كشف تقرير الوظائف لشهر يناير/كانون الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعاً "كبيراً" في نمو الوظائف، حتى تفاجأ العملاء الاقتصاديون من الأرقام، التي اعتبروها لا تتلاءم مع واقع التباطؤ الاقتصادي الحاصل، في حين تلقفت الأسواق هذا الخبر، منخفضة الجمعة، بعد أن حققت مكاسب أسبوعية.

وأشارت شبكة "سي أن أن" إلى أنه لم يكن متوقعاً أن يضيف الاقتصاد الأمريكي نصف مليون وظيفة في يناير/كانون الثاني. فقد ترقب استطلاع جمع 81 اقتصادياً أن تصل المكاسب الوظيفية إلى نحو 185 ألفاً، وفقاً لرفينيتيف.

وتوقع الخبراء تباطؤ مكاسب الوظائف بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما أدى إلى تباطؤ الاستثمار والنمو ودفع الشركات إلى التراجع عن الإنفاق والتوظيف، وذلك بعد 11 شهراً من الارتفاعات الشديدة لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.

ووفق رويترز فإنه من المفترض أن يمنح تراجع وتيرة ارتفاع الأجور مرة أخرى مجلس الاحتياطي الاتحادي متنفساً في معركته لكبح التضخم.

وبيّنت الوكالة أنه عُدلت بيانات شهر ديسمبر/كانون الأول لتظهر إضافة 260 ألف وظيفة وليس 223 ألفاً في القراءة السابقة. وارتفع متوسط الأجور في الساعة 0,3% بعد زيادة 0,4% في ديسمبر. ويعني هذا تراجع زيادة الأجور على أساس سنوي إلى 4,4% مقابل 4,8% في ديسمبر.

وفي هذا الصدد، قالت المحللة الاقتصادية روشا فانكودري إنه "رغم أن ذلك بدا مستحيلاً، لكن سوق العمل تزداد إحكاماً وقوة إلى حد ما".

وأشارت إلى أنه بعد إصدار تقرير الوظائف: "أعتقد أن جميع اقتصاديي العمل في البلاد مصدومون".

وتابعت بأن السؤال الذي يدور في أذهان الجميع هو: "كيف يمكن أن يبقى سوق العمل أقوى؟ وكيف يمكن أن يستمر هذا في الحدوث بينما نرى التضخم ينخفض في الوقت عينه؟".

وحسب تقرير سي أن أن، فإن ذلك يطرح المزيد من الأسئلة، ليس فقط حول حالة الاقتصاد وما إذا كان يمر فعلاً بمرحلة هبوط ناعم، ولكن أيضاً حول محاولات الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم المرتفع.

واختتم الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، أول اجتماع لاتخاذ القرارات خلال العام 2023 رافعاً سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة، وهو أصغر رفع منذ مارس/آذار، كون الإدارة لمست تقدماً في "معركة" خفض التضخم.

من جانبها، قالت الاقتصادية إليزابيث كروفوت إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزالون يركزون على الأجور والتضخم، ويشهدون بعض التقدم. ومن المتوقع حدوث تقلبات في أي بيانات اقتصادية، ومن المهم أن نتذكر أن شهراً واحداً لا يشكل اتجاهاً، خصوصاً لبيانات يناير/كانون الثاني.

ولفت إلى أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي سيستمرون في مراقبة البيانات، وسيظلون على سياستهم النقدية المتشددة حتى يروا أن معدل التضخم ينخفض.

ويوضح تقرير "سي أن أن" أن تقرير الوظائف لشهر يناير جاء مع مزيد من التعقيد، لأنه تضمن تحديثات سنوية لتقديرات السكان ومراجعات لبيانات أصحاب العمل.

وقال الاقتصاديان في جامعة ميشيغان بيتسي ستيفنسون وبيني دكتور، الجمعة، "إننا نعلم أن كلاً من 2021 و2022 كان لهما نمو وظيفي أسرع مما كنا ندركه سابقاً. وتظل الأنماط كما هي: تسارع نمو الوظائف في النصف الثاني من عام 2021 قبل أن يتباطأ في النصف الأول من عام 2022 ويتباطأ أكثر في النصف الثاني من عام 2022".

ونصح الاقتصادي جو بروسولاس، "صانعي السياسات والعملاء الاقتصاديين بتجاهل الرقم الأساسي [517000] في التقرير"، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن يكون نتيجة التعديلات الموسمية وانعكاس التقلبات في نشاط التوظيف والتخفيضات التقليدية التي تحدث من منتصف ديسمبر/كانون الأول إلى منتصف يناير/كانون الثاني.

ورفعت البنوك المركزية الكبرى الأسبوع الماضي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية، ومع ذلك اندفع المستثمرون إلى الأسهم والسندات بعد أن ألمح المسؤولون إلى أن الدورة الحالية للتشديد النقدي ربما تقترب من نهايتها.

وأضافت الولايات المتحدة 517 ألف وظيفة في يناير/كانون الثاني، وهي أعلى بكثير من 185 ألف وظيفة التي توقعها الاقتصاديون في وول ستريت. وأضاف الاقتصاد 260 ألف وظيفة في ديسمبر/كانون الأول. وانخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ عقود عدة بنسبة 3,4%، من 3,5% خلال الشهر السابق.

TRT عربي - وكالات