علقت الشاعرة والناقدة دكتورة رشا الفوال، على حذف إحدى دور النشر 640 كلمة من رواية “فهرس بعض الخسارات”، ترجمة سمير جريس.

وقالت “الفوال” في تصريحات خاصة لـ“الدستور”: الكتابة تنتقل بالكاتب من محاكاة الحياة إلى العيش فيها والتعمق في حقيقتها الفعلية، ولكي يصل الناشر الأدبي إلى ما نحن عليه ككُتاب في الحقيقة، عليه القضاء على الصورة الزائفة التي يتماهى معها؛ فالحرية الحقيقية تكمن في تحرر الكاتب من الإطارات الإجتماعية الزائفة، وفرض الوصاية.

وأردفت “الفوال”: من الإجحاف الحكم على خبرة عميقة للكاتب من خلال مفردة أو عدة مفردات أو استعارات حسية جنسية أو وجدانية في فصل من رواية أو كتاب وحذفها؛ لأن الناشر بهذه الطريقة لا يخرج عن الوصف الظاهري السطحي لتجربة الكاتب الإبداعية، وما يقتضيه الكتاب من دوافع تُحرك الشخصيات لتسلك بطريقة معينة، الحذف أيضًا لا يقيم أية دلائل على مقاربات مغايرة للملفوظات السردية داخل العمل؛ فالخطاب الأدبي معني في المقام الأول بتوظيف أدواته المنهجية من حيث: السياق الاجتماعي وتاريخه، الشخصيات وتاريخها، واللغة وتاريخها، بصرف النظر عن قصدية الكاتب الواعية.

وقالت “الفوال”: على الناشر الذي لا يروقه العمل الأدبي لاعتبارات أخلاقية (من وجهة نظره) أن يرفض طباعة ونشر العمل ويخبر المؤلف بذلك دون ضجيج، فأنا شخصيًا أحترم مهنة التحرير الأدبي دون فرض وصاية ما على الكاتب، وضد فكرة الحذف؛ لأن نرجسية الناشر وحدها هى التي تتعلق بشكل هوسي باتباع آليات الحذف والوصاية من خلال تكرار عبارات مزيفة مثل( الكتابات الأخلاقية/ الكتابة النظيفة)؛ لأنها ببساطة تشبه هروبه النفسي ــ أي الناشر ــ من مواجهة ذاته بالمعنى اللاشعوري أولًا، والهروب من مواجهة تحرير الذات في المجتمع ثانيًا، كما أن قمع وكبت الكاتب بدافع الوصاية الأخلاقية يؤدي إلى الخوف الذي لايستند في الحقيقة إلى أسباب واقعية، ناهيك عن نقص التلقائية وقد يتفاقم الأمر إلى حال من الهيستيريا الجماعية وعدم القدرة على التخفف من التوترات والضغوط المجتمعية.

فإذا كان التزمت الظاهري في المجتمع ككل يؤدي إلى ما نسميه: الرهاب الاجتماعي للناشرين وما يقتضيه من فرض الوصاية الأخلاقية على الكُتاب، فإنه يجعلنا ككتاب غرباء عن أنفسنا ويدفعنا بالمثل وبشكل اضطراري إلى كل ما هو ظاهري مزيف، هذا الرهاب الاجتماعي أقصى درجاته الخوف، وهيستيريا القلق الناتجة عن مشاعر الذنب اللاشعورية، واحتقار القراء للكتاب وعدم تقديرهم .