ذاكرة الرواية العربية، فهي نموذج لمواجهة التناقضات السيئة للطبيعة البشرية، ذات روح غنائية تستحضرُ الأحلام، وخيبات الأمل، وما يعنيه أن تكون نقيًّا خلاقًا. شمس حمدي تخوضُ مع الراوي حربًا عميقةً ضد الجهل والخُرافة وإشاعة رُوح الخراب، حربًا ضد عدم اليقين، ومحاولة العيش في ظل محاولات الآخرين السيطرة عليها، والأضرار الجانبية التي تسرَّبت إلى رُوحها، والسِّحر الحقيقي في لحظات الانتصار”.

وأشار عبادة إلى أن “حجاب الساحر”، الرواية الأولى لأحمد الشهاوي، ماهرةٌ وبانوراميةٌ، ومكتوبةٌ بدقة من طبقاتٍ عديدةٍ، ومن العديد من الحقائق الاجتماعية المسكُوت عنها، وتكشفُ من ناحيةٍ أخرى آليات تخريب حياة الآخرين، وتفضحُ العديد من الأرواح والظروف التي تجعل من بعض البشر قتلة من دُون سببٍ، وغارقين في الأذى من دون سببٍ أيضًا.

وأضاف أن ما يلفت النظر في "حجاب الساحر" مع ذلك، هو هشاشة الشَّر برغم ما يبدو عليه من رسوخٍ وصلابةٍ في وجه أي مقاومة متى كانت صادقة.

وتابع: “يبدو كما لو أنَّ أحمد الشَّهاوي أراد بهذه الرواية أن يتجاوز نفسه بإدخالها في أُتُونُ معركةٍ جديدةٍ، هذه المرة، على صعيد الرواية، وأن يجرِّبها في حقلٍ صعبٍ آخر، وباختيارِ أشد طرق السَّرد صعوبة، بعدم الارتكان إلى نقطةٍ مركزيةٍ للانطلاق في الحكاية بل ظل سرده يُراوحُ بين تقنياتٍ مُتعددةٍ بالعودة إلى الماضي، والذهاب إلى المستقبل، بفن الرسالة ورُوح أدب الرحلة الرُّوحية والمكانية، والذهاب بعيدًا في استكناه المشاعر، والبحث وراءها، من أين أتت، وما بواعثُ هيجانها في موقفٍ معيَّن، أو وقتٍ ما، غير مُتخلٍّ عن المعرفيِّ المؤسِّس للروحي، أو الخالق له”.

ويرى عبادة أن "حجاب الساحر" رواية الشفقة والأرق والتضامن الإنساني، والحفر لاكتشاف الذات، الإحساس بالمهانة، في الصراع مع الآخر، حياة كاملة من السعي إلى المعرفة والحُب والارتواء الجسدي غير المكتمل، الذي يغذِّى الصراع الدائم بين الاحتياج والزُّهد، وما يخلقه ذلك من آلام.

من جهتها قالت الكاتبة والناقدة الأكاديمية الدكتور ناهد راحيل: “احتفت الرواية بعدد من المعارضات الثنائية بداية من المعارضات الفنية الواقعي والتخييلي، مرورا بالسردية الأولية للخير والشر، وانتهاء بالمعارضات الثقافية الذكورة / الأنوثة - المنطقي والغريب- أو ما يمكن تسميته بخطابات المتن/ الهامش”.

ولفتت إلى أن “دافع النص الروائي منذ بداتيه عن فكرة الثنائية أو الازدواجية، فنجد أن السرد توزع على صوتين رئيسين تشاركا في رواية الأحداث، فعلى مدار الفصول السبعة والعشرين نجد تلك الازدواجية الصوتية بين شمس حمدي وعمر الحديدي الفاعلين في مسارين متوازيين غير متساويين”.

وأشارت إلى أن “اتضحت تلك الثنائية كذلك في المجاورة بين الواقعي والتخييلي؛ والذي ظهر في رسم الشخصيات وتعيينات المكان وتحينات الزمان. فتكثفت ممارسة أسطرة شخصية شمس حمدي في الصفحات الأولى في المحكي الروائي، ومع ذلك تأسست واقعيتها من خلال شخصيات الأب والأم وزوج الأخت وبناتها والزوج والحبيب”.

تتجاور كذلك الفضاءات المعرفية المتصلة بعوالم السحر والغرابة بالفضاءات الواقعية التي تتحين الذات داخلها. فبالرغم من الشواهد التي تربط الشخصية بواقعها فإنها تنفلت منه وتعبر الإطار الزماني والمكاني المعروف وتخرج منه إلى الزمن الأبدي غير القابل للقياس.

وأكدت أن “تلك الثنائيات تدور في إطار السردية الكبرى للشر والخير، للقبح والجمال – تجسد الشر في محاولات زوج الأخت (غازي الشحات) في الاستيلاء على ثروة الأب والأخت وتسخير أعمال السحر لإضعاف روح شمس وإمراضها وتدمير سمعتها، في حين تمثل الخير في رحلة عمر للانتصار إلى الحق والجمال ومواجهة الشر ومحاولة إبطال مفعول السحر الأسود الذي بدأ يعتمل في جسدها”.