الاعمال الرمضانية بين الإبداع والابتذال.. لماذا ينتقد المغاربة الاعمال الفنية؟


شيماء مومن/صحافية متدربة

 

 

أشعلت بعض المسلسلات المغربية رمضان الماضي فتيلا من الإنتقادات، وخلقت جدلا واسعا بعد تزامن عرضها بالقنوات التلفزية المغربية، قبيل وقت الإفطار وبعده.
كما وجهت أصابع الإتهام إلى العديد من الأعمال الدرامية والكوميدية التي لم يبق الجدل حولها حبيس مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام بل تجاوزها إلى قبة البرلمان وردهات المحاكم، كما للهيئة العليا للإتصال السمعي البصري(الهاكا). فهل سيعيش المغاربة على وقع نفس السيناريوهات من جديد؟.

 

أعمال فنية أساءت للمشاهد المغربي

 

لا شك أن الدراما المغربية كانت مصدر سعادة كل بيت مغربي، نظرا لقربها من الواقع وبعدها عن أي فتن أو استفزاز لتفكير المشاهد. لكن رمضان الماضي شكل استثناء لذلك.
أعمال فنية درامية وكوميدية كما تاريخية، عرضت على شاشات القنوات العمومية لتجسد أدوارا لشخصيات جريئة، طرحت مجموعة من القضايا الإجتماعية، وتركت بصماتها على شاشات البيوت المغربية، من بينها سلسلة قهوة نص نص والمكتوب وكذا فتح الأندلس.

 

أعمال بين ردهات المحاكم ونقاشات المواقع

 

بين أحضان جائحة كورونا وبين مآسي تداعياتها العام الماضي، ولد من رحم الدراما المغربية أعمال فنية أتثث لنقاشات كانت ومازالت حديث اليوم.
سلسلة “قهوة نص نص” ،السلسلة التي تم عرضها على شاشة القناة الأولى رمضان الماضي، تدور أحداثها حول مقهى وسط مدينة الدار البيضاء ، يتوافد عليها المواطنين ليحاكون مواقف وأحداث يومية.

السلسلة عبارة صورة مصغرة عن المجتمع المغربي، امتد هذا التصغير لينال من مهنة المحامي ،الشخصية التي جسدتها بديعة الصنهاجي،وأشعلت من خلالها غضب هيئات المحامين بمدن المملكة ليختاروا القضاء وسيلة لوقف بث هذه السلسلة .

في هذا السياق، يصرح المحامي عمر الداودي رافع الدعوة القضائية على السلسلة الكوميدية أن” القضاء عند رفعنا لهذه الدعوة بمعية أربعة محامين آخرين ذهب عكس توجه هيئة المحاماة، فكان مآل الدعوى هو الرفض، بدعوى أن القضاء لا يمكن أن يمارس الرقابة على الأعمال الفنية التي تتسم بالحرية في الإبداع.

وهو نفس الطرح الذي أشار إليه مسعود بوحسين رئيس نقابة الفنانين في هذا الشأن ،حيث صرح أن الدعاوى القضائية في مجال الفن غير ذات جدوى، لأنه مجال رمزي يكرس لحرية الإبداع، مؤكدا أن الأعمال الفنية تكون معرضة للمسائلة القانونية عندما تموه لمشاعر التحريض والكراهية ولجرائم يعاقب عليها القانون، وتابع مسترسلا أن أقصى عقوبة للعمل الفني الذي يخرق مبدا من المبادئ هو عدم مشاهدته، لأن انتقاده ماهو إلا دعاية لإعادة مشاهدته.

 

جزء اخر من سلسلة المكتوب

 

المكتوب. السلسلة الوحيدة بالقناة الثانية التي استطاعت أن تجد لها مكانا في الدراما التلفزية المغربية هذه السنة، بجانب سلسلة فتح الأندلس، لكنها فتحت الباب أم التهكمات التي تعرض لها الفنانين، خاصة وسم(بنت الشيخة).

في هذا السياق، يقول السيناريست علي الإدريسي كزوز، أن مسلسل المكتوب لم تكن فيه جرأة سمجة، وكل ما أثير حول المسلسل كان استباقيا والدليل على ذلك هو نهايته التي أنهت الجدال، مضيفا أن شخصية الشيخة كانت شخصية مركبة لم تطرح إلا من خلال نموذج خاص لا يمكن تعميمه.

وفي نفس السياق، يصرح الممثل أيوب أبو النصر مجسد دور ” يوسف” في مسلسل المكتوب، أن المسلسل ناقش عدة مشاكل اجتماعية مؤيدا في الوقت ذاته فكرة أن تناقش الأعمال الدرامية لمثل هذه المشاكل، وتناقش تلك الشخوص التي تلامس في تصرفاتها حيثيات المجتمع.

وقد عبر الممثل الشاب عن اقتناعه بهذا الدور الذي يحمل معه قيما مجتمعية كبيرة، قائلا “لا أتفق مع يوسف الشخصية لكنني معجب بتفكيره ونمط عيشه”.
رغم الجدل الذي أحدثه المسلسل ورغم الانتقادات التي تلقاها أيوب أبو النصر، يصرح لنا عن مدى احترامه لهذه الانتقادات معتبرا أن جلها انتقادات تقبلها بصدر رحب، فهي لا تلمسه كشخص، واصفا أن تفاعل الجمهور مع هذا الدور دليل على نجاحه.

فهل سيكون للجوء الثاني من المسلسل رؤية أخرى؟

 

أعمال درامية دون رسائل تربوية

 

هكذا عبر المحامي عمر الداودي في تصريحه، أن جل الأعمال الدرامية التي تنتج في رمضان بدون رسائل تربوية للمشاهد، مقارنا إياها بالدراما المغربية التي كبرت مع شبابنا وكانت رسائلها مرتع إصلاحنا، ومؤكدا في نفس الصدد على أن الجلوس أمام الشاشة مع العائلة قديما لم تعد له نفس القيمة حاليا، فالإحراج في الأساليب والإيحاءات والكلمات التي تقال حاليا تفسد متعة المشاهدة و تستهدف النيل من المشاهد المغربي، ومن هويته وحضارته.

يعود الداودي ليتأسف عن هذه الأعمال التي صرح بأنها تطبع لظواهر غير طبيعية، تطبيع مع التدخين والدعارة في قالب شريف، وتطبيع مع المخدرات والعادات المشينة التي كانت في وقت سابق يستهجنها الوعي المجتمعي المغربي.

“المنتوج المغربي غادي وكيبسال”

هكذا وصف الممثل منير موماد العقاذ بعض الأعمال الرمضانية السابقة التي خلقت الجدل، وعبر بذلك أن المنتوج المغربي مستمر في الميوعة عندما تحتكر الشاشة المغربية من طرف نفس الوجوه الذين يتقمصون نفس الأدوار والشخصيات كل سنة، و دعا العقاد إلى ضرورة إعطاء الفرصة للممثلين الشباب الذين لا يسأل عليهم، ومنحهم فرصة التمثيل.

ومن جهته أكد المخرج والمنتج السينمائي عز العرب العلوي في كلمة له بمناسبة هذه الأعمال أن المغرب لا يزال بعيدا كل البعد عن الطرح الدرامي العميق الذي يجمع بين الفرجة والمتعة، وبين الإفادة و المعالجة الجدية والجريئة لمواضيع جديدة أو حتى قديمة لكن تعالج بشكل مغاير.

واسترسل موضحا أن أغلب المسلسلات لم تخرج عن الصور النمطية والمواضيع و الشخصيات المكررة التي ملأت روتينيا مخيلاتنا .

وهكذا تختلف الأراء والمواقف كما النوايا بخصوص هذه الأعمال ، إذ عبر الممثل مسعود بوحسين في منحى آخر عن رأيه حول هاته الأعمال ،حيث اعتبر أن الفن والدراما لا يفسدان ولا يصلحان، بل هما يستفزان ويعرضان قضايا مجتمعية في قالب فني، مؤكدا من جهته أن الفن يطرح قضايا في قالب فني متخيل قد تبدو في نظر البعض غير أخلاقية أوفاسدة، لذا يطرحها فنيا لكونها واقع ولا يحرض عليها، بل على العكس يدعوا إلى الانتباه إليها للتحريض على تغييرها أو على الأقل نفض الغبار عنها، ومنها النظرة السلبية للشيخة مثلا”.

 

هكذا تختلف النوايا كما تختلف الأراء والمواقف بخصوص الدراما المغربية ، ويبقى الفن مجسدا لحرية الإبداع حسب البعض ، وكلما ازداد النقاش حوله، كلما ازداد النقاش في القضايا التي يطرحها، وستجتاح الشاشات المغربية منها القناتين الأولى والثانية مسلسلات بأجزاء على رأسها “سلمات أبو البنات” في جزءه الخامس، “المكتوب” في جزءه الثاني، ومسلسلات أخرى جديدة مثل ” كاينة ظروف، مسلسل الكنينات ….”

تاريخ الخبر: 2023-03-16 12:22:45
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 73%
الأهمية: 80%

آخر الأخبار حول العالم

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:45
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 12:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية