مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطاري «3»


مجدي عبد القيوم (كنب)

الإطاري عمق الخلافات بين القوى المدنية والعسكرية

عزوف أصحاب المصلحة أفشل حسم القضايا المعلقة

الموقف الملتبس لفولكر بيرتس

الحوار السوداني السوداني هو الشرط الوجوبي لنجاح الانتقال

في مثالنا السابق قلنا أن المشهد بحاجة إلى إعادة قراءة بالنظر لتأثير المتغيرات فى المناخ العالمى والذى صنع تعديلا فى موازين القوة وخلصنا إلى أن الأوضاع بحاجة الى قيادة سياسية جديدة تتعاطى مع الأزمة الوطنية المحتدمة بمنهج مختلف تشارك فى تشكيلها كل القوى الفاعلة للوصول إلى صيغة اتفاق سياسيى يمهد لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لقطع الطريق على المجتمع الدولى الذى من الممكن أن يلقى بثقله خلف الجيش كضامن للاستقرار أكثر من القوى المدنية بحسب التجارب مع المجتمع الدولى وأمريكا تحديداً.

في التقدير أن الاتفاق الاطارى ليس فحسب فشل فى حل إلازمة بل زادها تعقيدا فهو من جهة عمق الهوة بين قوى الثورة التى تؤيد العملية السياسية والمجلس المركزى جراء المنهج الذى اتبعه المركزى فى العملية السياسية والذى اتسم بعدم الشفافية ومن جهة أخرى اسهم فى تزايد حدة الخلافات بين الجيش والدعم السريع بما هدد كيان الدولة نفسها وعزز من الخلافات داخل الأحزاب نفسها ولعل التسريبات حول الخلافات داخل بعض الاحزاب هو رأس جبل الجليد الذى يطفو على السطح فجل الأحزاب تعانى من انشقاقات و تباين المواقف بسبب الاتفاق الاطارى وربما اتخذت هذه الخلافات منحا متصاعدا.

ومع أن هذا طبيعى إلا أن ما هو غير طبيعى أن حسم تلك الخلافات اتخذ طابع الاقصاء باستخدام الإجراءات الإدارية كألية لحسم التباين فى الرؤى وهذا ما دفع بعض الكوادر التى وجدت نفسها خارج دائرة اتخاذ القرار بسبب تحفظها على منهج المركزى إلى اتخاذ مواقف اكثرة حدة من المركزى من ناحية ومن القيادات التى تتماهى مع مواقف المركزى داخل أحزابها من ناحية اخرى هذا علاوة على موقف القوى التى رفضت من حيث المبدأ ما سمى بالعملية السياسية أو الحوار مع العسكر سواء مركز الحل الجذرى أو قطاعات واسعة من الشباب فى لجان المقاومة وارتفعت حدة الصراع وعادت لغة التخوين بين الفقراء.

لعل هذا يشكل منصة مشتركة للتنسيق بين هذه المجموعات فى شكل تيار واسع عابر للتنظيمات يطرح رؤية جديدة للحل السياسي مستفيدا من هذه التجارب.

إذن بالتالى يمكن القول أن الاتفاق الاطارى الذى كان من المفترض أن يحل الأزمة اسهم فى تعقيدها ويمكن القول أن أهم ملامح التعقيد التى نجمت عن الاتفاق الاطارى تعميق الخلاف بين الجيش والدعم السريع وهو خلاف يهدد وجود الدولة ككيان صرف النظر عن صحة موقف هذا أو ذاك من المؤسسين.

من المؤسف أن تدخل بعض القوى المدنية فى دائرة الاستقطاب فى صراع أدوات حسمه هى البندقية لطبيعة التشكيلات العسكرية ولعل هذا لا يقدح فى سلوكها الديمقراطى فحسب بل وبايمانها بها من حيث المبدأ ولعلها لم تتفطن إلى أن حرارة الصراع بين الكرملين والبيت الابيض قد خلقت مناخا مشبعا بالأتربة والرياح العاتية التى ضربت الخليج العربى وخلعت أوتاد الكثير من الخيام المنصوبة فى باحات القصور المعدة لاستقبال الضيوف من الحلفاء قبل أن تعبر البحر الأحمر وتعيد تلطيف الأجواء هنا على اثير امدرمان وهى تغنى مع المبدع عبد الوهاب الصادق:
“ما احلى التصافى
من بعد التجافى
الكان بيان حاصل..
واسباب ليهو
مافى…”

الطريف أن الاخبار حملت نبأ عن تشكيل المركزى لجنة لرأب الصدع بين الجيش والدعم الشريع وتجاذب التصريحات إياها و التى وصفها الدكتور عبدالله على ابراهيم من قاموس العامية “بالعوة” و التى هى مرادف “للعيتنوبة” من ذات القاموس ولذا ومع الاعتداد بموقفنا الفكرى من الختان إلا أنه لا يسعنا إلا أن نستخدم ذات القاموس فى وصف موقف المركزى بأنه انطبق عليه القول” غلفاء وشايلا موسا تطهر”
فكان الاحرى بالمركزى تضميد جراحاته ورتق فتق نسيجه.

فى التقدير أن المجلس المركزى فشل فى حسم القضايا المعلقة و التى رهن الانفاق النهائى بالوصول إلى توافق حولها وهى :-
١/مراجعة اتفاقية السلام
٢/قضية تفكيك التمكين
٣/ قضية شرق السودان
٤/اصلاح الأجهزة الأمنية
٥/قضية العدالة الانتقالية.
ولعل المتابع اللصيق بالمشهد يدرك أن السبب الأساسي فى الفشل فى الوصول لتوافق حول هذه القضايا هو عزوف أصحاب المصلحة عن الورش التى ناقشت تلك القضايا من جانب ورفض القوات المسلحة لتدخل المدنيين فى اصلاح المؤسسة العسكرية وبالنتيجة فان فشل الاتفاق الاطارى فى معالجة هذا القضايا يطرح السؤال البديهى حول إمكانية الوصول لاتفاق نهائى.

نعتقد أن من أهم الأسباب التى أدت إلى هذا الواقع المزرى هو منهج الذى الإقصاء الذى ظلت القوى التى اختطفت القرار بالمجلس المركزى تصر على استمراره دون أن تتعلم من التجربة.

أن إصرار المركزى على منهج الإقصاء على الرغم من أن بيان الثلاثية بتاريخ ٣٠ يناير ٢٠٢٣ كما ظللنا نكرر أشار بوضوح إلى هذه المرحلة يجب أن تشارك فيها كل القوى التى تسعى للمدنية وخروج الجيش من السياسة يطرح أسئلة مشروعة حول مواقف مجموعة المركزى ومدى اتساقها مع المنطق السليم ويعزز الشكوك والمظان حول منطلقات تلك المواقف.

الأمر الذى يدعو الغرابة هو موقف الثلاثية وبالادق رئيس البعثة الاممية فولكر بيرتس الذى يبدو متماهيا مع موقف المركزى حتى بعد بيان الثلاثية المشار إليه فى المقال مما يعزز من الشكوك حول مواقفه والدعاوى بأنه يعملةوفقا لاجندة خاصة سيما أن تركته التاريخية فى الدول العربية التى عمل بها لا تجعله فوق الشبهات.

ويوم ٤ مارس ٢٠٢٣ صرح الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريش أن العملية السياسية فى السودان ينبغى أن يشارك فيها الجميع ومن المؤكد ان تصريحه هذا حشر السيد فولكر فى الزاوية ووضعه اما امتحان مصداقية فاما أن يعيد التموضع فى زاوية النظر واما أن يعيد قراءة ذهنية الشعب السودانى وارثه التليد الذى تغنت به امنة بت بساطى شاعرة
“السيل بوبا” فى الاحتفاء بشقيقها البطل:
(غير خالد ما ليك تنين…..
عرش دود الاربعين…..
السيل بوبا…
يا الفوتك مو دحين)
فكثير من السودانيين “لا بخافوا لا بتروا” عند احتدام الوغى مجازا كان أم حقيقة ولشد ما يطربهم مثار النقع فوق رؤسهم دعك عن النفى إلى طنجة أو حتى “فاس الما وراها ناس”.

فى التقدير أن الشرط الوجوبي لنجاح العملية السياسية التى تفضى لنجاح الفترة الانتقالية هو الحوار السودانى السودانى الذى يشارك فيه كل السودانيين بعيدا الإقصاء والانتقائية حتى فى التصنيف عبر منصة وطنية يتم فيها التواثق على معالجات القضايا المركزية والاختلالات التى لازمت الدولة السودانية منذ نشأتها.حوار تكون فيه الثلاثية محض ميسر ومسهل يقدم الدعم اللوجستى.

أن هذا الشعب قمين بصناعة تاريخ جديد وقادر على انتاج طبقة سياسية كفوءة ومؤهلة بامكانها اعادة ضبط البوصلة فى اتجاه الوطن الحلم.

مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطارى «2»

تاريخ الخبر: 2023-03-12 12:25:01
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:41
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

وطنى

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية