ما زال أهالي مدينة برج البرلس بمحافظة كفر الشيخ يضربون المثل في التكاتف والتراحم فيما بينهم بإطعام الفقراء وغير القادرين والمرضى من خلال مطابخ خيرية منتشرة في ربوع المدينة توزع الطعام مجانا وجمعيات خيرية تعمل على المساعدة المادية وكذلك العينية على الفقراء في منازلهم بسرية تامة حتى صارت مدينة لا يجوع بها أحد كما كشفنا قبل ذلك في تقرير نشره موقع "الدستور"، إذ لجأ الأهالي هناك إلى استرجاع طريقة قديمة غير مكلفة ماديا على الإطلاق في دفن موتاهم الفقراء والأغنياء على السواء مجانا.

تتمثل تلك الطريقة في دفن الموتى كالآتي: قطعة أرض كبيرة تبرع بها للأهالي وتكون المقبرة عبارة عن "لحد خشبي" عليها اسم المتوفى وليست غرف فوق الأرض كما هو معتاد في غالبية المقابر، ولا يوجد ما يسمى بشراء مقابر في هذه المدينة مطلقا، فجميع المدافن هناك مجانية سواء كانت لغني أم فقير، وتقع تلك المقابر مباشرة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

يقول الحاج محمد شرابي، نقيب الصيادين ببرج البرلس، إن هذا النوع من المقابر تشتهر به تلك المدينة الساحلية منذ عشرات السنين، وأرض المقابر في الأساس ملك مواطنين تبرعوا بها، وتبلغ مساحة المقابر القديمة والجديدة ما يقارب الـ 10 أفدنة، وفي السابق لم يكن يوجد صرف صحي وتم تنظيف المنطقة من مخلفات الصرف ووضع طبقة من الرمال وتطهير المنطقة بالكامل وأحطنا سور حول المكان حتى لا يتم الاعتداء على المساحات المخصصة للمقابر.

وأوضح شرابي، خلال تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه لا يوجد ببرج البرلس مقابر بالشكل المعتاد لدى العامة بل لجأنا لطريقة الدفن الإسلامية القديمة، هنا لا قبور تباع أو تشتري هنا ندفن موتانا الغني والفقير في التراب دون تخصيص غرفة له بل نعمله له لحد خشبي فقط، وتأتي تلك الخطوة التي لجأ إليها أجدادنا من أجل التيسير على كافة المواطنين في إيجاد مكان ملائم للدفن دون تحمل أي مصاريف نهائيا.

وأكد سعد عبيد، أحد أهالي برج البرلس، أن هذه الطريقة أصبحت الآن طوق النجاة بالنسبة للفقراء عامة وغير القادرين على شراء مقابر بعد أن وصل سعرها في بعض الأماكن إلى 100 ألف جنيه، فالجميع يتم دفنه مجانا في مكان مخصص لذلك لا أحد يدفع أموالا سواء أكان غني أم فقير، نحن جميعا متساوون.

وأوضح عبيد، خلال تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن أهالي المدينة دائما يعملون على إزالة الفوارق بين الغني والفقير بالتعاون فيما بينهم والتكاتف بتوزيع الطعام والمساعدات المادية والعينية على الفقراء طوال العام وليس في شهر رمضان فقط، فأصبحنا نتسابق فيما بيننا من أجل إنشاء مطاعم خيرية لتوزيع الطعام على المحتاجين غير القادرين وكبار السن والمرضى، فنحن أصبحنا نموذجا يحتذى به في احتواء غير القادرين، فنعمل على المساواة في الدنيا وأيضا عند الممات الكل متساوون لا فرق بين مقبرة غني ولا فقير.