دعوة إلي الحياة ..رسالة ترسم الابتسامة علي شفاة المرضي
دعوة إلي الحياة ..رسالة ترسم الابتسامة علي شفاة المرضي
الحياة مملة.. كريهة.. تافهة.. فارغة.. لا تستحق منا الاهتمام, إنها كلمات سلبية نواجه بها موقفا من مواقف الحياة أو حادثا مكدرا يفسد سعادتنا, وكثيرون منا يبدون عداء وكراهية للحياة بمجرد أن تصدمهم عقبة أو يقف في سبيل تحقيق أمانيهم شيء.
والواقع أننا نفسد أحيانا طعم الحياة, ولم نتعلم بعد كيف نحياها, نعيش يومنا إما نفكر في الماضي أو نقلق علي المستقبل, ويمر حاضرنا ليصبح ماضيا ويتحول المستقبل إلي حاضر ونحن مازلنا في حالة القلق والملل والخوف واللوم علي الحياة.
وهذه قصة دعوة إلي الحياة.. تعلمنا كيف يجب أن نعيش يومنا وأن نسعد به.
تقول صاحبة القصة: كنت قد أحسست بالملل والقلق والضيق يغلف حياتي الزوجية, الأولاد كبروا وذهبوا إلي مدارسهم وزوجي مشغول بعمله, وأنا كنت قد تركت عملي من أجل تربية أولادنا الثلاثة, وفي أحد الأيام شعرت بجزء متضخم قليلا عند كتفي, لم يكن يؤلمني ولكن مظهره وتضخمه أثار قلقي, فذهبت إلي الطبيب الذي قرر إجراء جراحة لاستئصال هذا الجزء وتمت العملية بنجاح وعدت إلي منزلي, وبعد أسبوع واحد نما هذا الجزء مرة ثانية فشعرت بالقلق, وعند نفس الطبيب قرر إجراء جراحة ثانية, وبعد الجراحة بدا عليه القلق وهو يطلب أن نجري بعض الاختبارات والتحاليل لأنه يشك في مرض معين, وتحاملت علي نفسي وقد أكلني القلق وأجريت التجارب والتحاليل أكثر من مرة, وبعدها أخبر الطبيب زوجي بضرورة أن أسير علي نظام معين في العلاج.
وبدأ زوجي يتغير, لم يكن يستطيع النوم, يظل ساهرا ساعات في فراشه, يهرب من نظراتي. يصمت أمام أسئلتي وينظر إلي الأطفال نظرات معينة تقلقني, وتحاملت علي نفسي وذهبت إلي الطبيب دون علم زوجي, وهناك رجوته أن يخبرني بالحقيقة.. بكل شيء, وأمام إلحاحي صارحني بأن التحاليل أثبتت أن هناك مرضا خبيثا يصيب جزءا من الخلايا وأن الطب لا يعرف له علاجا حاسما بعد, وأن أي مريض يصاب بهذا المرض لا يعيش أكثر من شهور معدودة, واستمعت إلي الطبيب بشجاعة غريبة, لم أبك, لم أصرخ لم أصب بالانهيار, فقط انتابني ذهول, فسرت في الشوارع ساعات لا أدري طولها, مررت في شوارع لا أعرف أسماءها. ودون أن أشعر وجدت نفسي في منزلي, ومن نظرة واحدة أدرك زوجي أنني عرفت الحقيقة.
ومن يومها تغير كل شيء في حياتي, في النهار وأنا وحيدة أبكي أنهارا, أفكر في مخرج لحياتي, أفكر في أطفالي الصغار, في زوجي الذي لم يتعود علي الحياة بدوني سنوات طويلة, لم أفكر في نفسي, وفي هذا المرض الغريب الذي هدد سعادتنا, أما في الليل فأشعر بشجاعة وقوة واحيط الأطفال وزوجي برعايتي وابتسامتي وبدأ زوجي يخصص جزءا كبيرا من وقته للخروج معي ومع الأطفال. وتحولت حيانا إلي أفراد يريدون أن يستمتعوا بالحياة ويقضوا أكبر قدر من الوقت معا قبل أن تأتي النهاية.
ولا أنكر أن أفكارا غريبة راودتني, فكرت أن أبحث لزوجي عن زوجة تؤنس وحدته وتكون أما لأولادي تعوضهم حرمانهم الطويل, وبدأت أستعرض في ذهني صورا للتي تصلح لهذه المهمة ولكن سرعان ما نبذت هذه الفكرة.
وعشت شهورا في هذه الدوامة, ومرت الشهور التي حددت لنهاية حياتي وبدأ الأمل يراودني, بدأت أحب الحياة وزاد حبي ورعايتي للأطفال. وحبي لزوجي, وبدأ الأمل يراود زوجي.
ومرت شهور أخري طويلة وصحتي تتحسن وإقبالي علي الحياة يزداد, لقد ذهبت النظرة السوداء من عيوني, ذهب الملل والكراهية, ولا أنكر أنني في بعض الأحيان نسيت تماما فكرة أن حياتي قد حكم عليها الأطباء بالموت بعد شهور.
واليوم وبعد أن مضي عامان كاملان علي هذه الأحداث أشعر بأن الحياة ممتدة أمامي وأن كل يوم يستحق أن أحياه وأن أستمتع به مع أولادي وزوجي.
إن رسالة هذه السيدة كما قلت… دعوة إلي الحياة.