كثيرا ما تردد على اذاننا في الآونة الأخيرة كلمتي التغيرات المناخية خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر المناخ في مصر cop27حتى أصبح معظم الشعب يتحدث عنها وباتت معظم الهيئات الحكومية والغير الحكومية تدرجها ضمن خططها المستقبلية وكيف ستتأثر بها سواء بصورة مباشرة اوغير مباشرة لمعرفة كيفية التصدي لها لتقليص عواقبها لأقصى حد ممكن ولكن هذا لا يعني حداثة التغيرات المناخية فمنذ قديم الازل وتحدث مثل هذه التغيرات على سطح الأرض.

فذهابا لتعريف الأمم المتحدة للتغيرات المناخية بانها التحولات طويلة الأجل بدرجات الحرارة وأنماط الطقس. وقد تكون طبيعية فتحدث مثلا من خلال التغيرات  بالدورة الشمسية. ولكن منذ القرن التاسع عشر،أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ،بسبب حرق الوقود الأحفوري،كالفحم والنفط والغازالمستخدمين في توليد الطاقة,تصنيع البضائع ,قطع الغابات,استخدام وسائل النقل وغيرهم والتي ينتج عنها انبعاثات غازات الدفيئة مثل غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان والتي تعمل كغطاء يلتف حول الكرة الأرضية،مما يؤدي  لحبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة ما قد ينتج عنه حرائق شديدة,عواصف أشد,وارتفاع مستويات سطح البحاروالمحيطات وذوبان الجليد القطبي,وتدهورالتنوع البيولوجي,نقص الغذاء والمياه, المخاطرالصحية,الفقروالنزوح وغيرهم.

وهنا للحظات جال بفكري مفهوم التغير ككل وان التغير عبر الزمن هو سنة الحياة فلما لا يكون التغير المناخي كذلك؟!

فهل للبشرالقدرة على تغيير مناخ كوكب الارض بأكمله؟!

ما دفعني للبحث أولا عما قبل القرن التاسع عشر فوجدت شرح للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ بان المناخ يتغيّر من خلال ثلاث طرق أولاً:التغيّر في الإشعاع الشمسي الوارد(التغيّرات في حلقة الأرض أو في الشمس),ثانياً:التغيّرات في كسر الإشعاع الشمسي المعكوس(التغيّرات بغلاف السحب أو بسلائف صغيرة تدعى الهباء الجوي أو بغطاء الأرض),ثالثاً:تبدّل الطاقة الطويلة الموج المنعكسة مجدداً للفضاء(كتغيّرتركيزات غاز الدفيئة).

فقد تغير مناخ الأرض في اوقات مختلفة بما فيها فترات لم يكن الإنسان يؤدي أي دور.كالعصور الجليدية والحرارة في زمن الديناصورات وتقلبات الألفيات السابقة.وتشكل تقلبات الطاقة الصادرة عن الشمس أحد أسباب التغيّرات المناخية.فالتقلبية الشمسية الموجودة والنشاط البركاني كانا من اسباب التقلبات المناخية خلال الألفية قبل الحقبة الصناعية.

ونشأت العصور الجليدية وتلاشت في دورات طبيعية على مدى ٣ ملايين سنة.وتدل حقائق قوية على ارتباط هذه العصور بالتقلبات الدورية لحلقات الأرض حول الشمس(دورات ميلانكوفيتش).

وكان جيمس هاتون من الذين وجدوا علامات عن نشاطات جليدية سابقة بمناطق حارة جدًا بالنسبة للجليد في الوقت الحالي(نظرية الوتيرة الواحدة).ووصف جان بيراودين كيف يمكن للكتل الجليدية أن تكون مسؤولة عن الصخور الضخمة المدورة في وديان الألب.وعام1837م طورأغاسيز نظرية «العصر الجليدي»حين غطى الجليد أوروبا وقسمًا كبيرًا من شمال أمريكا.

وشهد تاريخ المناخ فترات أكثرحرارة,حصل معظمها منذ ٥٠٠ مليون سنة.وطرح بوفون فكرته بأن الأرض بدأت كوكبًا متوهجًا وبدأت تتبرد بسرعة.

فحقا تسببت العوامل الطبيعية بتغيّرات مناخية في الماضي لكن لا يعني أن التغيّر المناخي الحالي مرده طبيعي. ولا نستطيع ان نجزم ان مرده عامل بشري.

فعلي صعيد مصر نقش على لوح غرانيتي  قصة جفاف استمرت 7سنوات، توقف النهر عن فيضانه بعهد الملك زوسر.

وأكد عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية-بسام الشماع-أن المصري القديم رصد ونقش على جدران المعابد التغيرات المناخية منذ آلاف السنين.وورد في بردية الكاهن نفرتي،قبل 4آلاف سنة رصد لظواهر وتغيرات مناخية،وجاء بها “إن البشر لن يستطيعوا الحياة عندما تحلق الغيوم العاصفة، والكل مذهول من غياب الشمس..الرياح الجنوبية تصطدم بالرياح الشمالية ولن يكون هناك نسمة واحدة..النهر في مصر فارغ والمياه يمكن اجتيازها على الأقدام”.

وخلال قمة المناخ (COP27)قالت رئيس جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية-مينوش شفيق-إن العالم شهد تغيرات مناخية قبل 3آلاف عام بسبب انفجارات بركانية أدت لجفاف ومجاعات.

وعام30ق.م شهدت مصر أمطارًا غزيرة ورياح عاتية.وكان الفيضان عالياًعامي 70و119م.وعام 369م حصل طوفان أمواج لا مثيل له عند بحر الروم “البحر المتوسط”مصحوباً بزوابع شديدة وأمطار وزلازل وبرق ورعد.

ومرت مصر بالشدة المستنصرية(٤٥٧-464هجريًا)(1056-1071م)واستمرت لسبع سنين عجاف.وعاشت سنوات عجاف بين 1977-1987م لقلة الأمطار فوق هضبة البحيرات وإثيوبيا.

فلا نستطيع انكارالتغيرات المناخية علي مر العصور وان البشر وجميع الكائنات الحية عانوا منها كثيرا واننا نواجه تحديات كبيرة وبصدد تغيرات مناخية قد تكون عنيفة ايا كان سببها فتغيير نسبة ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي يتبعها تغيّرات الحرارة ,فكان تركيز ثاني أكسيد الكربون قليلاً بالفترات الجليدية الباردة(~١٩٠ جزءاً بالمليون)في حين كان عالياً بالفترات البينية الجليدية الحارة(~٢٨٠ جزءاً بالمليون).وتركيز الغازات آخذ في الازدياد مع درجات الحرارة العالمية منذ عهد الثورة الصناعية.

ولكن لا ادري اذ كان هذا الاهتمام الشديد بقضية التغير المناخي وتسليط الضوء علي العامل البشري هو تمهيد لاستقبال تغيرات مدروسة مسبقا ام هو تطبيقا جيدا لعلم ادارة الازمات.

ويكشف  تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عن تغيرات بمناخ الأرض بكل مناطق العالم وشاملا لكامل النظام المناخي.ولم يسبق لها مثيل منذ الالف السنين.وبعضعا لا رجوع فيها لمئات ولآلاف السنين كالارتفاع المستمر في مستوى سطح البحر.

  واشارت الأمم المتحدة ان  تغير المناخ قضية حاسمة في عصرنا  ويجب اتخاذ إجراءات بشأن المناخ،واتفق الآلاف من العلماء والمراجعين الحكوميين أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية سيساعد على تجنب أسوأ التأثيرات المناخية.وعلي البلدان والأشخاص الذين يتسببون في أكبر قدر من المشكلة تحمل مسؤولية أكبر لمباشرة العمل بشأن المناخ.وإن التكيف مع تأثيراته سيكون أكثر صعوبة ومكلفا بالمستقبل إذا لم يتم إتخاذ إجراءات جذرية الآن.ودعت لعديد من الحلول وأُبرمت أطرعمل واتفاقيات عالمية مثل: أهداف التنمية المستدامة واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ  واتفاق باريس. واكدت علي إجراءات لازم اتخاذها كخفض الانبعاثات، والتكيف مع تأثيرات المناخ،وتمويل التعديلات اللازمة.

المهم أن نبدأ الآن حتي لا ندفع الثمن باهظ في المستقبل.