وطني تحاور الدكتور أحمد غنيم أول رئيس لهيئة المتحف القومي للحضارة


كان لوطني لقاء مع الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية.

الدكتور أحمد فاروق غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، وهو أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، وهو باحث مشارك بمنتدى البحوث الاقتصادية، وسبق له العمل كمستشار ثقافي لمصر ورئيس للبعثة التعليمية في ألمانيا والنمسا في الفترة ما بين 2104 إلى 2018 كما يعمل كمستشار لعديد من المنظمات الدولية من ضمنها البنك الدولي والمنظمة العالمية للملكية الفكرية والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وتولى عدة مناصب تنفيذية وذلك أثناء عمله كمستشار لوزيري التجارة والصناعة في الموضوعات المتعلقة بالتجارة الخارجية أو الاتفاقات الدولية. فكون أن الدكتور أحمد غنيم أول رئيس لهيئة المتحف القومي للحضارة أرادت وطني أن تتعرف على خطة المتحف القادمة بعد الافتتاح الأسطوري الذي شهده العالم بموكب المومياوات فكان هذا الحوار ..

اختيار رجل اقتصاد في مكان يخص الأثريين أمر غريب.. كيف تم اختيارك؟

اختياري كان مفاجأة بالنسبة لي.. حيث أنني كنت أعمل في المجال الاقتصادي طوال حياتي، ثم التحقت في مجال السلك الدبلوماسي، حيث كنت مستشاراً ثقافياً لمصر في ألمانيا والنمسا من 2014 إلى 2018 وكان لي الشرف على التعرف على الوزير السابق للسياحة والأثار – الدكتور خالد العناني في ألمانيا قبل تقليده منصبه كوزير.

بعد عودتي إلى مصر كنت أتكلم مع صديق لي وهو الوزير أشرف العربي على خبرتي في مجال عملي، وبعدها وجدته يتصل بي يوماً ليعرض علي أن أمسك متحف الحضارة.. فاجأني العرض، حيث أنني كنت رجل اقتصاد طول عمري ولم أعلم شئ عن هذا المجال.

وفي إبريل 2020 تلقيت اتصال من الدكتور خالد العناني، طالباً مقابلتي، وفي هذه المقابلة شرح لي أن جميع المتاحف في مصر تتبع المجلس الأعلى للأثار باستثناء متحفين – المتحف المصري الكبير وهو لم يفتتح بعد ومتحف الحضارة المصرية، وهما هيئتين اقتصاديتين مستقلتين وتم إنشاهما بموجب قانونين منفصلين، وبما أن متحف الحضارة هيئة اقتصادية فهو في رأيه أن يتولى إدارة المتحف رجل اقتصادي، وبما أنني عندي خلفيه ثقافية بحكم عملي كمستشار ثقافي، فهو يرى أن اختياري يكون مناسب لهذا المنصب.

بعد هذه المقابلة زرت المتحف وتعايشت مع كل ما رأيت فيه ورأيت أنه مشروع قومي ليس مجرد متحف، ودرست إمكانيات هذا المتحف المادية، فتوكلت على الله ووافقت أن أكون في هذا المنصب وهو منصب بيصدر بقرار رئيس وزراء لمدة ثلاثة سنوات.

تفكيري في هذا المكان والفريق الذي يعمل معي ليس اقتصادي فقط أو ثقافي فقط، فنحن نحاول عمل توازن ما بين البعدين.. فكثير من الأشخاص والهيئات تجتمع معي لطلب عمل أشياء معينة في المتحف، لكنني أرفضها بالرغم أنها تدر عوائد مالية، وذلك لأن هذا المكان له كينونة ويجب الحفاظ عليها وإذا فكرت بشكل مالي بحت سأضحي بأشياء وأعراف كثيرة يجب علي أن أحافظ عليها، على سبيل المثال طلب أحد الشخصيات إقامة فرح أو تصوير رسمي، فرفضت، لأنني متحفظ جدا على كينونة المكان، حتى المحالات ندقق جدا في اختيارها وماذا تقدم للزوار.

وكذلك أحافظ على مراجعة الحركة المالية بشكل أسبوعي، ونفكر باستمرار في أفكار غير تقليدية لجلب دخل بدون المساس باللوائح والقوانين الحكومية.

هل سبب قبولك لهذا المنصب أن المتحف هيئة مستقلة؟

أولاً تشجيع الدكتور خالد العناني وتوضيحه للأمور كان عامل أساسي في اتخاذي للقرار، ثانيًا وجودي في هيئة مستقلة يعطيني حرية التصرف بعيداً عن الأساليب المعتادة. وثالثاً أنا وصلت لفئة عمرية لم يكن ممكن أن أتدرج في السلم من تحت لفوق كما كنا في مرحلة عمرية أصغر.

لقد وجدت في هذا المتحف إمكانيات يمكن من خلالها تحويل هذا المكان إلى منارة ثقافية علمية أدبية.. أنا أعترف أنني لست أثرياً وأحاول بقدر الإمكان أن أحترم خصوصية هذا الأمر ولدي نائب للشئون الأثرية، فالتعامل مع الأثريين يكون بحذر حتى لا يشعر أحد أني أجور على مجال ليس مجالي، ونحرص على أننا نكمل فكرة الأثار بالحضارة والثقافة والفكر المصري، ونربط القديم بالجديد ونبرز الحضارات المختلفة في مصر – التي ليست بالضرورة أن تكون فرعونية فقط – فمن أحد المشاريع التي اعتز بها جدا هو “تراث محافظاتنا” فكل فترة نستدعي محافظة من محافظات مصر، وتأتي بتراثها كله من عادات وتقاليد وتراث وثقافة خاصة بها وأكل وشرب ورقص ومغنى وأزياء، فيشاهد زوار المتحف ما تتميز به هذه المحافظة..

ما المحتويات التي تميز متحف الحضارة المصرية عن غيره؟

المحتويات التي تميزنا عن المتاحف الأخرى، أولاً لا أركز فقط على الحضارة الفرعونية ولكنني أركز على العصر ما قبل الفرعوني ثم الفرعوني ثم الإغريقي والروماني ثم القبطي والإسلامي ثم العصر الحديث والمعاصر.. فلا يوجد متحف في مصر يشمل كل هذه الحضارات علي مر العصور التي مرت بها.

ثانياً لدينا طريقة عرض مختلفة للمومياوات الملكية، حيث توحي للزوار أنهم في قبر في وادي الملوك من حيث الإضاءة المظلمة والديكور المحيط بشكل إبهاري. ثالثاً: استخدام اللغة الحديثة في مخاطبة الزائرين، فأثناء وجودك في أي متحف تقليدي يمكنك معرفة المعلومات عن المعروضات من خلال كروت للقراءة ولكننا هنا نستخدم تكنولوجيا كثيرة في شكل شاشات تفاعلية وفي شكل أفلام توضيحية ومازلنا نطور باستمرار هذا الجانب.

رابعاً المتحف لا يقدم آثار فقط لكن الهدف أن الزائر يعرف أشياء أخرى، مثل مشروع “كيميت” الذي يقدم شئ مناسب للحضارة للأطفال، فجزء منها به لعبة تحاكي التنقيب عن الأثار وجزء أخر يقدم لهم مسرحية وفيلم.

ونهتم أيضًا بفكرة الخدمات فنحن نترقب افتتاح ما يسمى بالمول وهو سيقدم ما يتصل بالحضارة وأشياء كلها متصلة بالحرف التقليدية الموجودة في بلدنا.

وأراعي أن الزائر المصري خاصة ليس لديه أماكن للزيارة في اجازته سوى مول أو نادي، ولذلك نحاول أن نوفر له مجال للتنزه بها جرعة ثقافية محترمة وتنزه مناسب للعائلة كلها.

كيف يتم الترويج لهذا المتحف داخلياً وعالمياً؟

لدينا زوار من العديد من بلدان العالم، والذين يمثلون سفراء لنا في بلادهم منهم على سبيل المثال وليس الحصر، أمريكا الجنوبية، ولي عهد الأردن، رئيس كولومبيا السابق، وزراء من دول متعددة.

وكذلك أحاول الظهور في وسائل الإعلام المختلفة حتى يعرف الشعب عن المتحف، ولدينا أيضًا قناة على اليوتيوب لتتيح للزوار معرفة أكثر عن المكان.. وأيضًا توجهت إلى مؤتمر البيئة العالمي – كوب 27 – بالتعاون مع إتحاد الصناعات لكي أتكلم في محاضرة عن كيفية أننا نتحول إلى متحف أخضر، والاستيراتيجية الخاصة بنا. وفي رحلة مع مصر للطيران توجهت إلى النرويج مع السفيرأمير شريف للترويج عن المتحف احتفالاً باطلاق الرحلة الخامسة لمصر للطيران لكوبنهاجن..

لذا أساليب الترويج مهم أن يظهر فيها المتحف بشكل مختلف وجذاب، وأحيانا يكون عبء علينا لكن نحن ليس لدينا ميزانية لكي نخرج بإعلانات. فأساليب الترويج يجب أن تكون بشكل مختلف من خلال تمويل من رعاة.

هذا المتحف تم الترويج له في أول مراحله بشكل كبير بسبب احتفال نقل المومياوات إليه، وكان التحدي هو كيف ستحافظ على هذا النجاح.

وبالتالي ليس عندي ميزانية للترويج، فبدأت أروج بأشكال غير مباشرة دون أن أتحمل أي مصاريف، داخلياً يتم عمل حفلات فيتم تغطيتها من قبل الصحفيين، والأسلوب الثاني النشر على شبكات التواصل الاجتماعي والاسلوب الثالث هو العلاقات الطيبة مع السادة السفراء الذين بالتبعية يروجون إلى المتحف لكل زوارهم ويستدعون وفود من بلادهم لزيارة مصر وبالتبعية زيارة المتحف.

ما هي الآمال المستقبلية للمتحف…؟

لدينا خطة أن نستمر في تقديم كل ما يتعلق بالتراث والثقافة المصرية دون المساس بمكانة مؤسسات موجودة في مصر من مكتبة الإسكندرية مثلاً فنحن نتعاون معهم في كثير من الأحيان. أيضًا نخطط أن نفتح قاعة جديدة بدون أثار وتكون بنظام التكنولوجيا فقط بما يعرف “بالهرم الزجاجي” وسبب تأخير هذه الخطة هو احتياجنا لتمويل كافي لتنفيذ ذلك وكذلك المحتوى الفني والتكنولوجي.

كيف تم تحويل متحف الحضارة إلى متحف أخضر؟

أول شئ قمنا به هو حساب البصمة الكربونية داخل كوردون المتحف، بالتعاون مع شركة مصرية لعمل تلك القياسات، وبعد عمل هذا القياسات بمراجعة عدد السيارات التي تدخل للمكان وعدد الزوار، ومنها وضعنا استراتيجية تحدد ما هي الآليات التي يمكن أن نستخدمها لتقليل هذه الإنبعاثات الكربونية، بعضها يلائمنا وبعضها لا يلائمنا بمعنى أن من ضمن المقترحات كان وضع لوحات السولار على المبنى وهذا كان سيشوه شكل المبنى معمارياً، ومن ضمن الحلول التي يمكننا عملها هو زراعة الأشجار في محيط متحف الحضارة.. الاستراتيجية مستمرة لغاية 2030 واجراءاتها محددة سنوياً.

من أين جاءت فكرة قاعة المومياوات؟

فكرة قاعة المومياوات وغيرها من أفكار العرض المتحفي كلها ترجع إلى فريق كبير من العاملين على رأسهم وزير السياحة والأثار السابق، ولجنة السيناريو ومنها الدكتور محمود مبروك، والاسستشاري الذي صمم هذا المكان الدكتور غزالي كسيبة..

التفكير الأساسي كان عملية إبهار بالعرض المتحفي، فمصر مليئة بالكثير من الكنوز لكن مشكلتنا دائما أننا لا نعرف كيف نعرضها..

المتحف المصري يفوقنا بمراحل فيما يمتلك من كنوز وقطع أثرية، ولكن ما يميزنا هو كيف نعرض الكنوز ونهتم بكل الخدمات التي نقدمها للزوار على أعلى مستوى، نظافة الحمامات والأمن وتعامله مع الزوار.

هل يوجد تعاون مع بعض الهيئات أو مؤسسات أم يكون المتحف مستقلاً ليفرض نفسه؟

الهدف الأول لدينا كان أن نكون منارة ثقافية للحضارة المصرية بأبعادها المختلفة من فن وثقافة وعادات وتقاليد. وفريق العمل هنا لديهم أفكار عظيمة، فعندما أطلقنا العنان في التفكير قلت لهم أن شعارنا في العمل يكون ” أنا أوافق على أي شئ إلا لو”.. فبدأت الأفكار تتدفق وكل واحد منهم يقترح فكرة وأنا أتابع أفكارهم من النواحي المالية والسياسية والإدارية.. وأخر فكرة طرحت عندنا كانت الأكلات المصرية المختلفة وسيتم العمل على هذه الفكرة.

وبعد ما كنا نتكلم على أفكار حفلات أصبحنا نتكلم على ورش عمل وعلى أشياء للأطفال وبدأنا نشرك المتخصصين في البيئة والمسئولين عن ذوي الهمم وأركز على وجودهم بشكل أساسي، وبدأت الأفكار تتدفق في مختلف المجالات. وهذا لفت أنظار بعض المؤسسات والهيئات إلى المتحف، فبدأت السفارات تأتي إلينا، وبشكل عام أي سفير يكون متحمس لعرض الجزء الثقافي الخاص ببلده ولكن لا يعلن أين يمكنه عرضه في أي بلد مضيفة له.. فأصبح هذا المتحف ملجأ للسفارات لعمل هذه العروض، وأنا أحولها لفكرة ربط حضارة هذه البلد مع الحضارة المصرية، فمثلاً سفير إيطاليا تقدم بفكرة عرض فيلم تم تنفيذه في إيطاليا عن توت عنخ أمون، لكنني قلت له أن الاقبال لن يكون عالي، فتفاوضت معه أن يدبر سياح ويروج للحدث عنده، أما سفير أسبانيا فكان لديه عرض للرقص فلامنكو وقد يكون لها بعد عربي، فدعوته لعمل هذا العرض في متحف الحضارة، وترقص على أغنية حلوة يا بلدي.. وعملنا عزف على الهارب مع سفارة سويسرا – أعظم عازف في العالم من أصل روسي ولكنه يعيش في سويسرا مع عازفة هارب مصرية معا.. وكذلك عملنا معرض صور لدراسة أوجه التشابه بين مصر والمكسيك.. فبدأنا نعمل نوع من تلاقي الحضارات مع التركيز على الحضارة المصرية.

50 ألف قطعة في متحف مستقل.. ما هي طموحات الدكتور أحمد للمستقبل؟

يجب نفرق ما بين من أين بدأنا وإلى أين نحن ذاهبون، ونحن في هذه النقطة راضيين.. أما النقطة الثانية هي من أين نحن الأن وما نحلم أن نحققه.. كثير من أحلامنا مثل الهرم الزجاجي واكتمال الخدمات بمزج الترفيه مع الأثار والثقافة كذلك الاهتمام أكثر بذوي الهمم وكذلك البعد البيئي.

أما من الناحية الاقتصادية والتجارية، أتمنى أن أغطي تكاليفي، فلا يوجد متحف في العالم يغطي تكاليفه، مع عدم المساس بالحفاظ على هيبة وكينونة المتحف.

تاريخ الخبر: 2023-02-05 12:22:11
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

رواد مركبة الفضاء الصينية “شنتشو-17” يعودون إلى الأرض في 30 أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

رصد 54 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية في شهر مارس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

الصين: “بي إم دبليو” تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية