الأب الراهب ميصائيل البرَموسي يلقي الضوء على الكتاب المقدس في الرهبنة والأديرة القبطية بمؤتمر أصدقاء التراث العربي المسيحي


ضمن أعمال مؤتمر أصدقاء التراث العربى المسيحى فى دورتة الواحدة والثلاثون والتى عقدت بمقر مركز دراسات مسيحية الشرق الاوسط بكلية اللاهوت الانجيلية بالقاهرة، ألقى الباحث الأب الراهب ميصائيل البرَموسي بحث هام تحت عنوان

” الكتاب المقدس في الرهبنة والأديرة القبطية” فى حضور كوكبة من الباحثين والمهتمين بالبحث فى التراث العربى المسيحى من اباء كهنة ورهبان وقساوسة ودكاترة.

وفي مستهل ورقتة البحثية حدد الراهب ميصائيل البرَموسي محورين أساسيين للبحث وهما

*المحور الاول أهمية الكتاب المقدس في الرهبنة القبطية منذ نشأتها.

*المحور الثانى دور الأديرة في نساخة وحفظ مخطوطات الكتاب المقدس.

وفى المحور الاول اكد الراهب ميصائيل البرَموسي على ان الكتاب المقدس أساس الرهبنة

فالرهبنة قامت على وصية إنجيلية. حين سمع القديس أنطونيوس الآية القائلة: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي» (مت19: 21)

والرهبنة الباخومية أيضًا قامت على أساس حياة الشركة في الكنيسة الأولى طبقًا لسفر أعمال الرسل: “وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا” (أع4: 32).

كما استعرض الراهب ميصائيل البرَموسي وصايا آباء الرهبنة الأوائل بخصوص قراءة الكتاب المقدس

حيث ذكر كتاب بستان الرهبان العديد من الشواهد التي تبرز فيها حرص آباء الرهبنة على قراءة الكتاب المقدس، ومنها

قال الأنبا أنطونيوس: إذا جلستَ في قلايتِك فلا تفارق هذه الأشياءَ: القراءةَ في الكتبِ، التضرعَ إلى اللهِ، شُغلَ اليدِ.

وقال أيضاً (الأنبا مقاريوس): لازموا السهرَ وقراءةَ الكتبِ وثابروا على الصلاةِ وأسرعوا إلى الكنيسةِ.

وقال أنبا أرسانيوس هذا التعليمَ لتلاميذهِ قبل نياحته: وأربعةٌ تحفظُ الشابَّ من الفكرِ الرديء: القراءةُ في كتبِ الوصايا، طرحُ الكسلِ، القيامُ في الليلِ للصلاةِ والابتهال، والتواضع دائماً.

وقال أيضاً (الأنبا إشعياء الإسقيطي): إذا قمتَ باكرَ كلِّ يومٍ فقبل أن تقومَ بأيِّ عملٍ اقرأ كلامَ الله وبعد ذلك إن كان لك في القلايةِ عملٌ فاعمله بهمةٍ ونشاط.

و (عن الأنبا برصنوفيوس) سؤال: «كيف ينبغي لي أن أقضي يومي»؟ الجواب: اقرأ في المزامير قليلاً واحفظ قليلاً، وفتِّش أفكارَك قليلاً ولا تجعل ذاتَك تحت رباطِ قانون، ولكن اعمل بقدر ما قوَّاك الله على فعلِه، ولا تترك تلاوة المزامير والقراءة قليلاً قليلاً هكذا، وبذلك يمكنك أن تقضي يومَك بمرضاةِ الله، لأن آباءنا لم يكن لهم قوانين لساعاتٍ، بل كانوا يجتازون النهارَ كلَّه: في القراءةِ وقتاً، وفي تلاوة المزامير وقتاً، وفي تعلُّم حاجات طعامِهم وقتاً آخر، وهكذا.

وعن قوانين الرهبنة الخاصة بالكتاب المقدس اضاف الراهب ميصائيل البرَموسي

كانت قوانين الرهبنة الباخومية تُلزم القادم للرهبنة أن يبقى خارج باب الدير بضعة أيام يتعلم خلالها بعض الصلوات والمزامير والقوانين قبل أن يُسمح له بحضور الصلوات مع الرهبان. ثم يقضي ثلاث سنوات تحت الاختبار داخل الدير يُشترط أن يحفظ خلالها عشرين مزمورًا ورسالتين من رسائل البولس أو أي قسم من سفر آخر من الكتاب المقدس عن ظهر القلب، وأن يكون قادرًا على القراءة (بالقبطية) أو أن يتعلمها خلال تلك الفترة، ويُفترض أنه يتعلم الكتابة أيضًا.

كذلك قوانين الأنبا شنوده الأرشمندريت، حيث يذكر القانون الأول عظة بدون عنوان A27، مخطوط MONB.XC 23–25: ” إذا جلست فأنت تقرأ (في الكتاب المقدس)، وأيضًا إذا وقفت فأنت تتلو (غيبًا من الكتاب المقدس) وأنت تتمشى هنا وهناك”.

وهناك في قوانين الأرشيمندريت أنبا موسى الأبيدوسي (ق5-6م)، والموجودة في شذرتين من أحد مخطوطات دير أنبا شنوده بسوهاج (MONB.NQ)، الأولى منهما محفوظة في المكتبة البريطانية (Or. 6807(1– 7) f. 8)

والثانية محفوظة في المكتبة الأهلية في باريس (Copte 12912 ff. 13–14) والتي قام بنشرها د.صموئيل قزمان في كتاب إطلالات على التراث القبطي، ج.3، ، عام 2018، ص 147 حيث تذكر الرسالة 17 من رسائله إلى دير راهبات: “اُثمرن في كل عمل صالح، احرصن كل الحرص على القراءة وقت الصباح ووقت المساء، وعندما تنتهين من القراءة، فلتذهب كل واحدة إلى شغل يديها حسب الوصية التي صيلت: “مَن لا يشتغل يجب ألا يأكل أيضًا” وأيضًا فيما أنتن تشتغلن، اُتلُون كلمة الله، لئلا تجد الشياطين قلوبكن عاطلة…”

وعن مكانة الكتاب المقدس في تعليم آباء الرهبنة اوضح الراهب ميصائيل البرَموسي

ان نشرة الأبوفثجماتا باتروم (أقوال الآباء) النسخة القبطية الصعيدية، تحقيق: M. Chaine طبعة 1960م بها العديد من الأقوال التي تبرز مكانة الكتاب المقدس في حياة الآباء الرهبان، مثل:

*تلا شقيقان اثني عشر مزمورًا كجزء من العبادة الصباحية (239).

*أبا سيرابيون كانت لديه عادة تلاوة جميع المزامير المائة والخمسين في وقت واحد مع ثلاثة ميطانيات بعد كل مزمور (240)

*قام راهب نشيط اسمه دانيال بحفظ العهدين القديم والجديد بالكامل، والقوانين وبعض رسائل الأساقفة (250)

وكذلك في بستان الرهبان، تحقيق أنبا إبيفانيوس، طبعة 2014م والتي احتوت على 1226 قولاً لآباء الصحراء، نجد بدراستها الإحصائية التالية:

*يقول الكتاب ذكرت 8 مرات.

*لأنه كُتب ذكرت 16 مرة.

*لأنه مكتوب ذكرت 49 مرة.

*الرب، النبي، الرسول، داود،… يقول… ذكرت40 مرة.

*القائل، قائلاً… ذكرت 36 مرة

* قيل… ذكرت 7 مرات.

وعن المحور الثانى الذى يدور حولة البحث وهو ” دور الأديرة في نساخة وحفظ مخطوطات الكتاب المقدس”

اكد الراهب ميصائيل البرَموسي انة مع انتشار حركة الرهبنة في مصر، انتشرت في الأديرة مراكز للكتابة والنسخ. ويبدو أن التدوين والكتابة بشكل عام كان عملاً نسكيًا تهتم به الأديرة. فقد جاء في سيرة الأنبا أنطونيوس للبابا أثناسيوس، أن ذلك الأول كان يحث تلاميذه على تدوين ما يحدث في حياتهم اليومية وكتابته، كنوع من التدريب الروحي لمراقبة أعمالهم وأفكارهم. كما أن بالكتابة والنسخ كان الرهبان يُلبون احتياجاتهم واحتياجات إخوتهم الرهبان كقُرَّاء وتلاميذ للكلمة الإلهية“. وكان كذلك عملاً يدويًا ينفقون من خلاله على أنفسهم ويتصدقون منه أيضًا على الفقراء والمساكين.

وذكر الراهب ميصائيل البرَموسي بعض الأمثلة من كتاب بستان الرهبان والتي توضح وجود الكتاب المقدس كمخطوطات في الأديرة ومع الرهبان، مثل:

v مرةً مضى أنبا سرابيون إلى الإسكندرية فوجد هناك إنساناً مسكيناً عرياناً في السوق، فوقف يحدِّث نفسَه قائلاً: «كيف وأنا الذي يُقال عني إني راهبٌ صبور عمّال، أكون لابساً ثوباً، وهذا المسكين عريان، حقاً إن هذا هو المسيح والبردُ يؤلمه». وإنه وثب بقلبٍ شجاعٍ وتعرى من الثوبِ الذي كان يلبسه وأعطاه لذلك المسكين. ثم جلس عرياناً والإنجيل في يده. واتفق أن كان البرخس (أي المحتسب) مجتازاً. فلما أبصره عرياناً قال له: «يا أنبا سرابيون من عرّاك»؟ فأشار إلى الإنجيلِ وقال: «هذا هو الذي عرَّاني». فبعد أن كسوه قام من هناك، فوجد إنساناً عليه دين وهو مُعتقَل من صاحبِ الدين. وحيث لم يكن لديه شيءٌ يوفيه عنه، باعَ الإنجيلَ ودفع ثمنَه للدائنِ. ولما كان ماشياً قابله في الطريقِ إنسانٌ يستعطي، فأعطاه الثوبَ وجاء عرياناً. فدخل قلايته، فلما أبصره تلميذُه هكذا قال له: «يا معلم أين الثوب الذي كنتَ تلبسه»؟ أجابه قائلاً: «لقد قدمتُه يا ولدي قدامنا حيث نحتاجه». فقال له أيضاً: «وأين إنجيلُك يا أبتاه الذي كنا نتعزى به»؟ قال له: «يا ولدي لقد كان يقول لي كلَّ يومٍ: بع كلَّ ما لَكَ وأعطهِ للمساكين».

v كان للأب جلاسيوس مصحفٌ (أي كتاب مقدس) يساوي ثمانية عشر ديناراً، إذ كان محتوياً على العتيقةِ والحديثةِ. وكان موضوعاً في الكنيسةِ، فكلُّ من جاء من الإخوةِ قرأ فيه.

v القديس تادرس الفرمي: كان قد اقتنى لنفسِه ثلاثة أناجيل ثمينة، فمضى إلى الأب مقاريوس وأخبره بأن لديه كتباً جيدة، وسأله هل يبقيها لمنفعتهِ ومنفعة الإخوةِ، أم يبيعها ويدفع ثمنها إلى المساكين. فقال له: «أما العملُ فجيدٌ، لكن تركَ المقتنيات أفضلُ منه». فمضى وباع الكتبَ، وفَرَّق ثمنَها على المساكين.

v ويقول القديس “أمويس”: ” أرى رهبانًا يتركون قلاليهم ومخطوطاتهم دون أن يغلقوا الأبواب بل يتركونها مفتوحة!”

وأخيرًا من بين العبارات التي عثر عليها مدونة على صفحة من صفحات إحدى المخطوطات أنه كان في دير الأنبا أنطونيوس مائة ناسخ وقد اختصوا بمهنة النساخة في الدير المذكور. فكانوا ينسخون الكتب المقدسة القديمة. وقد اختص كل عشرة منهم بنسخ صنف خاص من الكتب وكان لهم رئيس يشرف على أعمالهم. وهو يؤكد اهتمام الأديرة بنساخة المخطوطات ولا سيما الكتاب المقدس خاصة

 

تاريخ الخبر: 2023-03-02 18:22:39
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:20
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية