زلزال تركيا وسوريا: هل ساهم تجاهل معايير البناء بتضخيم الآثار المدمرة؟

  • جيك هورتون - وليام أرمسترونغ
  • قسم تدقيق الوقائع - المتابعة الإعلامية، بي بي سي

يتزايد الغضب في تركيا، لأن التراخي في تطبيق المعايير ساهم في انهيار العديد من المباني في الزلزال الأخير، الذي حصد أرواح الآلاف في ذلك البلد.

تحققت بي بي سي من أمثلة على المباني المبنية حديثاً والتي انهارت في الكارثة الأخيرة.

أنجز بناء أحد المباني في ملاطية (كما هو موضح أدناه) العام الماضي، وانتشرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي لإعلان يقول إنه "استكمل وفقاً لأحدث أنظمة مقاومة الزلازل".

التعليق على الصورة،

قيل إن هذا المبنى يمتثل لأحدث أنظمة مقاومة الزلازل

  • زلزال تركيا وسوريا: لقطات جوية تكشف مدى الدمار
  • زلزال تركيا وسوريا: جثث في الشوارع وتصاعد الغضب بشأن المساعدات

ونص الإعلان على أن كلّ المواد المستخدمة في البناء كانت ذات "جودة من الدرجة الأولى".

لا يوجد أثر لهذا الإعلان الآن، لكن عدداً من الأشخاص التقطوا صوراً ومقاطع فيديو ونشروها على الإنترنت. كما أن الإعلان يتطابق مع النمط المستخدم على موقع الشركة.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • زلزال تركيا وسوريا: لماذا تعد حلب من أكثر المناطق تضرراً من الكارثة؟
  • زلزال تركيا: لماذا كان مدمراً إلى درجة كبيرة؟
  • زلزال تركيا وسوريا: كيف تفاعل معه البعض؟ وهل يمكن حقا التنبؤ بحدوث هزات أرضية؟
  • زلزال تركيا وسوريا: بالصور آثار الدمار وجهود الإنقاذ لانتشال الضحايا

قصص مقترحة نهاية

والتقطت صور لمبنى آخر أنجز بناؤه مؤخراً في مدينة إسكندرون الساحلية، وقد دمر إلى حد كبير.

التعليق على الصورة،

قبل وبعد: عمارة سكنية حديثة البناء في الاسكندرونة

نشرت شركة إنشاءات بنت هذا المبنى صورة توضح أنه اكتمل في عام 2019.

تحققت بي بي سي من أن صورة المبنى المدمر (على اليمين) تطابق موقع الصورة الدعائية للشركة (على اليسار).

اتصلنا بشركة البناء المعنية للتعليق، ولم نتلق رداً حتى الآن.

ويمكن رؤية مبنى آخر افتتح في أنطاكيا عام 2019 مدمراً إلى حد كبير، في صورة تحققت منها بي بي سي.

صدر الصورة، Twitter

التعليق على الصورة،

تعرض مجمع "غوكلو باهتشي" في أنطاكيا لأضرار بالغة في الزلزال

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

وجدنا مقطع فيديو من حفل افتتاح المجمع السكني في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، يقول فيه سيرفيت ألتاس، مالك شركة Ser-Al Construction المنفذة للمشروع: "إن مشروع مدينة غوكلو باهتشي مميز بشكل خاص، مقارنة بالمشروعات الأخرى من حيث موقعه وجودة بنائه".

وقال السيد ألتاس رداً على بي بي سي: "من بين مئات المباني التي شيدتها في هاتاي انهار مع الأسف مبنيان".

ويضيف أن الزلزال كان قوياً، لدرجة أنه لم يبق أي مبنى تقريباً في المدينة على حاله.

وقال: "نشهد بشكل مؤلم كيف تغير بعض المؤسسات الإعلامية المفاهيم، وتختار كبش فداء تحت ستار التغطية".

وعلى الرغم من أن الزلزال كان قوياً، إلا أن الخبراء يقولون إن المباني المشيدة بشكل صحيح كان يجب أن تظل قائمة.

يقول ديفيد ألكساندر، أستاذ تخطيط وإدارة الطوارئ في يونيفرسيتي كوليدج لندن: "كانت القوة القصوى لهذا الزلزال عنيفة، ولكنها ليست كافية بالضرورة لهدم مبانٍ جيدة التشييد".

"في معظم الأماكن، كان مستوى الاهتزاز أقل من الحد الأقصى، لذلك يمكننا استنتاج أنه من بين آلاف المباني التي انهارت، فإن أغلبها لا يرقى إلى أي معيار لمقاومة زلزال متوقع بشكل معقول".

تقاعس عن تطبيق معايير البناء

شددت تركيا معايير البناء في أعقاب الكوارث السابقة، كان آخرها في عام 2018.

كما طبقت معايير أمان أكثر صرامة في أعقاب زلزال عام 1999، في محيط مدينة إزميت شمالي غرب البلاد، والذي قتل فيه 17 ألف شخص.

وتتطلب أحدث القواعد استخدام خرسانة عالية الجودة معززة بقضبان فولاذية في هياكل المباني في المناطق المعرضة للزلازل. ويجب أيضاً توزيع الأعمدة والعواتق لامتصاص تأثير الزلازل بشكل فعال.

ومع ذلك، تم تطبيق تلك القوانين بشكل ضعيف.

يقول البروفيسور ألكساندر: "تكمن المشكلة جزئياً في أن التعديلات التحديثية للمباني القائمة غير مطبقة بشكل وافٍ، ناهيك عن تطبيق معايير البناء على المباني الجديدة".

في اليابان، وهي دولة أخرى معرضة بشدة للزلازل، توجد معايير بناء صارمة للغاية. وتختلف متطلبات سلامة البناء اعتماداً على استخدام المبنى، وقربه من المناطق الأكثر تعرضاً لخطر الزلازل.

ما سبب عدم الالتزام بالمعايير؟

أصدرت الحكومة التركية "عفواً عن البناء" بشكل دوري - إعفاءات قانونية من دفع الغرامة - لتلك المباني التي بنيت من دون شهادات السلامة المطلوبة. ومررت تلك الإعفاءات منذ الستينيات (وآخرها في عام 2018).

لطالما حذر المنتقدون من أن قرارات العفو هذه قد تؤدي إلى وقوع كارثة، في حالة وقوع زلزال كبير.

ومنح أكثر من 75 ألف مبنى في كلّ أنحاء منطقة الزلزال المتضررة، في جنوب تركيا، قرارات عفو عن البناء، وفقا لما ذكره بيلين بينار غيريتلي أوغلو، رئيس اتحاد غرف المهندسين ومخططي المدن في إسطنبول.

وقبل أيام قليلة من وقوع الكارثة الأخيرة، ذكرت وسائل الإعلام التركية أن مشروع قانون جديد ينتظر موافقة البرلمان، وسيمنح عفواً إضافياً عن أعمال البناء الأخيرة.

وقال الخبير الجيولوجي جلال سينغور، في وقت سابق من هذا العام، إن تمرير مثل هذا العفو عن البناء في بلد تمزقه خطوط الصدع يرقى إلى "جريمة".

وبعد زلزال مدمر ضرب مقاطعة إزمير الغربية في عام 2020، وجد تقرير لبي بي سي (الخدمة التركية) أن 672 ألف مبنى في إزمير استفادت من أحدث عفو.

وأشار ذلك التقرير نفسه إلى أن وزارة البيئة والتخطيط العمراني ذكرت، في عام 2018، أن أكثر من 50 بالمئة من المباني في تركيا - ما يعادل 13 مليون مبنى تقريباً - شيدت مع انتهاك المعايير.

واتصلت بي بي سي بوزارة البيئة والتخطيط العمراني التركية، للتعليق على معايير البناء في البلد بعد الزلزال الأخير، وجاء الرد: "لم يسقط أي مبنى شيدته إدارتنا. دراسات تقييم الأضرار مستمرة بسرعة في هذا المجال".