تباينت ردود الفعل في ليبيا حول إعلان نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، تخصيص 50 مليون دولار دفعةً أولى للمساهمة في إعادة إعمار جنوب تركيا.
فبينما اعتبر البعض أن مدناً ليبية عديدة أولى بإعادة الإعمار فوراً، رأى آخرون أنه «من الضرورة تكاتف الدول في الأزمات والكوارث بعيداً عن أي اعتبارات أو اختلافات في المواقف السياسية».
وكانت المنقوش، أعلنت في مؤتمر صحافي بالعاصمة التركية مع نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو (الاثنين) أن بلادها ستخصص 50 مليون دولار دفعةً أولى؛ للمساهمة في إعادة إعمار جنوب تركيا، الذي تضرر جراء الزلزال الذي ضرب سوريا أيضاً.
وقالت: «في وقت الكوارث الطبيعية نتعلم وجوب العمل والتآزر، وأن نساعد بعضنا بعضاً في هذه الأوقات الصعبة؛ لأن تركيا كانت دائماً تساند الشعب الليبي في كثير من المواقف عبر التاريخ».
واعترض حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة بشرق ليبيا، على تصريح المنقوش، ورأى أن كلامها يستهدف «تمويل حملة إردوغان الانتخابية بخمسين مليون دولار، وحكومتها وعدت بأكثر من نصف مليار دولار خلال ستة أشهر من الآن»، بحسب قوله.
وانطلق الصغير، عبر إدراج له مساء (الاثنين)، من نقطة أن مدينة بنغازي - مسقط رأس المنقوش - أولى بإعادة الإعمار، مكرراً حديثه بأن ما يجري هو «تمويل لحملة إردوغان من أموال أجنبية غير مدرجة بالموازنة التركية، ولا تخضع للرقابة المحاسبية التركية ذاتها»، متابعاً: «تركيا نفسها لم تدع الدول رسمياً للمشاركة في إعادة إعمار ما دمره الزلزال لقدرة خزانتها على تمويل هذه الأعمال».
وقال سياسي ليبي في غرب البلاد، لـ«الشرق الأوسط» اليوم (الثلاثاء)، إن «هذا التوقيت غير مناسب للمحاسبة على مواقف سابقة»، مشيراً إلى أن تركيا «تساعد بلادنا من مئات السنين، وليس في الأعوام التي شهدت حرباً على طرابلس، وبالتالي، لا غرابة في حديث وزيرة الخارجية». لكنه استدرك: «ربما الحديث عن المساعدة في إعادة إعمار جنوب تركيا سابق لأوانه الآن، لذا فإن إعادة إعمار ليبيا تظل أولوية وطنية».
ودفعت ليبيا مبكراً بفرقة إنقاذ إلى تركيا، وهو ما حدا بالمنقوش إلى القول: «فخورون بفريقنا الوطني الذي انطلق بمجرد أن أعطيناه التعليمات لمساعدة إخوتنا»، متابعة: «من واجبنا أن نكون مع تركيا في هذا الظرف الصعب، ندعو بالرحمة لكل الأموات، والشفاء للجرحى، ونتمنى أيضاً أن يحالف الحظ العالقين تحت الأنقاض».
واعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة منصور الحصادي، أن ما وصفه بـ«محاولات توظيف الكوارث الإنسانية لأهداف سياسية وعلى حساب احتياجات أبناء الوطن، عمل مرفوض». وقال عبر حسابه على «تويتر»: «ليعلم الجميع أن من أهالي المدينة القديمة وحي المغارب بدرنة نازحين دون سكن داخل الوطن، فهم أولى بإعادة الإعمار».
ودعا أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى «التفريق بين عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية لمنكوبي الزلزال في تركيا وسوريا، وبين عملية إعادة الإعمار»، مستكملاً: «أن تُساهم في عمليات إنقاذ الأرواح من تحت ركام الزلازل شيء نتفهمه ولا أحد يُعارضه، بل هو واجب إنساني وأخلاقي. فمن الناحية الإنسانية نشجع المساعدات الإنسانية والإغاثية، ولكن من ناحية سياسية نُعارض التبرع لإعادة الإعمار».
وقال حمزة في تصريح صحافي، اليوم (الثلاثاء) إن «هناك ستة مُدن ليبية منكوبة على مدار السنوات الماضية، وهي تاورغاء وأوباري ودرنة وبنغازي وسرت ومرزق، والآلاف من منازل المواطنين مدمرة في عديد من المدن والمناطق الليبية جراء الحروب والنزاعات المسلحة».
كما رأى أن في ليبيا الآلاف من مرضى الأورام وضمور العضلات في المصحات والمستشفيات بالداخل والخارج، بالإضافة إلى نسبة عالية من المواطنين الليبيين الذين باتوا يعيشون تحت مستوى خط الفقر وسوء الأوضاع الإنسانية والمعيشة. وقال: «هؤلاء أولى بملايين الدولارات وليست (الملايين) على إعادة الإعمار في تركيا».
وانتهى حمزة إلى أنه على الأجهزة الرقابية والسلطة القضائية التصدي لما وصفه بـ«العبث والإسفاف السياسي الذي تقوم به حكومة (الوحدة الوطنية) المؤقتة بمقدرات وأموال الشعب الليبي المغلوب على أمره؛ لتحقيق مكاسب سياسية لصالح طغمة تفرض نفسها سلطة أمر واقع».