محمد توفيق2/2| الكتابة مرهقة نفسيًا.. وبهاء طاهر كان سببًا دخولي عالم الأدب (حوار)

الكاتب الروائي محمد توفيق روائي ومهندس ودبلوماسي مصري، كانت آخر المواقع الدبلوماسية التي شغلها،  سفيرًا لمصر لدى الولايات المتحدة حتى سبتمبر 2015، وآخر أعماله الأدبية رواية "همس العقرب" الصادرة عن دار العين عام 2021 والمستوحاة من رحلة صحراوية قام بها أحمد حسنين (الذي صار لاحقًا رئيسا للديوان الملكي المصري) والمستكشفة البريطانية روزيتا فوربز إلى واحة الكفرة في ليبيا عام 1920، والتي ترشحت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2021، “الدستور” التقته وكان هذا الحوار.

هل تنتهى طموحات وأحلام الكاتب مع الانتهاء من كتابة نصه؟

الكتابة بالنسبة لي عملية شاقة ومرهقة نفسيا، ويستغرق العمل الواحد سنوات طويلة، حيث يعاد النص كثيرا، وفي النهاية لا أشعر أن النص قد وصل لمرحلة الاكتمال لكن إعادة الكتابة لن تجد في تحسينه، لذلك أطلق سراحه بالنشر، وبهذا تنتهي صلتي به، وتبدأ العلاقة مع نص وليد جديد.

ولا أستطيع أن أصف شعوري بأنه يتعلق بالإنجاز، وإنما بالارتياح لزوال العبء، لكن هذا الارتياح سرعان ما يتلاشى مع بداية العمل.    

كيف ترى مستقبل السياسة الدولية في ظل المحاولات الأمريكية لتأجيح الصراعات حول الهوية والعرق والجغرافيا؟

الاستراتيجية الأمريكية معنية في هذه المرحلة باحتواء الصعود الصيني واستنزاف القدرات الروسية، وإن كانت تعترف في الوقت ذاته بانتهاء زمن الهيمنة الأمريكية الأحادية، وأن نظاما دوليا جديدا يتبلور حاليا وفي السنوات القليلة المنقبلة، وأن الصراع يتعدى نزاعات القوى الكبرى التقليدية، لأنه في الأساس صراع قيمي بين الأنظمة الديمقراطية والسلطوية. 

ويدفع هذا التصور إلى إعادة هندسة النظام الدولي على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويقتصر الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط على الحفاظ على المصالح الأمريكية، وفي نفس الوقت عدم ترك فراغ تملأه الصين أو روسيا أو إيران، وهو ما يعني العمل على التهدئة دون بذل جهد كبير لإيجاد حلول جذرية لمشاكل المنطقة، ومن المهم في هذه المرحلة العمل على تقوية النظام الجماعي العربي للحد من تدخلات الدول الإقليمية غير العربية (إسرائيل – إيران – تركيا). 

ماذا عن رؤيتك للمشهد النقدى انطلاقاً من التعامل مع نصوصك الأدبية والروائية؟

تقييم المشهد النقدي يتناول بعدين أساسيين، الأول هو النص أو الدراسة النقدية من الناحية الموضوعية، وفي هذا المجال ومن زاوية ما كتب عن أعمالي، أستطيع أن أقول أن لدينا نقادا رفيعي القدر والمستوى على دراية بأحدث المدارس النقدية على المستوى العالمي وفي تفاعل مستمر معها.

ولكن هناك أيضا بعدا آخر يتعلق بمدى تأثير هؤلاء النقاد المتميزين على تشكيل الذائقة العامة، وهنا تكمن المشكلة، وفي شق منها يلام بعض النقاد للجوئهم لأساليب ومصطلحات أكاديمية لا يتفاعل معها القارئ العادي، ولانجرافهم أيضا إلى المجاملات والتحيزات. 

لكن الشق الآخر والأكثر خطورة يتمثل في توظيف شبكات التواصل الاجتماعي للترويج لكتب بعينها، وذلك من خلال تحالفات غير ظاهرة للقارئ بين عدد من دور النشر وفئة جديدة ممن يقدمون عروضا للكتب، ورغم أنني لست متضررا شخصيا من أي من هذه االظواهر، لكنني ألاحظ تأثيرها السلبي على تشكيل الذائقة العامة، خاصة مع التدهور الواضح في مستويات التعليم والتي لا تؤهل الطالب لقراءة الأدب.       

أي من الكتاب كان له الدور الأهم في اقتحامك لمجال الآداب والفن وتعتبره مثالا أو رمزا في حياتك ومسيرتك؟

أبدأ بالأديب الكبير والصديق العزيز بهاء طاهر الذي رحل مؤخرا، وكذلك الأدباء الكبار الأعزاء جميل عطية إبراهيم وجمال الغيطاني - الذين رحلوا جسديا وليس معنويا بطبيعة الحال- ويظل انتاجهم الأدبي راسخا في الوجدان العربي، ومن الأدباء الكبار الأعزاء الذين أتمنى لهم الصحة والعافية الأستاذ الكبير صنع الله إبراهيم والدكتورة فوزية أسعد.

وبخلاف هؤلاء الأصدقاء الشخصيين الذين تعلمت منهم أدبيا سواء بقراءة أعمالهم أو من خلال تعليقاتهم على أعمالي سواء قبل النشر أو بعده، وإنسانيا كنماذج في الخلق والتواضع وحب الوطن والاعتزاز بتاريخنا الثري والتفاؤل بالمستقبل.

وأذكر الأديب الكبير محمد مستجاب الذي حرص على البحث عن رقمي للاتصال بي بعد صدور روايتي الأولى، والناقدة والكاتبة الكبيرة والصديقة العزيزة ماجدة الجندي التي كانت أول من كتبت عن روايتي الأولى بالأهرام ثم تزاملنا في أيامها في واحدة من لجان تحكيم جائزة ساويرس، والناقد الكبير إبراهيم فتحي، والدكتورة نهاد صليحة، ولعلني أنتهز الفرصة لأتذكر الراحلين والذي أعتز بهم على المستوى الشخصي، أما من هم على قيد الحياة فهم أكثر من أن يحصوا.

وممن لم أعرفهم على المستوى الشخصي الأساتذة نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحي حقي - الأديب والدبوماسي الكبير - وإدوار الخراط، والطيب صالح.. وباقي نخبتنا الأدبية التي تأثرت بها بشكل كبير.

أما من الأجانب فأكثر من أثر في: “شيكسبير، الأخوات برونتي، شارلز ديكنز، موليير، كورنييه، ألبير كامو، صمويل بيكيت، جيمس جويس، جون ستاينبك، جورج أورويل، ألدوس هاكسلي، لورانس، ماركيز، جونتر جراس”.. والقائمة تطول.       

ما هو تحليك لأزمة العائد من الكتابة؟

العمل الأدبي يعبر عن وجدان المبدع ويمثل محصلة فكره ورؤيته الفنية، ولكنه أيضا يتحول إلى سلعة تباع وتشترى، لكن قوى السوق تعمل مجتمعة في غير صالح المبدع رغم أنه يتوقع أن يحصل على عائد ما مقابل الجهد الذي بذله، وذلك من المهم أن ندرك أن العائد المادي لا يعادل في الغالبية العظمى من الحالات الجهد المبذول، وهذه القاعدة صحيحة في مصر وفي الولايات المتحدة، وقلة قليلة هم الأدباء الذين يستطيعون التفرغ للكتابة الأدبية، أما الغالبية العظمى فلديهم بالضرورة وظائف تعينهم على مواجهة أعباء الحياة المادية. 

وهناك انطباع خاطئ أن الوضع يختلف في الولايات المتحدة، فعموم الأدباء لا يتحصلون ما يوازي الحد الأدنى للأجور في بلدانهم مقابل أعمالهم الأدبية، وهي حقيقة يدركها – ويتقبلها – كل كاتب.   

ماذا عن مشروعاتك القادمة في الفكر والسرد؟

مع صدور كتابي الجديد "زهرة من حجر" في معرض القاهرة الدولي للكتاب، لدي أكثر من مشروع في ذهني لكنها لم تتبلور بعد بالقدر الذي يسمح بالحديث عنها.

أخيرًا.. من الأقرب ابداعياً وإنسانيًا للكاتب محمد توفيق؟

هناك نمو واضح في حجم الانتاج الأدبي المصري في الوقت الراهن، وفي حين أن لكل كاتب تجربته ورؤيته التي تميزه عن غيره، وبالتالي لا يمكن عقد المقارنات أو استنباط التوازيات، فإن التفاعل الأدبي والعلاقات الشخصية المبنية على الصداقة والاحترام تظل عنصر دعم للكاتب، وأعتز كثيرا بصداقاتي مع مئات الأدباء المبدعين في مصر والخارج وأتمنى لهم جميعا التوفيق. 

تاريخ الخبر: 2023-02-21 21:23:07
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:26
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:31
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية