بعد عودة الأقباط المختطفين في ليبيا.. لماذا ألقوا بأنفسهم في جحيم العصابات؟


بعد إطلاق سراح العمال المصريين الأقباط الستة المحتجزين في ليبيا. وعودتهم الى مصر آمنين، تطرح التساؤلات المعقدة نفسها مرة أخرى حول تأمين العمالة المصرية في ليبيا، هل يعيد التاريخ نفسه مرة تلو اخرى لأننا لم نتعلم الدرس؟ ام لأن الظرف الاقتصادي شديد القسوة على الجميع حتى يلقون أنفسهم في المهالك؟ ام لأن البعض لا يقدر الوضع الأمني تقديراً سليماً.؟ أم لأن هناك إجراءات غائبة عن خريطة تأمين العمالة هناك بالرغم من السماح لهم بالسفر مع التزامهم بعدم التواجد خارج الشرق الليبي؟

تساؤلات تعود لما يتجاوز 12 عاماً منذ اندلاع الثورة الليبية في عام 2011، وتكرار حوادث الاختطاف والاتجار بالبشر وبيع المختطفين لتنظيم داعش بمقابل مالي ضخم للمتاجرة السياسية بهم، والضغط على الدول، ووفقاً لما أظهرته خارطة من موقع “ترافل ريسك ماب”، لدول العالم المصنفة بحسب مؤشر “المخاطر الأمنية” لعام 2022 كانت ليبيا ضمنها، حيث أدخلتها عصابات الاتجار بالبشر والمليشيات المسلحة في هذه الخريطة. بسبب نشاطها المتزايد هناك. لذلك لا يمكننا الاجابة عن تلك التساؤلات في ظل تقدير الوضع الامني الليبي فقط وإنما قد نجد الإجابة إذا نظرنا الى الأسباب التي تدفع أولئك للبحث عن كسب العيش في ظل هذا الوضع الأمني المتردي.

بدأت القصة حينما تم اختطاف ستة أقباط مصريين في ليبيا، في منتصف فبراير الجاري، جميعهم من قرية الحرجة مركز البلينا بمحافظة سوهاج، والمساومة على أرواحهم من قبل إرهابيين يطالبون بفدية ١٥ الف دينار،” 100 الف جنيه مصرى ” ، لم يتعلم الناس الدرس منذ عام 2015 حينما اغتال تنظيم داعش 21 قبطياً على شاطىء البحر، نحراً للاعناق. ترى لماذا يلقون بأنفسهم في جحيم العصابات؟

اتشحت قرية ” الحرجة ” بالسواد بعد سماع نبأ الاختطاف، وأطلق الاهالى مناشدات للخارجية المصرية ووزارة الهجرة للتدخل، من أجل استعادة أبنائهم ، الذين سافروا من أجل لقمة العيش ، بعد أن ضاق بهم الحال هنا، والذين تم اختطافهم سافروا وفقا للمعلومات الواردة من أسرهم للموقع الالكتروني لجريدة “وطني” – عن طريق مطار برج العرب، وحصلوا على تأشيرة دخول لمطار بنغازي، وفي طريقهم من المطار الى منطقة تسمى ” سبراته”، اعترضهم كمين مجهول الهوية، وتم اصطحابهم لمكان مجهول، وإطلاق سراح السائق الليبي ، الذى قام بالإبلاغ عن الواقعة، وقام الخاطفون بالاتصال بذويهم مطالبين بالفدية، وسمحوا للمخطوفين بالتحدث لأهاليهم لوصف المشهد المآساوي، وافصحوا أنه عدد من المصريين تحت الاختطاف منذ شهور. ويسرد الزميل نادر شكري عن أسر أحد المختطفين قائلا:” ظل عبده يناشد ابنه عمه هانى :بسرعة التصرف فى الفدية المالية، بيع البيت يا هانى ، بيع أى حاجة ، وبيع الأجهزة الكهربائية ، الناس ده مش هتسيبنا ، احنا بنموت كل يوم وعايشين فى عذاب، ومش عارفين حتى ننام ، من زحمة غرفة الحبس، اللى يدوب بنقعد فيها ، ومفيش اكل” .

التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى مع حلول الذكرى الثامنة لاستشهاد 21 مصريا فى “سرت” الليبية على يد تنظيم داعش ، في فبراير 2015، تُرى لماذا لم يتعلم الناس الدرس منذ عام 2015 حينما اغتال تنظيم داعش 21 قبطياً على شاطىء البحر، نحراً للاعناق. ترى لماذا يلقون بأنفسهم في جحيم العصابات؟

يقول لسان حال البعض “أنهم يستحقون ما ينالون، ذهبوا عالمين بالأحوال لم يجبرهم أحد” لكنني اؤكد لاولئك الذين يلومون عليهم، أن تصلب شرايين الأمل في نفوس الناس من اجل كسب العيش يلقي بهم الى المهالك، فبالرغم من كل المحاذير الأمنية التي لا تحتاج للفرز والحكمة لاتخاذ قرار تجنبها، إلا أن اليأس، حينما يتمكن من نفوس العاطلين عن العمل، يسلبهم ارادة الاختيار الآمن، حتى أن بعض الذين اختطفوا من قبل على يد تنظيم داعش في الداخل الليبي، عادوا مرة اخرى بعدما ضاقت بهم سبل العيش.

إن عدد من العمالة المصرية يقع رهن الاحتجاز على يد الحكومة الليبية، لعدم قانونية الأوراق والسفر بالتهريب، أو يتعرض للتعذيب على يد الميلشيات الأجنبية النشطة في ليبيا والتي يقدر عددها بنحو 20 ألف مقاتل – حسب التقديرات الحكومية- او على يد المقاتلين المحليين الذين لا يوجد حصر بتعدادهم، ولكنهم قد يتجاوزون عشرات الآلاف وفقا لتقديرالمحلل السياسي الليبي حسين مفتاح، لكن المختطفون هذه المرة والذين ينتمون لعائلة واحدة وهم ” مينا كمال جاد سيدراك ، عبد المسيح جودة سيدراك، روماني حبيب جاد سيدراك، شنودة حبيب جاد سيدراك, شنودة فخرى شحاتة، عماد مرعى عطالله سيدراك” لم تكن اوراقهم مزورة، ولا سافروا بالتهريب، .لكنهم دخلوا ليبيا للعمل بشكل قانونى، ولن يتم الإفراج عنهم، إلا إذا دفعوا الفدية، وأوضاعهم المعيشية لم تسمح بتوفير هذا المبلغ ، ولم يكن أمامهم سوى بيع منازلهم ، لتوفير هذه المبالغ لكل شخص من أولادهم الستة. اي تشرد اسرهم، نعم تدخلت الحكومة المصرية وتم الارفاج عنهم، لكن ما الذي يضمن عدمم تكرار هذه المآساة مرة اخرى؟ لقد كاوا كلهم من البسطاء الذين ليس لديهم وعي بالمعلومات الحكومية التي تقضي بعم تحرك المسافرين المصريين خارج الشرق الليبي، وهو ما يطرح تساؤلاً شديد التعقيد، وهو هل يمكن الاكتفاء بالتعليمات مع بساطة حال الباحثين عن لقمة العيش في ليبيا؟

اعلم تماما أنه في ظل حروب العصابات التي تسيطر على المشهد الليبي منذ عام 2011، واستمرار سفرعدد كبير من العمالة المصرية الى ليبيا، تكون مهمة تأمينهم شاقة وصعبة، بل مستحيلة، لكنني لم أر أو اسمع أو اشاهد ضمانات حقيقية للحفاظ على العمالة المصرية أو وضع محاذير لسفر هذه العمالة بشكل رسمي حتى تخلي الدولة مسؤليتها، سوى اعلان تعليمات عدم مغادرة الشرق الليبي الذي يعد بالنسبة لهم آمناً، هذه التعليمات التي لا يقرأها سوى المثقفين، ومع انسداد سبل العيش الكريم وصعوبة توفير القوت اليومي للكثيرين، لم تعد تلك التعليمات كافية، فهل ندفن رؤوسنا في الرمال؟ ونترك ثروتنا البشرية للتآكل في بلاد أخرى على يد ميلشيات داعش والمرتزقة؟ أم أن علينا اتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة لضمان عدم السماح لهم بالسفر إلا ولديهم محاذير صارمة لا تتيح لهم التنقل في المناطق المحظورة؟

حنان فكري

[email protected]

تاريخ الخبر: 2023-02-23 15:24:38
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

مبابي يغيب عن مواجهة سان جرمان أمام نيس بداعي الإصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:25:58
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

أخنوش يمثل الملك في القمة العربية بالمنامة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

الغلوسي: هل من حكماء لإنهاء أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:14
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

مبابي يغيب عن مواجهة سان جرمان أمام نيس بداعي الإصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:25:51
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

أخنوش يمثل الملك في القمة العربية بالمنامة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

الغلوسي: هل من حكماء لإنهاء أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 18:26:09
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية