مسيرة النهب مستمرة..منيب: هكذا استفادت أربع عائلات في المغرب من غلاء المحروقات واقتسمت 45 مليار درهم بعد تحرير السوق


عرفت حملة الرفض المتنامي لغلاء الأسعار في وسائط التواصل الاجتماعي بالمغرب اتساعا وتمددا، لا سيما أنها اتجهت رأسا إلى معضلة تتداخل فيها الثروة بالسلطة، والمصالح الشخصية بالمصالح العامة، ويتعلق الأمر بسوق الغاز التي يملك فيها رئيس الحكومة حصة الأسد، وذلك ما جعل الاحتجاج الصامت على الشبكة العنكبوتية يتخذ منحى سياسيا من خلال المطالبة بمساءلة رئيس الحكومة وتنحّيه، باعتباره طرفا في الاستفادة غير المشروعة من ارتفاع أسعار المحروقات.

استحوذت أسر مغربية نافذة، على أكثر من 45 مليار درهم من الأرباح التي ذهبت في جيوب أربع عائلات مغربية، ضمن حملات ممنهجة تهدف للاستلاء على أموال المواطنين.

وقالت النائبة نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب “الاشتراكي الموحد” (معارضة)، إن حركة 20 فبراير التي تخلد ذكراها اليوم أظهرت أن الشعب المغربي مناضل، وقادر على تحديد طموحاته وتطلعاته، كي تتحسن أوضاعه وتتقدم بلاده.

وأشارت منيب في البودكاست الأسبوعي الذي تعرضه على صفحتها بفايسبوك، أن الحراك الشعبي لحركة 20 فبراير تبعته عدة حراكات شعبية أخرى، رفعت مطالب مشروعة بعمق سياسي، كلها نادت بأن المغرب آن الأوان كي يدخل لمصاف الدول الديمقراطية، التي فيها عدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة.

ودأب أخنوش على التأكيد أن أسعار المحروقات سببها السوق الدولية، مشددا على عدم إمكانية العودة للدعم حتى لا تتم التضحية بالمشاريع الاستثمارية التي برمجها قانون مالية العام الحالي.

وأضافت “نحيي ذكرى حركة 20 فبراير والأوضاع الاجتماعية للمغرب مزرية خصوصا مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، حيث إن فئات واسعة من الشعب المغربي تكتوي بلهيب الأسعار”.

وسجلت منيب أن ارتفاع أسعار الطاقة بالمغرب يعود إلى الاختيارات التي نهجتها البلاد، والتي أدت إلى إغلاق معلمة “لاسامير” وتحرير الأسعار، مما أنتج احتكارا لبعض العائلات التي راكمت أكثر من 45 مليار درهم من الأرباح التي ذهبت في جيوب أربع عائلات مغربية.

ولفتت إلى أن المغرب اليوم لم يعد يكرر بل يستورد النفط الخام وحتى إمكانيات التخزين ضعفت والأسعار صعدت إلى السماء، وحتى عندما ينخفض سعر البرميل في الخارج لا ينزل سعره في السوق الوطنية.

وشددت منيب على أن ارتفاع أسعار الطاقة أدى إلى تداعيات خطيرة منها الارتفاع الشامل في أثمان كل المواد الأساسية الاستهلاكية بالنسبة للمغاربة، من خضر ولحوم وغيرها.

وتابعت “الدولة لا تعي بعمق هذه الأزمة بل دخلت في مشروع جديد هو الوكلات الجهوية لتوزيع الماء والكهرباء مع إقبار مكتب الماء والكهرباء مما سيشكل خسارة كبيرة للبلاد، لأن هذه الوكالة المستقلة ستبيع الكهرباء أغلى”.

وزادت “المغاربة عبروا بطرق سلمية حضارية أن استيائهم وأنهم لم يعودوا قادرين، لكن الحكومة لم تتخذ التدابير اللازمة وعلى رأسها تسقيف ثمن المحروقات، وأثمان الخضر والفواكه واللحوم”.

وأكدت منيب أن السياسات المتبعة حاليا تسير في الاتجاه المعاكس، أي نحو التحرير أكثر والتسليع والخوصصة، وهذا كله لا يخدم مصلحة البلاد وسيساهم في تأجيج الحركات الاجتماعية التي أصبحت خامدة اليوم لأن الدولة لجأت إلى القمع الشرس، وهذا ما فعلته أيضا في ملف الأساتذة الذين فرض عليه التعاقد. 

ومن خلال تقرير المجلس الذي أفاد بوجود تواطؤات بين موزعي المحروقات، وكذلك التوترات التي شابت المجلس الذي ينتظر منه ضمان التنافس الشريف في الاقتصاد وحماية المستهلك، فإن المصرح به من مؤسسة رسمية هو الاستغلال الفاحش لتحرير قطاع المحروقات، في ظل غياب قوانين ضابطة، أو مع العجز عن تسقيف الأسعار. فتدهور المداولات داخل المجلس نفسه لا يفيد بعدم صحة خلاصات المجلس التي أتت شبه مطابقة لما أسفرت عنه اللجنة الاستطلاعية، وبين عمل اللجنة البرلمانية وما لحق رئيس المجلس يتبيّن حساسية موضوع المحروقات، والتأثير القوي “للوبي” المحروقات، الذي قد ينتج عن حالة الجشع زيادة الاحتقان الاجتماعي والسياسي معا في البلاد، ويؤثر في الثقة المجتمعية بالمؤسسات الدستورية التي تعاني أزمة معمقة في الأصل.

تستحضر حالة الرفض المتنامي لارتفاع أسعار المحروقات، وما ترتب عنها من ارتفاع أسعار للمواد الغذائية في المجمل وعيا سياسيا معمقا ينبغي الانتباه له والاستثمار فيه لتجاوز الاختلالات الحاصلة في نسق السلطة والفراغ الرقابي، من خلال تفعيل المؤسسات وآليات الرقابة على “لوبي” المال والأعمال، حيث تتداخل عند جزء منه المصالح الشخصية بالعامة، وهذا ليس إطلاقا للكلام بشكل مرسل، بل ورد في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، يوم 30 يوليو/تموز 2022، وذلك يفيد دعوة إلى تجنب التماهي في المصالح الفردية على المصالح العامة، والتي عُدّت إشارة إلى الأزمة الحاصلة التي تزيد من انسداد المشهد السياسي والاحتقان على المستوى الاجتماعي.

في الواقع، تحتاج الأزمة إلى معالجة مركبة تستحضر مخاطر الاستثمار في الأزمة والاغتناء من ورائها على حساب القدرات الشرائية والوضعية الاجتماعية الهشة لشرائح واسعة قد يتطور رفضها واحتجاجها على “لوبي” المحروقات إلى ما هو أبعد من احتجاج افتراضي، ذلك أن انعكاساتها مسّت العيش المباشر لعامة الناس، لا سيما أن وضع تقلبات أسعار الخام على المستوى الدولي وانخفاضها لا يوازيه الانخفاض في سعر بيعه للعموم، حيث يمكن أن يبلغ الربح الصافي في اللتر الواحد 3 دراهم فوق ما هو مقرر، وهو ما يعني حالة فساد واستغلال لوضعية الفراغ القانوني وتعطيل المؤسسات الرقابية أو قصورها عن القيام بأدوارها، مما يحتاج إلى التدخل للحد من تبعات الأزمة التي تعدّ بحق تجليا لمعضلة التداخل بين الثروة والسلطة.

وقد اجتمع الجميع على أن “لوبي” المحروقات وغيره من أشكال اقتصاد الريع وتمظهرات الفساد، إنما ينتعش في ظل غياب استقلالية المؤسسات عن دوائر النفوذ، كما تجلى في تقرير اللجنة الاستطلاعية، ثم لاحقا مع مجلس المنافسة في نسخته السابقة والحالية التي عبّر رئيس المجلس فيها عن انتظاره تحيين قانون المجلس، وهذا يعبر عن أزمة تخفي خلفها حالة عجز قد يتطور معها الرفض المجتمعي إلى ما هو أبعد من احتجاج صامت.

لا يختلف في المغرب ، بأن توقف الشركة الوحيدة بالمغرب المختصة بتصفية وتكرير البترول عن العمل، وعدم تدخل الدولة في حل المشكلة أو في القطاع برمته؛ سمح للوبي المحروقات بالهيمنة على سوق التوزيع، أما الضرورة فتقتضي تدخل الدولة في القطاعات التي تمس بشكل أو بآخر الاستقرار المجتمعي، فالمحروقات مجال حيوي ترتبط به جملة من القطاعات، ويتطلب حضور الدولة لضمان التوازن وعدم وقوع المجتمع تحت رحمة الشركات، في سياق اقتصادي تغيب فيه آليات الحكامة وتشوبه شبه الفساد.

حينما يكون الفساد حالات فردية، فإن تأثيره يظل معزولا، لكن واقع الحال كما تجلى منذ تحرير قطاع المحروقات، ومع توالي تقارير اللجنة الاستطلاعية ومجلس المنافسة، ثم في السياق الراهن في عدم التناسب بين تحولات سعر الخام على المستوى الدولي وسعر البيع للعموم، مما نتج عنه رفض مجتمعي، فإننا أمام فساد بطابع مركب ومؤسسي، تلحق أضراره الدولة ويشكل تهديدا وجوديا لها، مستفيدا من الفراغ القانوني وآليات الرقابة، بما يقتضي حكم القانون وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة. غير ذلك، فإن الدولة/السلطة قد تصبح أداة في يد قلة محتكرة، مما يفرز أزمات تهدد السلم والاستقرار المجتمعي، لذلك ينبغي النظر إلى يقظة المجتمع باعتبارها منبّها لطبيعة الخلل والأزمة، ومن ثم مدخلا للإنقاذ ومصالحة الدولة بالمجتمع، وبصيغة أخرى استعادة الثقة المهدورة.

ويعكس استحضار هذا الجانب، حسب بعض القراءات، انتباها من المؤسسة الملكية في المغرب لمخاطر الاستثمار في سياقات الأزمة، لكن ذلك يبقى في واقع الأمر رهين الخطب على الرغم من أهميتها في المشهد السياسي من حيث إنها تحمل صبغة توجيهية.

تاريخ الخبر: 2023-02-20 21:31:17
المصدر: المغرب الآن - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 00:25:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه “البيرييه” من الاسواق

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 00:25:39
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية