الصين فى ثوب العراب الجديد.. واتهامات وحسرة فى إسرائيل

من بكين جاء الخبر اليقين، اتفاق سعودي إيراني على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتي البلدين تتويجًا لجولات تفاوض سابقة في العراق وسلطنة عمان انتهى بها المطاف في الصين التي تقدم نفسها بقوة كعراب جديد في منطقة الشرق الأوسط. 

وفي تل أبيب كانت الصدمة والحسرة التي عكستها ردود فعل وسائل الإعلام الإسرائيلية التي وصفت الاتفاق بأنه ضربة قوية لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت أن عودة العلاقات بين طهران والرياض هي نصر سياسي لإيران وضربة قاتلة لجهود بناء تحالف إقليمي ضدها، لكنه لم ينس استغلال الفرصة ومداعبة مشاعر الشارع الإسرائيلي والمساس بغريمه نتنياهو، حيث اتهم حكومته بالفشل وحملها مسئولية ما حدث في بكين.  

ومن زاوية زخم اتفاق بكين والصدمة في إسرائيل حليف الولايات المتحدة الأبرز بالمنطقة يأتي السؤال: لماذا الصين تحديدًا هي من رعت الاتفاق السعودي الإيراني وماهي مقومات وأوراق  المارد الأصفر الذي يستقر وضعه يومًا بعد يوم كمحور استراتيجي يشار له بالبنان في المنطقة على حساب تراجع طفيف للدور الأمريكي .الإجابة عن السؤال تقتضي النظر إلى ثلاثة روافد أولهما  مجمل العلاقات الصينية- السعودية من جهة والانفتاح الصيني العربي المشترك من ناحية أخرى وثانيهما أواصر الروابط الإيرانية الصينية، أما ثالث روافد الإجابة فيتعلق بطموح الصين السياسي ورغبتها في منافسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الميدان الرئيس الذي ظل لعقود ساحة لعراب أمريكي وحيد. 

في ظل التحديات والتطورات تزداد العلاقات الصينية السعودية رسوخًا بحكم الاحتياج المشترك والمنفعة الاقتصادية المتبادلة، فالصين إحدى كبرى الدول المصدرة للسلع الاستهلاكية، بينما يعد السوق السعودية ومن خلفه السوق العربية مستوردًا مهمًا للسلع الصينية، وفي المقابل تحتاج الصين إلى تأمين كميات ضخمة من النفط الخام تلبي السعودية منها جزء كبير، فوفقًا لإحصاء صيني رسمي كانت الصين هي أكبر مستورد للنفط السعودي خلال عام ٢٠٢٠. ولعل اللافت للنظر هو ما أكده ولي العهد السعودي من قبل أن مبادرة طريق الحرير التي تسعى الصين لإحيائه مرة أخرى تتماشى مع رؤية السعودية ٢٠٣٠ ما يدعم فكرة التوجهات الاستراتيجية المشتركة القائمة على النمو والتوسع الاقتصادي الإقليمي.

وعلى طريق نماء واستقرار التعاون الصيني السعودي  العربي شهد شهر ديسمبر عام ٢٠٢٢ وحده في الرياض ثلاث قمم "سعودية صينية وخليجية صينية وعربية صينية" أكدت على تناغم الطرفين العربي والصيني على مبادئ سياسية واحدة فالصين من جانبها شددت على  الاحترام المتبادل لسيادة ووحدة الأراضي والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، واحترام مبدأ حسن الجوار، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية ستظل قضية مركزية في الشرق الأوسط بتقديم مبدأ حل الدولتين . في المقابل جددت الدول العربية رسالة الطمأنة لبكين بالتأكيد على  التزامها بمبدأ «الصين الواحدة»، ودعمها لجهود بكين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجددًا على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض «استقلال تايوان» بجميع أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونج كونج لتبلور تلك القمة مقومات دخول الصين كقوة كبرى  ثقيلة مؤثرة في المنطقة من زاوية الشراكة وعدم الهيمنة وعدم فرض منطق القوة والأمر الواقع .على صعيد المحور الإيراني الصيني شهدت طهران وبكين في ظل تداعيات وأحداث السنوات الثلاث الماضية تقاربًا على خلفية العقوبات الغربية المفروضة على البلدين والموقف المشترك الداعم لروسيا في حرب أوكرانيا وتجاذبات الملف النووي الإيراني. 

وتصنف الصين على أنها أكبر ثاني مصدر للأسلحة لإيران بعد روسيا كما تعد الصين مشتريًا أساسيًا للنفط الإيراني، وتعتبر إيران محطة رئيسية في طريق الحرير التجاري ذلك الحلم الصيني الذي يداعب أيضًا طهران التي تسعى من خلاله إلى فك الحصار التجاري الدولي عنها ودعم الطلب على منتجاتها النفطية من خلال الدول الواقعة في نطاق طريق الحرير لما تتمتع به إيران من موقع مميز يمثل قلب ذلك الطريق التجاري العالمي المفترض. 

ولعل الضغوط الأمريكية وسياسة الحصار التي تفرضها واشنطن على طهران وبكين كانت نقطة قوة أسهمت في تقارب البلدين في علاقة ثنائية دولية فريدة إذ تنظر كل منهما للآخر على أنه حليف استراتيجي في وجه العزلة التي تفرضها الهيمنة الأمريكية التي باتت كثيرًا بلا تأثير مع ذلك التكتل الثنائي الصيني الإيراني ناهيك عن انضمام روسيا كحليف ثالث يزيد من ثقل ذلك التكتل الجغرافي السياسي الثلاثي المعادي للولايات المتحدة. وبعيدًا عن مساري العلاقات الصينية العربية والصينية الإيرانية تظل رغبة بكين في لعب دور استراتيجي شرق أوسطي محرك لأوراقها، فها هي الصين التي تقض مضاجع واشنطن التجارية في مدن وعواصم مختلفة تزاحم الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بدخولها كوسيط سلام في ملف شائك وهو العلاقات السعودية الإيرانية الذي  لا ترغب واشنطن وإسرائيل بالطبع له الحراك، فالصين التي تسعى لهز عرش واشنطن في الأرض وتثير قلقها في السماء بتفوقها في تكنولوجيا الفضاء العسكرية يبدو أنها لن تقف كثيرًا مكتوفة الأيدي بعد أن عرفت جادة الطريق للشرق الأوسط الغني بثرواته وتأثيره.

تاريخ الخبر: 2023-03-15 15:22:11
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية