“ظللت أعاني من الحصول على مصاريف تغطية الدروس الخاصة بعد إغلاق المدارس نتيجة لضعف الوضع الاقتصادي لأسرتي”، تقول الطالبة (ريم) 18 عاماً والتي فضلت عدم ذكراسمها بالكامل في حديثها لـ«التغيير».
التغيير- فتح الرحمن حمودة
الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه الطالبة (ريم)، التي ستجلس لامتحان الشهادة السودانية للعام الحالي، يمتد إلى ملايين السودانيين الذين أصبحوا عاجزين عن الصرف على تعليم أبنائهم، وهو الأمر الذي راكم الأزمات في قطاع التعليم.
وترتب على أزمة قطاع التعليم، تنفيذ المعلمين لسلسلة من الإضرابات المطلبية، في محاولة لتحسين رواتبهم التي لا تغطي تكاليف المعيشة المتصاعدة يوماً إثر يوم.
تشابكت مطالب المعلمين بتحسين ظروف عملهم، مع حاجة الطلاب لعام دراسي مستقر، لاسيما أولئك الذين يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية هذا العام.
“أعلن تضامني الكامل مع إضراب المعلمين.. فمطالبهم مشروعة” يقول الطالب فضيل عمر لـ«التغيير»، رغم تأكيده للأثر السلبي للإضراب عليهم كطلبة.
وأشار إلى أن توقف الدراسة يعني تأجيل الامتحانات النهائية وعدم تلقيهم الجرعات الكافية من المنهج الدراسي بالشكل الكامل. مضيفا أن الواقع يقول إنهم كطلبة لا يعانون فقط من عدم استقرار الدراسة وحسب، بل يعانون من الظروف الاقتصادية والبيئة المدرسية بشكل أكبر.
دخل إضراب المعلمين أسبوعه الثامن والذي بدأ منذ الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، بعدما وجد استجابة واسعة لإغلاق المدارس بولايات السودان المختلفة تزامنا مع بداية العام الجديد.
مطالب المعلمين
وكانت لجنة المعلمين، قد دفعت بمذكرة حوت «8» مطالب أبرزها، الالتزام الفوري بدفع بدل اللبس والبديل النقدي بجانب الالتزام الفوري بسداد فروقات رواتب «يناير – فبراير – مارس»، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى « 69» ألف جنيه.
وكذلك طالبت المذكرة بالتنفيذ الكامل والفوري لقراري مجلس الوزراء «363» لسنة «2021» و «380» لسنة «2022» تنفيذ الهيكل الموحد للأجور إلى جانب تعديل العلاوات ذات القيمة الثابتة بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي الحالي.
وبإغلاق المدارس أصبح العديد من أولياء الأمور يعانون من تأدية أعمالهم بسبب تفرغهم لمساعدة أبنائهم وبناتهم الذين يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية هذا العام، مما أثر ذلك بشكل كبير على دخلهم اليومي خصوصا في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
“إغلاق المدارس المستمر أصبح عائقاً في سبيل تحقيق رغبة ابنته للوصول إلى المرحلة الجامعية”، يقول المواطن ياسر بابكر لـ«التغيير». مضيفاً “ابنتي منذ الإغلاق أصبحت تأخذ «600» جنيه إلى جانب مصروفها يوميا من أجل تغطية الدروس في المعاهد الخاصة وأصبحت عاجزا عن ذلك”.
أما الطالب إسماعيل موسى، الذي سيجلس لامتحانات الشهادة السودانية هذا العام أوضح لـ«التغيير»، أن الإضراب أثر عليه بشكل مباشر وهو يدرس بمدرسة حكومية. وقال “نحن لم ندرس حتى الآن سوى باباً واحد من المقرر، وهذا ما يجعلني أتخوف من تحصيلي النهائي إلى جانب زملائي الآخرين”.
آثار اجتماعية للإضراب
“الإضراب جريمة مرتكبة بحق المعلم والطلاب وفقاً لمنصوص العدالة الاجتماعية، رغم أنه حق شرعي يكفله القانون. لكن لديه تأثير كبير في مشروع التقويم الزمني بالنسبة للعام الدراسي”، يوضح أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة بحري، عيسى الغالي.
ويقول الغالي لـ«التغيير»، إن الإضراب ترك أثراً واضحاً على الطلاب كالفراغ الموجود داخل الأسر والترتيبات المبنية عليه، إلى جانب فراغ الطلاب أنفسهم مع الأجواء التي تعيشها البلاد.
ويرى أستاذ الخدمة الاجتماعية أن الإضراب يمتد تأثيره إلى المعلمين أيضاً، لارتباطهم بالروح الوجدانية وتواصلهم الروحي مع أبنائهم الطلاب.
أما بالنسبة للأستاذ الجامعي، بكري الجاك، فهو يرى أن انعكاسات الإضراب ستخلف تأثيرا كبيرا على أداء الطلاب والفشل في تغطية المقرر الدراسي. ويقول الجاك لـ«التغيير» إن هناك آثاراً سلبية على الطلاب جراء توقف العملية التعليمية، مثل الضياع والفراغ، وربما الدخول في أنشطة غير مفيدة وهو ما ينعكس سلباً على أسرهم .
ومنذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، دخلت البلاد في العديد من الأزمات، بينها إضراب المعلمين الذي ما زال مستمراً.
ويربط المعلمون إنهاؤه بتحقيق جملة من المطالب مثل الحصول على رواتب منصفة، وتهيئة البيئة المدرسية.
