رغم سقوط مئات المتهمين بالنصب، فإن أصحاب وهم الثراء السريع لا يتعلمون الدرس، ومنذ ظهور ظاهرة «المستريحين» فى الفترة الأخيرة، أصبحت حديث العالم، ورغم تحذيرات وزارة الداخلية من هؤلاء النصابين، فإن الفكرة ما زالت تسيطر على عقولهم، فحلم الثراء السريع أعمى بصائرهم، فيذهبون بأنفسهم لتسليم «شقا عمرهم» بأيديهم للنصاب الذى يستغل حاجتهم للأموال؛ لتحسين مستوى معيشتهم.

وبعد أن يقعوا فى المصائب والكوارث من «المستريح»، يندبون حظهم، لكن حينها يكون الأوان قد فات لأن أموالهم تكون قد ذهبت فى مهب الريح، بعد استيلائه على أحلامهم وأموالهم بزعم توظيفها، وإعطائهم أرباحاً طائلة، من أصل المبلغ أو الماشية التى لا يمتلكون سواها.

اللواء محمد زكي: الأمية الاقتصادية أبرز أسباب انتشار ظاهرة النصب وجمع أموال الضحايا

ويقول اللواء محمد زكى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: إن ظاهرة انتشار المستريحين تنشأ فى بعض المجتمعات فى أوقات معينة وترجع فى المقام الأول إلى الأمية، ليست الأمية الأبجدية، لكنها أمية ممارسة الحياة وفهم الأمور الاقتصادية فى أى مكان وموضع، وعدم وجود علاقة بين المواطن والخبراء الاقتصاديين والماليين لمعرفة الحقائق بأسلوب التعامل مع مدخرات المواطنين، ويؤدى هذا إلى الاندفاع وراء أى نوع من أنواع المعلومات التى تتعلق بشخص معين لديه القدرة على الاستثمار فى معدلات غاية فى النسب المئوية المرتفعة للعملة، ما لا يتناسب مع أنواع النشاطات الاقتصادية مع المجتمع وبشكل يندفع إليه بعض الأميين الاقتصاديين لمحاولة تنمية أموالهم بأسلوب سريع لكنه غير منطقى، وبنفس الوقت ينهار بهم وبمدخراتهم.

زكي: التوعية والمواجهة الأمنية هما الحل 

وأضاف اللواء محمد زكى أنه لا يمكن للمجتمع مواجهة هذه الظاهرة الشائعة فى الفترة الأخيرة إلا بتضافر جهد مجتمعى ما بين جهات الإعلام والخبراء الاقتصاديين، بحيث يشارك بها رجال الاقتصاد للتوعية وإيضاح تعداد النسب المئوية مهما كانت مسمياتها سواء كانت فى بنوك لها صبغة دينية أو البنوك العادية، وينضم إليهم مفسرون دينيون من الأزهر الشريف والكنائس لكى يوضحوا للمواطن، خصوصاً المواطن الذى ليست له قدرات تعليمية كافية، ونوه «زكى» بأن هذا جهد مجتمعى يشارك به فى المقام الأول الإعلام ورجال الدين والاقتصاد، ليوضحوا الأمور وينذروا من أى استثمارات قد تسىء إلى الأوضاع الاقتصادية، ولا تفيد المشاركين بها.

ووقعت أشهر جرائم النصب فى الفترة الأخيرة يوم الأربعاء الموافق 11 مايو 2022، عندما توالت البلاغات من أهالى نجوع قرى الشرفا والبصيلية بمركز إدفو، وعددهم 801 شخص، ضد مستريح أسوان، المعروف باسم «مصطفى البنك»، بتهمة الاستيلاء على وسرقة أموالهم، وتحركت قوة أمنية بوزارة الداخلية للقبض عليه، خلال هروبه واختبائه بإحدى المناطق الجبلية فى محافظة أسوان، وعثر بحوزته على «9.5 مليون جنيه»، وأسفرت تلك المداهمة عن استشهاد لواءى شرطة خلال حادث مرورى خلال مطاردته.

وبدأت قصة «مصطفى البنك»، الشهير بمستريح أسوان، بعد ظهوره فى قرية البصيلية، واستولى على طموحات وأحلام الأهالى بعد أن وعدهم باكتساب الأموال بحجة شراء المواشى الخاصة بهم بضعف الثمن، بوعد منه للشخص بأن يقبل تسلُّم قيمة أمواله بعد 3 أسابيع على دفعات، واستغل هذا كبار أصحاب الماشية، أملاً منهم فى الكسب الكثير.

وكانت الأجهزة الأمنية قد رصدت تردد عدد من المواطنين أمام منزل أحد الأشخاص (مقيم بقرية البصيلية - مركز إدفو بأسوان) للمطالبة باسترداد أموالهم لقيامه بالنصب والاحتيال عليهم والحصول على مواشيهم وأموالهم بزعم توظيفها مقابل أرباح مرتفعة وامتناعه عن السداد، وتمكنه من الهرب، وبالفحص تبين أن المذكور قام بالحصول على نحو مليار جنيه منهم بزعم توظيفها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، وكانت دائرة جنايات قنا الاقتصادية، قد حجزت الدعوى لجلسة 5 فبراير الحالى.

وفى محافظة الجيزة، تمكن خالد السمان، الشهير بـ«مستريح كرداسة»، من جمع 288 مليون جنيه من 2320 ضحية من أهالى كرداسة، بعد أن وثقوا به، بعد أن أوهمهم بأنه يعمل على زيادة أموالهم بالإضافة لثبات رؤوس المال وأصولها، لكنه كان وراء ذلك يخطط للاستيلاء عليها، وجمعها للهروب بها، وبعد عام ونصف من اختفائه عن الأهالى، تأكد الضحايا أنه هرب بطموحاتهم وأحلامهم، فعاشوا فى صدمة كبيرة وصلت تداعياتها لوفاة 12 شخصاً.

وبعدها بشهور تلقت أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية بلاغات من المواطنين ضد شخص يدعى خالد السمان، الشهير بـ«مستريح كرداسة»، فتمكنوا من القبض عليه بمحافظة الإسكندرية، وتبين أيضاً هروبه من 50 حكماً قضائياً، وذلك بعد تتبع الأجهزة الأمنية لتحركاته، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، على أن تصدر المحكمة الاقتصادية بالقاهرة حكمها على «مستريح كرداسة» بجلسة 20 فبراير الحالى.

وفى مركز إدفو بمحافظة أسوان، بدأ عدد من الأهالى التردد على معرض سيارات، ليطالبوا باسترداد أموالهم بعد أن تمكن عبدالظاهر الحصاوى، الشهير بـ«الحصاوى»، من النصب والاستيلاء على أموالهم «بأسلوب الوعدة»، بحصوله على سياراتهم بزعم تشغيلها لهم فى تجارة السيارات، وبعد أن امتنع المستريح عن سداد الأموال فى ميعادها المحدد، بدأوا يطاردونه أمام معرض السيارات الخاص به بكوم أمبو، وتم صرفهم.

وتمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من القبض على «الحصاوى»، خلال اختبائه بالعمرانية فى الجيزة، بعد تلقى بلاغات من أكثر من 1000 ضحية، وعثر بحوزته على 16 سبيكة ذهبية وزنت 10٫500 كيلوجرام، و700 ألف جنيه، وتم ضبط والده ومعاونيه، واتخاذ الإجراءات القانونية.