الزواج السعيد


عزيزي الزوج.. السعادة لا يمكن أن تكون البرهان الوحيد على نجاح الزواج! «لقمة يابسة ومعها سلامة خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام» (أمثال ١٧: ١). إذا كانت السعادة هي كل ما نرجوه في زواجنا، سنعيش حياتنا ونحن نظن أننا فشلنا في تحقيقها. اللـه يعدنا بالسلام والحب والمغفرة، وبعدم التخلي عنا في أوقات الضيق، لكنه لم يعدنا بالسعادة المستمرة.. فهمنا لهذه الحقيقة يجعلنا قادرين على تحمل أعباء المسؤوليات الأسرية، ويقوينا لنختبر المعنى الحقيقي للسعادة.

العلاقة الزوجية، مثل كل العلاقات الإنسانية، مهمة صعبة تحتاج لبذل الجهد، وأن نأخذ الحياة مع شريكنا بجدية. دوام الزواج ليس هبة نضمنها لأنفسنا بلا تعب؛ بل على كل زوجين أن يعملا لأجل أن يدوم زواجهما حتى يفصل الموت بينهما (بعد عمر طويل)! الزواج، مثل ملكوت اللـه، ذو طبيعة زراعية.. يحتاج لوقت ورعاية حتى ينضج ويثمر، ويفشل متى تعاملنا معه بالمفهوم الميكانيكي السريع للبيئة الصناعية!

التغيير الذي تتوقعه أو تتمناه فيمَنْ تزوجت به لا يتحقق بقائمة النصائح أو الممنوعات.. بالجدال أو بالصوت المرتفع، والغضب والخصام.. «الحديد بالحديد يحدد، والإنسان يحدد وجه صاحبه» (أمثال ٢٧: ١٧). المحبة المسيحية، وليس الحبالرومانسي، هي التي تتيح أكبر فرصة للتغيير والتشكيل المتبادل لشخصية الزوجين. الحب هو الإعجاب المتبادل، والمحبة هي القبول غير المشروط. الاختلاف بين طبيعة الزوجين هو ما خلق الانجذاب بينهما في البداية.. هذا الاختلاف مع أنه يحتاج لتفهم ونضج لقبوله، لكن هو ما يخلق فرصة أن يكمل الزوجان كل منهما الآخر، وبالعشرة يتحقق التناغم بينهما، وبالتالي تفيض السعادة في حياتهما.

الحب وحده لا يكفي لدعم الزواج.. وجود هدف كبير يختاره الزوجان لحياتهما ويسعيان معًا لتحقيقه، ولو تطلَّب هذا أن يخوضا بالإيمان مغامرة محفوفة ببعض المخاطر، يوحد بينهما، ويجعل اختلاف توجهاتهما الفكرية وميولهما الشخصية تعمل معهما وليس ضدهما.. «بلا رؤية يجمح (يهلك) الشعب» (أمثال ٢٩: ١٨)، ونفس الشيء يحدث مع الزواج.

لا فيض قبل الملء.. كثيرًا ما نردد “فاقد الشيء لا يعطيه”، لكن قليلاً ما نطبق هذا القول الحكيم على زواجنا. كيف تفيض حياتنا بالحب ما لم يمتلئ القلب بمحبة الله؟ هل يمكن للسلام أن يسود العلاقة بين الزوجين قبل أن يحفظ سلام المسيح قلبيهما وفكريهما؟ هل يمكن أن نتمتع بفرح يدوم بدون الامتلاء بفرح الرب الذي هو قوتنا؟ ومن أين لنا بالحب والسلام والفرح؟ بالعلاقة الاختبارية مع الرب يسوع المسيح، والتوبة المتجددة من خلال وسائط النعمة، وباللقاء اليومي مع الله بالتأمل في كلمته.

«النفس الشبعانة تدوس العسل، وللنفس الجائعة كل مر حلو» (أمثال ٢٧: ٧). الشبع في الزواج مصدره التكريس الإرادي الكامل لشريك الحياة.. فهي، وليس سواها في كل الكون، المرأة الوحيدة التي أبادلها مشاعري، وأعطيها نفسي بلا حدود. هي مَنْ أفتخر بها في قرارة نفسي عن اقتناع بقيمتها كإنسانة، قبل أن أكرمها أمام الناس في المجتمعات التي نتواجد فيها. الجوع هو ما يجعل الإنسان في مصاف المتسولين، مع أن مصدر غناه يعيش تحت سقف واحد معه!

الثقة بلا حدود تُخرج من الزوجة أفضل ما عندها، وتؤكد قيمتها كشريك للحياة على قدم المساواة.. أنا لا أعرف ما في دولاب زوجتي أو حقيبة يدها، ولا أنظر إلى الرسائل التي تصلها، أو أسألها عمَنْ كانت تحادثه تليفونيًا، ولا أراجع أي قرار تتخذه بالعطاء، أو أستهين برأي تبديه في حواراتنا؛ لأني أثق في شخصها وحكمتها.

لا تكن مسؤولاً عنها فقط، بل مسؤولاً أمامها أيضًا.. في بداية علاقتي مع زوجتي تعهدت لها، بالاتكال على نعمة الله، ألا أفعل في السر أو العلن ما يمكن أن يجلب عليها أو على أبنائنا أي خزي أو عار.. ولكي أكون مُساءلاً أمامها سمحت لها بحرية أن تسألني أي سؤال يخطر على بالها عما يتعلق بسلوكي، وأفكاري، ودوافعي، ومصادر دخلي، وأسلوب تعاملي مع المال.. ووعدت أن أجيب على أسئلتها بكل صدق وشفافية. وأعترف أن هذا الالتزام الأخلاقي قد حماني من الوقوع في فخ التجارب التي تهدم عادة العلاقات الزوجية.

بساطة العيش تجلب السعادة.. اُشكر على كل طعام يوضع أمامك.. المشاركة في تحمل الأعباء المنزلية لا يقلل من شأنك، لكن يؤكد لها عمليًا أنك تهتم بها وتقدر تعبها.. الخضوع المتبادل بينكما يضمن لكما بركة ألا تعاق صلواتكما.

العلاقة الحميمية مع الزوجة وسيلة رائعة للتقارب والتوحد معها، لكنها ليست بديلاً للحوار الجاد الذي به تُحل المشاكل،ويُتفق على الاختيارات الأسرية.. في كل مرة تأخذها في حضنك تذكَّر أنها إنسان مثلك.

لا شيء في الحياة يضاهي علاقة زوجية صحيحة ومليئة بالسعادة.. العلاقات الزوجية الإيجابية ترفع المناعة في الجسم، فتقلل من خطورة التعرض لكثير من الأمراض؛ وذلك لأنها تحتفظ بالهرمون الذي يسبب الضغط العصبي عند أقل مستوى -بحسب ما تؤكده الأبحاث الطبية.

ربما تزوجت بطريقة تقليدية، أو نتيجة لعلاقة حب تبادلتها معها قبل الزواج.. إذا أردت لمشاعر الإعجاب والحب التي بدأت أن تستمر، وأن تحمي علاقتكما من خطر الملل الزوجي، وروتين الحياة الأسرية المليئة بالمسؤوليات وأعباء تربية الأبناء.. فكر فيما قرأته للتو، واعزم أن تبدأ من اليوم خطواتك الأولى نحو زواج سعيد يدوم لبقية العمر.

عزيزي الزوج، لا تقلق؛ فسنوجه حديثنا للزوجات في المرة القادمة..

للمزيد، ولكل المقالات السابقة، يمكنكم زيارة موقعنا الإلكتروني: FocusOnTheFamily.me

تاريخ الخبر: 2023-02-12 09:22:30
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

توقعات أحوال الطقس اليوم السبت

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 12:25:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية