مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطاري «4»


مجدي عبد القيوم (كنب)

ينبغي على المركزي الإقرار بأن الإطارى شراكة كاملة الدسم

أخطاء المركزي أثقل من أن تحتملها شماعة الفلول

لعنة الإطاري تحيل زيارة المركزي لدبي لمأزق تاريخي 

قرار تمديد العقوبات أطلق رصاصة الرحمة على جواد الرهان الخاسر

لا مناص من الحوار السوداني السوداني
—————

“غالبا الكلام الذى تخشى قوله هو ما ينبغى أن تقوله”

“برنارد شو”

في استعراضنا لمألات المشهد السياسي بعد الإطاري توصلنا الى أن الاتفاق عمق الخلافات بين المدنيين من جهة والعسكر من الجهة الأخرى و العسكر فيما بينهم وانداحت دائرة تأثيره حتى داخل الأحزاب نفسها وتمظهر ذلك فى الانشقاقات الاخذة فى التصاعد.

قلنا أن تأثيرات الحرب الروسية الاوكرانية غيرت كثيرا فى موازين القوي بين الفرقاء داخليا لارتباط ذلك كمواقف بالبيئة الخارجية الإقليمية و التى هى ظل للبيئة الدولية.

توصلنا الى أن ضعف قاعدة الاتفاق الاطارى ربما عزز من موقف العسكر وادى بالنتيجة إلى اتساع قنوات التواصل مع المجتمع الدولى بالنظر إلى المنهج البرغماتى الذى يطبع السياسة الخارجية للمجتمع الدولى سيما أمريكا.

ظلت مجموعة المركزى تسوق للاتفاق الاطارى تاسيسا على فكرة جوهرية هى أنه ليس فيه شراكة مع العسكر وانه سيفضى فى نهاية المطاف وعبر الاتفاق السياسى إلى خروجهم من السلطة نهائيا وبالتالى تحقيق مدنية الدولة ولعل هذا الزعم تفنده نصوص الاتفاق نفسه فيما يتعلق بهياكل الحكم والتى تبين بجلاء أن الاطارى شراكة كاملة الدسم.

كتابات كثيرة فندت مزاعم المركزى من قانونيين وسياسيين وكتاب ولكننى اعتقد ان مقال الدكتور الواثق كمير المطول تحت عنوان: (لعملية السياسية هل يذهب الجيش إلى الثكنات) قد كشف الغطاء ونزع الدثار وازال الخمار فبدأ الاطارى عاريا من كل زيف، نقتطف من مقال الدكتور الواثق بعض مما ورد به.

عنوان المقال نفسه يحمل فى ثناياه الاشارة الى فرضية تناول الدكتور العوامل المشكلة لها بتفصيل من حيث نصوص الاتفاق فيما يتعلق بهياكل الحكم وأشار إلى الرئاسة المدنية لمجلس السيادة مقروءة مع تشكيل مجلس الأمن والدفاع واشار الى سلطة التأسيس التى تعتمد الهيئات حال تم التوقيع على الاتفاق السياسي النهائى وقال أنه طالما ان القائد العام للجيش هو الذى سيصدر مراسيم التعيين والاعتماد وبالتالى أن هذا يعنى ضمنيا أن رئيس مجلس السيادة المدنى منصب بلا سلطات حقيقية وخلص فى نهاية الأمر فيما يتعلق بهذه الجزئية أن هذا يعنى ان اى اتفاق سياسي ودستورى مع الجيش يشرعن لبقائه فى السلطة ليس عبر الانقلاب انما عبر هذا الاتفاق نفسه.

دعا الدكتور الواثق فى نهاية المقال الدسم المجلس المركزى إلى الاعتراف بوضوح أن الاطارى يقنن لشراكة مع الجيش فى الفترة الانتقالية بدلا عن الترويج المضر بأن الاتفاق الاطارى سيفضى إلى إخراج الجيش من السياسة عبر الاتفاق النهائى
من نافلة القول أن نقد العملية السياسية التى يمضى فيها مركزى الحرية والتغيير أمر مطلوب وحق مكتسب طالما التزم الموضوعية وابتعد عن شخصنة القضايا والاسفاف.

ظل بعض قادة المركزى يرفعون شعار التطهرية والنقاء الثورى ويرمون نقاد مواقفهم السياسية بالتهم والحديث الجزاف عن ارتباطهم بالفلول وذلك اعتقادا منهم وكما يتصورون أن الصاق التهم سيخرس السنتهم وفات عليهم أن هذه الحيل لا تنطلى على شعب بمقدوره أن يتميز جيدا بين المواقف.

أن الدعاية الرخيصة السوداء التى ظل يرردها بعض منسوبي تنظيمات المجلس المركزى لن تنطلى على اى متابع للشأن السياسي ولا تعدو كونها تعبير عن حالة إسقاط كسلوك تعويضى فاخطاء المركزى السياسية ومواقف بعض رموزه فى الشأن العام اثقل من أن تحتملها شماعة الفلول نفسها التى يستخدمونها كفزاعة.

طفقت بعض الدوائر المرتبطة بالمركزى وتشكل العقل السياسي له فى الترويج لحملة ممنهجة مفادها ان الخلافات التى أخذت فى التصاعد داخل التنظيمات المشكلة لتحالف قوى الحرية انما هى مخططات الفلول الذين يسعون لاجهاض العملية السياسية الجارية عبر خلق تشكيلات جديدة، وهو قول على ما به بؤس ينم عن خطل يتجاهل حقائق دامغة هى أن ما يحدث هو نتاج طبيعى لمنهج الاقصاء الذى ظلوا يكرسون له ونتيجة منطقية لسياسة حسم الخلاف بالاجراءات الادارية لقمع الراى الاخر مع ان بعض هؤلاء ظلوا يتغنون دوما بالتعبير عميق الدلالة الذى صكه خاتم المفكرين والذى قال فيه ان القنوات الحزبية تعمل “بقانون الازاحة”.

كما ان هذه الفرية التى اخذت ابواقهم المشروخة تعزف على نغمتها النشاذ تتعامى عن منطق الاشياء الذى يقول أنه كان ينبغى أن تنطلق حملاتهم المتوهمة من بين صفوف التنظيمات خارج تحالف قوى الحرية التى ترفض العملية السياسية من حيث المبداء لا من داخل تنظيمات المركز، فالشاهد أن هذه الخلافات الاخذة فى التصاعد وارتفاع الوتيرة اقتصرت حتى الان على احزاب المركزى ولن يجدى نفعا نفيهم لاخبار هذه الخلافات ووصفها بأنها اشاعات مغرضة تبثها دوائر معادية وما أشبه اليوم بالبارحة فهى نفس لغة الاقصائيين من سدنة النظام المباد وتعبير جلى على التناقض بين النظرية والسلوك.

يبدو أن النبؤة قد صدقت واكدت ان تأثير الحرب الروسية الاوكرانية على المشهد الاقليمى وتبعا الداخلى سيغير كثيرا فى المعادلة ولعل موقف الامارات من التصويت على قرار مجلس الأمن تمديد العقوبات على السودان قد اثبت ذلك.

موقف الامارات لكل من يدرك اسرار وإبعاد لعبة الامم كان متوقعا بالنظر للتطورات المتلاحقة على الساحة العالمية وهذا نفسه لا يقف تأثيره على القرار بل تداعياته اللاحقة على الداخل السودانى وموقف المجتمع الدولى من انقلاب البرهان وبالتالى الانتقال المدنى فى السودان.

لم يكن تزامن زيارة وفد المركزى مع جلسة مجلس الامن وموقف الامارات المؤيد للقرار محض صدفة كتلك التى مكنت البعض ولظروف حتمتها ضرورة من الجلوس على قمة غير مؤهلين لها سواء فى تحالف أو تنظيمات بل نزعم أنه توقيت مدروس بعناية لخدمة اغراض سيناريو ما بعد الاطارى وهى عملية تخسيس سياسي ليس إلا لو يتفكرون لكنهم دوما “فى الضلالة يعمهون”.

لا يعنينا كثيرا أن نبحث أو نطرح تساؤلات حول الفروقات بين زيارة مصر أو الأمارات فالامر سيان لاننا ندرك جيدا أن “نهاية العالم ليست خلف النافذة” على قول الشاعر الروسي الارترى الاصل “مايا كوفسيكى” ولا نطالب أعضاء وفد المركزى بحزم حقائبهم والعودة للخرطوم احتجاجا على موقف المضيف لكننا نشير إلى الازدواجية التى ظلت تشكل أهم ملامح مواقف المركز.

عموما يبدو أن لعنة الاطارى أحالت زيارة المركزى إلى مأزق تاريخى وضعته فى موقف محرج واختبار حقيقى حول مبدئية مواقفه أو لعلها “لعنة الفراعنة” وعلى “كريت أن تجهز جلدها بعد فعلت الافاعيل فى القرض”.

ففى الاخبار أن وزير الدفاع الامريكى لويد اوستن بحث مع الرئيس المصرى السيسي ومسؤلين مصريين كبار العملية السياسية فى السودان وان امريكا ومصر تشاركان فى محادثات مع الأطراف لإنهاء الازمات السياسية المستمرة فى ليبيا والسودان فما إلا متنطع سياسي من يعتقد أن مصر يمكن أن تخرج من المعادلة سواء كرهنا أو احببنا ذلك ولا يعنى هذا باى حال دعما للكتلة الديمقراطية كما تروج ارجوزات المركزى من دمى مسرح عرائس العقل السياسي له لكنها الجغرافيا السياسية ووزن ثقل مصر كدولة محورية.

فى التقدير أن قرار تمديد العقوبات اطلق رصاصة الرحمة على جواد الرهان الخاسر على المجتمع الدولى ومن المرجح ان يعزز من موقف الجيش وسط ضجيج الأحاديث عن العقوبات التى ستطال شخصيات نافذة مدنية وعسكرية لذر الرماد فى العيون.

قرار تمديد العقوبات جزء من مشاهد السيناريو الجديد، والمطلوب الكف عن التخرصات والتوهمات والركون للتعاطى العقلاني وابتدار حوار منفتح وواسع بمنصة سودانية لا يستثنى احد إلا ما ورد فى ادب الثورة ووثائقها وانطبق عليه قول فقهاء النحو بانه اسم يذكر بعدها مخالفا لما قبلها فى الحكم.

 

مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطاري «3»

تاريخ الخبر: 2023-03-13 15:24:52
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية