باقة من الورود في بداية العام الميلادي(٣)


باحث في موسيقى الألحان القبـطية

مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة

لقد درسنا وتأملنا معاً في خمسة أعياد سيدية في بداية هذا العام الميلادي الجديد تُعَبِّر عن الطقس الفرايحي في كنيستنا القبطية، وختاماً أُريد أن أُتكلم بنعمة الربعن علامات الطقس الفرايحي بصورة عامة، وعن خصائصه الموسيقية التي توضحه من خلال النقاط الآتية:

علامات الطقس الفرايحي وخصائصه الموسيقية:

أولاً من الناحية الروحية:

1- الاستعداد للعيد بالصوم قبله، خاصةً في أعياد القيامة (الصوم الكبير وأسبوع الآلام)، والميلاد (صوم الميلاد والبرامون)، والغطاس (البرامون)،وكلمة “برامون” هي كلمة يونانية تعني (خلاف العادة، أو فوق العادة)، ومعناها الاستعداد فوق العادة للعيد، فالكنيسة تُريدُنا أن نعيش فترة من النُسك والصوم الروحي في الأيام التي تسبق الأعياد؛ حتى يزداد إحساسُنا بالعيد وبفرحته بصورة روحية.

2- منع الصوم الانقطاعي في الأعياد السيدية، حيث أنه لا تتوافق فكرة التذلل والتقشف مع وضع العيد والفرح فيه وتذكار عمل ربنا يسوع المسيح المجيد مع البشرية، وكما قال السيد المسيح “أتقدرون أن تجعلوا بني العُرس يصومون ما دام العريس معهم؟” (لو5: 34)، وكما ذُكِرَ في الدسقولية الباب 31 “أعياد الرب يجب أن نفرح فيها فرحاً روحانياً ولا نحزن”.

3- وتأكيداً للفكرة السابقة فلا تُوجَد (ميطانيات) في فترة الأعياد؛ حيث أن الميطانيات مرتبطة بالصوم الإنقطاعي وبها تذلل ونُسك، وتعبيرعن الانسحاق،وهذا لا يُناسب أيام الفرح ولقاء الرب في ذكريات أعياده السيدية المُفرِحَة والمُبهِجَة.

ثانياً من الناحية الطقسية:

4- إمتداد الطقس الفرايحي لعدة أيام متتالية في بعض الأعياد، فمثلا يمتد الاحتفال بعيد القيامة المجيد خمسين يوماً، واستمرار الطقس الفرايحي ثمانية أيام من عيد الميلاد المجيد وحتى عيد الختان، كذلك استمرار الاحتفال بعيد الغطاس ثلاثة أيام حتى عيد عُرس قانا الجليل، كما نلاحظ استمرار الطقس الفرايحي كذلك لمدة ستة عشر يوماً من عيد النيروز وحتى عيد الصليب المقدس؛ وكل هذا حتى تُوَضِّحكنيستنا لأولادها عظمة وجلال هذه الأعياد التيلربنا يسوع المسيح مخلصنا.

ثالثاً من ناحية الحركة:

5- رتبت الكنيسة أيضاً موكباً لاستقبال الحَمَل بلحن “إبؤرو” الفرايحي في أعياد القيامة والميلاد والغطاس، فهو موكب مَلَكِي للسيد المسيح صاحب هذه الأعياد التي نستقبله كملك السلام.

6- استخدام الدورات الطقسية داخل الكنيسة، فهذه الدورات تمثل حالة صوتية خاصة كما ذَكَرَها المايسترو المهندس جورج كيرلس في حلقات برنامج ما وراء الألحان، وهي في عِلم الصوتيات تسمى (stereophonic) ، وفيها تتحرك أصوات المرتلين في آذان الشعب من حيث قربِهِم أو بُعدِهِم عنهم،فتتحرك موجات الصوت في علو وإنخفاض يُعطِي حالة من الحركة والبهجة والفرح، حتى في الألحان الفرايحي التي لا يُصاحبها آلتي الإيقاع (الناقوس والمثلث).

رابعاً من ناحية الوقت:

7- إقامة الأعياد الثلاثة الكبرى القيامة والميلاد والغطاس ليلاً وحتى قبل الفجر، وهو يُعَبِّر عن استقبال العيد بفرحة في أول ساعات اليوم، كما أن الميلاد والقيامة حدثا في نهايات الليل وبدايات الفجر.
8- وفي القداسات المُقامة في فترة الأعياد تُصَلَّىالساعة الثالثة والسادسة فقط؛ حيث أن القداس ينتهي باكراً لعدم وجود الصوم الإنقطاعي المتأخر.

خامساً من الناحية الفنية:

9- في دورات الكنيسة في الأعياد، خاصةً في القيامةيطوف الكهنة والشمامسة الكنيسة حاملين الأيقونات بألوانها الفاتحة المُبهِجَة، مع الرايات البيضاء والصلبان والشموع إعلانا عن فرحة العيد، وفي دورة عيد دخول السيد المسيح طفلاً إلى الهيكل يدور الشمامسة والكهنة حاملين البشارة الملفوفة بستر أبيض داخل الهيكل؛ إشارة إلى ماحدث حينما حَمَل سمعان الشيخ السيد المسيح في الهيكل مرنمين بلحن تي جاليليئا الذي يتكلم عن إشراق المسيح على المؤمنين.

10- في الأعياد السيدية تكون ملابس الأساقفة والكهنة براقة بالألوان الذهبية والبيضاء كما يلبس الأب البطريرك التاج الذهبي إشارة إلى استقبال العيد بما يُلائم عظمة وجلال هذه الأعياد.

11- كثرة الأضواء التي تُضاء في الأعياد السيدية رمزاًلشروق شمس البر ربنا يسوع المسيح، وإضافة بهجة خاصة في أعياده المجيدة.

سادساً من الناحية الموسيقية:

12- كثرة الألحان في الطقس الفرايحي عن الطقس السنوي، فإذا اعتبرنا أن فترة القراءات الكنسية يصل زمُنها إلى حوالي الساعة في الفترة السنوية،نجد أن هذا الوقت يُصبِح حوالي الساعتين؛ نظراًللألحان العديدة التي تُضاف في فترة الأعياد.

13- إستخدام آلتي الإيقاع (الناقوس والمثلث) بكثرة مع ألحان المناسبات في الطقس الفرايحي، لتُضفِي نوعاً من البهجة والفرح والنشاط الخاصة بالعيد.

14- لكل عيد من الأعياد السيدية لحن أو أكثر يتميز بهم العيد، تُعَبِّر موسيقاه عن جانب أو أكثر من جوانب هذا العيد.

15- إستخدام قداس خاص بالأعياد السيدية وهو القداس الغريغوري، الذي يتميز بروح التأمل،وبألحانه الجذابة ذات النهايات المُمَيَّزة والمُفرِحَة والتي تَصدَح في الطبقات العالية.

16- وجود ختام مُمَيِّز لصلوات الكاهن ومردات الشماسوالشعب، ذات النغمات الطويلة الإيقاعية المُفرِحَة التي تُمَيِّز الطقس الفرايحي ويُصاحبها الناقوس والمثلث.

17- ومن العجيب في كنيستنا القبطية الأورثوذكسية فكرة تخصيص مقام مُعَيَّن ليُعَبِّر عن الطقس الفرايحي بدقة، وذلك لِوَعيِهَا وفَهمِهَا الكامل لتأثيرالمقامات الموسيقية على الحالة النفسية التي يعيشها الإنسان، ولذلك فقد استخدمت مقام (البياتي) للتعبير عن الفرح بالأعياد السيدية الخاصة برب المجد، مع العِلم بأن الكنيسة تَتَمَيَّز في ألحانها العديدة بالتنوع الشديد في المقامات الموسيقية؛ ولكن خصصت هذا المقام بالذات (البياتي) الذي استخدمته بنسبة تصل إلى 90% في ألحان الأعياد السيدية والطقس الفرايحي لطبيعة هذا المقام الجميل الذي قال علماء الموسيقى: “انه يجمع ما بين الشَجَن والرِّقَة والفرح، وهو مقام واسع ومِعطاء وقابل للتشكيل يُعطِي فرصاً كثيرة للتلحين والإنتاج، كما أنه يكون هادئاً وذا شجون عندما تكون ألحانُهُ ناعسة وإيقاعه بطيء؛ ولكن يكون متحركاً مٌطرِباً إذا جاءت ألحانُهُ على إيقاعٍسريع، وفي جميع الحالات يبقى هو مقام الشوق والحب، ويحمل إحساس النداء والانتظار واللهفة.

وكل هذه المشاعر تُناسب تماماً الاحتفال بربنا يسوع المسيح في أعياده السيدية، من حيث فرحِنا وحبِنا واشتياقِنا له، مع الاعتبار أن ألحان هذه الأعياد لا تخلو من لمسة الشجن البسيطة، والتي تُعَبِّر عن امتناننا وشكرنا لما فعله الرب من أجلنا ومن أجل خلاصنا.

18- ومن حيث أساليب الصياغة الموسيقية، فألحان هذه الأعياد التي تتميز “بالميليسما” (كل حرف لفظيمتحرك له نغمات عديدة)، تكون جُمَلُها اللحنية مليئةًبالفرحةِ والطَّرَب والمِساحات الكبيرة (أي استخدام مساحات كبيرة من السلم الموسيقي)، وتَتَمَيَّز كذلك بالقفزات الموسيقية التي تُعَبِّر عن الحركة والإنطلاق، كذلك توجد الزخارف والحِليات الموسيقية بكثرة، تعبيراً

تاريخ الخبر: 2023-02-02 09:21:57
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

القيامة‏…‏والمجد

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:21:49
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

«ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025 - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:23:49
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٧)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:21:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

الأرصاد: لاتزال الفرصة مهيأة لهطول الأمطار بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:23:53
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية