والزوج أيضا.. يعاني من فترة الحمل!!
والزوج أيضا.. يعاني من فترة الحمل!!
فترة الحمل تحمل تغييرات عاطفية وجسمية للزوجة والزوج أيضا, والحمل أكثر من مجرد حدث بيولوجي, وإنما هو فترة أحداث وأزمات, تتغير فيها شخصية الزوجة, ودورها الذي تؤديه, والزوجة بمجرد أن يحدث الحمل, تبدأ تلقائيا في الاستعداد لدور الأمومة, ولكن الزوج, مهما كانت فرحته وسعادته بالقادم العزيز, إلا أنه لا يستطيع أن يعيش يومه إلا ويفكر في الأبوة والتغيرات التي سوف تدخل علي حياة الأسرة.
الزوجة تغمرها حالة الحمل وتؤثر عليها, وتجعلها في كل لحظة تشعر بالطفل وبالتغيير الذي يحدث, وأن التغيير يحدث في جسدها, وفي عواطفها, وفي حياتها, وأغلب الزوجات يشعرن بالام تصاحب الحمل, أو إحساس بالغثيان كل صباح طول شهور الحمل الأولي, وخمول شديد مع ميل دائم إلي النوم, وأحيانا بنوع من الانطواء والخجل من المنظر البعيد تماما عن الرشاقة.
وأكثر ما يقلق الزوجة, أنها لا تستطيع أن تخدم زوجها وترعاه بنفس الأسلوب والطريقة التي عودته عليها. فهي قد لا تستطيع أن تستيقظ مبكرة قبله لتعد له الإفطار, وقد يتعذر عليها الوقوف طويلا لإعداد الطعام, وقد لا تتحمل ظروف حملها أن تجاري الزوج في الخروج والزيارات أو النزهات إذا كان الزوج يحب الاختلاط والفسح, وربما اضطرت إلي النوم المبكر, دون أن تنتظر عودته إلي المنزل وإعداد عشائه.. إنها باختصار لا تستطيع أن تكون له الزوجة والصديقة والحبيبة كما كانت, وكما تتمني أن تكون.
والزوجة تخشي أن يؤثر سلوكها الجديد وشكلها وفتور عواطفها, علي حب زوجها واهتمامه ورعايته, وتخشي أن يتحول عنها إلي الأصدقاء, أو السهر خارج البيت بمفرده, بسبب إهمالها وعجزها عن رعايته, وتزداد مخاوف الزوجة, إذا أبدي الزوج ضيقه من تصرفاتها الجديدة أو انشغالها عنه, أو حاول أن يشغل نفسه في شيء ينسيه الحدث الجديد.
والواقع أن الزوج يعاني من فترة الحمل, جسميا, وعاطفيا, كما تعاني زوجته, وكلما كان حبه لزوجته قويا, كلما كانت معاناته أكبر, فهو يحاول جاهدا أن يبعد عن زوجته مشاعر الخوف والقلق, ويتقبل بصدر رحب عجزها عن رعايته ما يجب, ويقبل أن يعد لنفسه الطعام, وأن يحمله أحيانا إلي زوجته في فراشها, ليوفر لها لحظات من الرعاية والراحة يشعر أنها في حاجة إليها, ويدفعه حرصه الشديد علي مشاعرها, أن يبقي معها في المنزل, ويقضي سهراته بجوارها, ويتحدث معها عن الطفل القادم, ويعد معها الخطط لاستقباله وحمايته ورعايته, ويتناسي مطالبه, ويؤكد لها في كلمات رقيقة, أنه مازال يحبها, ويدفع عنها مخاول الولادة, وكل هذا بسبب له كثيرا من المشاق الجسمية والعاطفية أيضا.
وعلي الوجه الآخر, الزوج الغيور الذي يشعر بنفسه دائما, والذي يري أنه محور الحياة الزوجية وأساسها, وأن كل عواطف زوجته ورعايتها واهتمامها, يجب أن يوجه له وحده, قد يضيق بحمل زوجته, قد يكره هذا الطفل, يحبه لحظات, ثم يكرهه, لأنه يغير زوجته ويستحوذ علي اهتمامها, ويحرمه من رعايتها.
وهذا النوع من الأزواج يدفعه ضيقه إلي انتقاد زوجته أمام أقل تقصير أو عجز في رعايته, إنه يتوقع أن تضاعف زوجته من اهتمامها ورعايتها, وهو لا يعترف بضعف زوجته أو عجزها صحيا عن الاهتمام به, وأمام هذا العجز, يهرب من البيت, أو يهرب من الزوجة إلي العمل أو الأصدقاء, أو علي غير هدي, وهو أيضا يعاني جسميا وعاطفيا.
والواقع أن الزوجة يجب أن تقدر اختلاف طبيعة الرجل عن المرأة, ويجب أن تدرك أن الرجل يحب طفله ويتمني أن يكون أبا, ولكن ليس كما تحب هي طفلها أو تتمني أن تكون أما, إن الطفل هو محور عواطفها وتفكيرها وحياتها كلها, أما بالنسبة للزوج, فهو جزء من حياته وليس كل هذه الحياة.
ويجب أن تعود الزوجة نفسها علي أن تعطي كل ذي حق حقه, أن قدوم الطفل لا يبرر أبدا أن تغير معاملة زوجها, أو تحول اهتمامها ورعايتها وعواطفها نحو الطفل. إن الرجل.. كل رجل, يريد أن تكون له المكانة الأولي في حياة زوجته ولا يشاركه فيها أحد, حتي ولو كان ابنه, وهي رن فطنت إلي هذا, استطاعت أن تجنب حياتها المتاعب والأزمات, واستطاعت أن تحتفظ بحب زوجها وهدوء بيتها.