خبراء: الطاقة والغذاء على رأس مباحثات القمة المصرية - القبرصية

رأى خبراء وسياسيون أن زيارة رئيس قبرص الجديد نيكوس كريستودوليدس، القاهرة ضمن أولى جولاته الخارجية بعد فوزه بالمنصب تعكس أهمية وقوة الدور الحيوى لمصر فى منطقة شرق المتوسط، كما تأتى اتساقًا مع الزخم الذى تتمتع به العلاقات بين البلدين، خاصة فى تعاونهما فى مجال الطاقة.

طارق فهمى: تعزيز المصالح المشتركة فى «منتدى الغاز»

قال طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إن الزيارة لها أهمية كبيرة، وتحمل العديد من الدلالات، خاصة فى ظل الشراكة بين مصر وقبرص واليونان فى منتدى غاز المتوسط. وأضاف أن الزيارة تأتى تتويجًا للدور المصرى الكبير فى إقليم شرق المتوسط، وتتواكب مع التطورات الجارية فى المنطقة وفى قبرص نفسها، فى ظل احتياج نيقوسيا إلى دعم القاهرة فى توحيد الجزيرة القبرصية، متابعًا: «الحديث فى قبرص الآن يدور حول دور مصر المركزى والرئيسى فى توحيد الجزيرة القبرصية». وقال: «هناك مجالات تعاون مختلفة بين مصر وقبرص، والزيارة ستنعكس على توقيع اتفاقيات تجارية وتعزيز التعاون الاقتصادى والعسكرى»، لافتًا إلى أن اللجنة المشتركة المصرية- القبرصية هى التى تتولى تحديد مجالات التعاون.

وأشار إلى أن جزءًا من هذه الزيارة مرتبط بالمصالح المشتركة فى نطاق منتدى الغاز، وأيضًا بتعزيز وتنمية العلاقات فى مجالات التجارة والعديد من المجالات الأخرى مثل ريادة الأعمال والتنمية المستدامة، إضافة إلى مشروعات التدريب المشترك.

وقال: «قبرص دولة فى الاتحاد الأوروبى، ولها صوت ورأى فى كثير من القضايا العربية المؤيدة، لذلك الزيارة مهمة ولها انعكاسات، وتأتى فى ظل التنسيق المصرى القبرصى فى إطار تحالف شرق المتوسط».

حمزة العليانى: مصر أثبتت نفسها كمركز للطاقة

أشار حمزة العليانى، خبير الطاقة الأردنى، إلى أن العلاقات المصرية القبرصية تعود إلى عام ١٩٦٠ وبالتحديد منذ حصول قبرص على استقلالها، وفى عام ٢٠١٤ اتخذت شكلًا جديدًا حين قررت مصر تطوير مشاريع ربط كهربائى مع الدول المجاورة وبشكل خاص مع قبرص.

وأوضح «العليانى» أن قبرص أصبحت مركزًا رئيسيًا لنقل الكهرباء من إفريقيا إلى أوروبا وفى الوقت نفسه استطاعت مصر أن تثبت نفسها كمركز إقليمى للطاقة، مشيدًا بمشروعات الغاز الطبيعى بين البلدين.

وأضاف أن إعلان مصر عن تحالف ثلاثى مع كل من قبرص واليونان عام ٢٠١٤ كان بمثابة نواة لتوطيد العلاقات بين الدول الثلاث، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثلاثية. وتابع: «منتدى غاز شرق البحر المتوسط الذى عُقد فى عام ٢٠١٩، استهدف إنشاء سوق غاز إقليمية تأمن العرض والطلب بين الدول الأعضاء وضم عددًا من دول المنطقة ومنها مصر وقبرص». وأشار إلى أن مصر تستهدف تعزيز صادراتها من الغاز الطبيعى وإحداث التكامل الإقليمى خاصة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، كما خططت لإقامة خط بحرى بغرض نقل الغاز الطبيعى من حقل أفروديت القبرصى إلى محطتى الإسالة المصريتين بدمياط وإدكو، وذلك لتسهيل إسالته ومن ثم إعادة تصديره. وقال إن مصر دخلت بقوة على خط الريادة العالمية فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ لما يتوافر لديها من إمكانات هائلة فى مجال الطاقة المتجددة التى تساعدها على إنجاز خططها فى التحول إلى الوقود النظيف. وشدد على أن مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان يعد الأضخم والأكبر؛ نظرًا إلى طول المسافة ومد كابلات بين البلدين بطول يصل إلى ٩٠٠ كيلومتر، وهو بمثابة ربط قارتى أوروبا وإفريقيا كهربائيًا وليس ربطًا بين البلدين لتبادل الطاقة.

وتابع: «الخط يسمح بنقل الطاقة من مصر لجميع دول أوروبا. وستتراوح قدرات مشروع الربط الكهربائى مع اليونان بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠ ميجاوات وفقًا لما تحدده الدراسات الخاصة بالمشروع».

محمود قاسم:طمأنة لنيقوسيا بعد التقارب المصرى التركى

أوضح محمود قاسم، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، صاحب كتاب «مصر وغاز شرق المتوسط.. الفرص والتحديات»، أن أهمية زيارة الرئيس القبرصى نيكوس كريستودوليدس القاهرة يمكن فهمها فى ضوء مكانة ومركزية الدور المصرى بالنسبة لقبرص، وما تحمله الزيارات الخارجية الأولى للرؤساء والزعماء الجدد من دلالات حول أهمية ومكانة الدول التى يتوجهون إليها فى سياستهم الخارجية.

وأوضح «قاسم» أن زيارة «كريستودوليدس»، الذى تولى مقاليد السلطة فى قبرص نهاية فبراير الماضى تدل على ما تتمتع به مصر من مكانة لدى صانع القرار فى نيقوسيا، خاصة أنه لم يقم بأى زيارات خارجية إلا لليونان، الأمر الذى يشير لمدى الحرص القبرصى على مواصلة تعزيز العلاقات مع مصر، خاصة أن القاهرة تعتبر حارس الاستقرار فى منطقة شرق المتوسط، وصاحبة الكلمة العليا فى المنطقة، فى إطار دورها المحورى فى قيادة التفاعلات القائمة فيها خلال السنوات الماضية، سواء من خلال العلاقات الثنائية مع دول المنطقة أو الجماعية عبر منظمة غاز شرق المتوسط.

وأكد أن الزيارة تعكس عمق الشراكة وتكاملها، وتؤكد النهج الثابت فى العلاقة بين الطرفين خلال السنوات الماضية، التى اتسمت بقدر كبير من المرونة والتنسيق الكامل وتطابق الرؤى فى قضايا الاشتباك والتحديات التى تواجه العالم والإقليم بشكل خاص.

وأضاف: «لعل كثافة الزيارات بين الطرفين والحرص على دورية التشاور تشير لحدود التكامل والتنسيق بينهما، فمنذ عام ٢٠١٤ برزت الزيارات المتبادلة كأحد ملامح عمق العلاقة بين مصر وقبرص، وقد زار الرئيس القبرصى السابق مصر نحو ٥ مرات، آخرها فى سبتمبر ٢٠٢١، ما يعنى أن الزيارة الحالية تعد سادس زيارة لرئيس قبرصى لمصر». واستطرد: «من ناحية أخرى زار الرئيس عبدالفتاح السيسى قبرص ٣ مرات، آخرها فى أكتوبر ٢٠٢٠، وعليه يمكن ملاحظة أن مثل تلك الزيارات تتم بشكل دورى، إذ شهدت الأعوام من ٢٠١٤ حتى الآن نحو ٩ زيارات متبادلة على المستوى الرئاسى، بخلاف الزيارات على المستوى الوزارى». وأوضح الباحث فى الشئون الدولية أن الزيارة تؤكد أيضًا الثوابت المشتركة فى شرق المتوسط، حيث تنبع أهميتها من الحراك الإقليمى المتصاعد مؤخرًا، وفى القلب منه التقارب المصرى التركى، الذى دخل مرحلة متطورة فى أعقاب زيارة وزير خارجية تركيا للقاهرة فى مارس الماضى.

وتابع: «من هنا قد تشير الزيارة لرغبة الجانب القبرصى فى التأكد من التزام مصر الثابت تجاه التفاعلات القائمة فى شرق المتوسط، الأمر الذى تؤكده مصر دومًا، إذ ترى القاهرة أن أى تقارب مع تركيا لن يكون على حساب العلاقة الثلاثية التى تجمع مصر وقبرص واليونان فى شرق المتوسط، وهو موقف ثابت منذ عام ٢٠١٤، لأن تلك التفاعلات المصرية تنطلق من احترام مبادئ القانون الدولى للبحار، وعليه قد يبحث رئيس قبرص خلال الزيارة عن مزيد من الطمأنة والتأكيد على أن مسار العلاقات المصرية التركية لن ينتقص مع طبيعة العلاقة التكاملية والاستراتيجية بين القاهرة ونيقوسيا».

وحول أهمية التعاون بين مصر وقبرص فى قطاع الغاز، أوضح «قاسم» أن الغاز الطبيعى ينظر إليه على أنه محور للتعاون بين مصر وقبرص، إذ يمثل العمود الفقرى فى العلاقة بينهما، التى تطورت بصورة ملحوظة منذ نوفمبر ٢٠١٤، خاصة أن البلدين من الدول المنتجة للغاز الطبيعى فى شرق المتوسط، علاوة على أنهما من الأعضاء المؤسسين لمنتدى غاز شرق المتوسط. وأضاف: «هذه العوامل تحتم تعزيز التعاون بين البلدين بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، وهو ما ترجمه الاتفاق الموقع بين مصر وقبرص فى ٢٠١٨، الذى يقضى بنقل الغاز الطبيعى من حقل أفروديت القبرصى لمنشآت الإسالة فى مصر بهدف تسييله، ومن ثم نقله إلى أوروبا، علاوة على مشروع الربط الكهربائى بين الطرفين».

واستطرد: «يعمل المشروع على استغلال فائض الكهرباء لدى مصر بهدف نقله لقبرص ثم اليونان ومنها لأوروبا، ما يصب فى رؤية مصر الاستراتيجية فى التحول لمركز إقليمى للطاقة، إذ تبلغ السعة الإنتاجية لمصر من الكهرباء نحو ٥٨ ألف ميجاوات يوميًا، فى حين تستهلك نحو ٣٣ ألف ميجاوات، ما يعنى وجود فائض يصل إلى ٢٥ ألف ميجاوات يسمح بالتصدير».

وشدد «قاسم» على أن التطورات العالمية المرتبطة بالغاز الطبيعى، خاصة فى أعقاب الحرب الروسية- الأوكرانية، ومساعى أوروبا للحد من الاعتماد على الغاز الطبيعى الروسى، زادت من قيمة وأهمية منظمة غاز شرق المتوسط، بعدما باتت أوروبا تنظر للمنطقة على كونها أحد البدائل المستقبلية التى يمكن أن تساعد فى نجاح استراتيجيتها الرامية لاستبدال الغاز الروسى.

وتابع: «على ذلك، يرجح أن تجنى الدول الأعضاء فى منتدى غاز شرق المتوسط- خاصة مصر وإسرائيل وقبرص- ثمارًا اقتصادية وسياسية واستراتيجية كبيرة خلال السنوات الماضية، الأمر الذى يستدعى معه تحييد الخلافات فى شرق المتوسط والتغلب عليها، والعمل على ضخ مزيد من الاستثمارات بهدف تحقيق مزيد من الاكتشافات، فى ظل ما تتمتع به المنطقة من احتياطات كبيرة لم تكتشف بعد، الأمر الذى قد يرفع أسهم الدول المنتجة للغاز داخل المنتدى فى معادلة وميزان الطاقة عالميًا». وأشار إلى توجه مصر الراهن نحو زيادة معدلات التصدير خلال عام ٢٠٢٣ ما يدل على رغبتها فى الدخول بقوة ضمن نادى الدول المصدرة للغاز الطبيعى، بعدما نجحت فى تحقيق عائدات تقدر بنحو ٨.٤ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٢، مقارنة بــ٣.٥ مليار دولار فى ٢٠٢١.

إيمان زهران: تنسيق فى مواجهة التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية 

شددت الدكتورة إيمان زهران، أستاذ العلاقات الدولية، على أن الرئيس القبرصى يدرك طبيعة الدور الحيوى المصرى فى العديد من الملفات المهمة إقليميًا ودوليًا، ولديه رؤية تستهدف تعميق أطر التعاون بين البلدين.

وأضافت أن الزيارة هدفها دراسة ومواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وبحث أثرها على الملفات الحيوية، وفى مقدمتها الطاقة والغذاء، متابعة: «كل هذه التحركات هدفها تعزيز التعاون فى قطاع الطاقة، وهو ما تفرضه مخاوف أوروبا من تعرضها لأزمة طاقة، وحرصها على تأمين مصادر متنوعة لها، فى ظل التوترات القائمة والمتبادلة». وتابعت: «أوروبا قلقة من ملف الطاقة، خاصة بعد فرض العديد من الحزم العقابية على موسكو، فى ظل انتهاجها آلية (عسكرة الطاقة)، كإحدى المناورات النوعية فى الصراع القائم، وهو ما يُعزز من قوة منتدى غاز شرق المتوسط، الذى استضافته مصر مؤخرًا».

وقالت: «القاهرة لديها استراتيجيتها الدولية نحو تنمية وصناعة سوق غاز إقليمية مستدامة، بما يتيح تعظيم الاستفادة من موارد الغاز الكامنة بمنطقة شرق المتوسط، والاحترام الكامل لحقوق أعضائها على مواردهم الطبيعية وفقًا للقانون الدولى. وهو ما يتطلب التنسيق والتعاون الثنائى بين القاهرة وكل الدول أعضاء المنظمة، ومن ضمنها دولة قبرص».

وأشارت إلى أنه منذ رئاسة القاهرة الاتحاد الإفريقى فى ٢٠١٩، تسعى مصر لتشبيك خططها التنموية، مع أجندة الاتحاد، وهو ما انعكس على هيكلة اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، إذ أدرك الكل أن القاهرة هى الرقم الأول فى كل المعادلات التفاعلية لتقاطعها مع كل المناطق الحيوية الجيوسياسية.

وتابعت: «تتقاطع مصالح القاهرة مع منطقة الشرق الأوسط، والقارة الإفريقية، والمنطقة الأورومتوسطية، فضلًا عن عمق علاقتها مع كل الأسواق بالمنطقة العربية، على النحو الذى تفرضه حركة التبادل التجارى، وحجم الصادرات والواردات، ونسب الاستثمار الأجنبى المباشر».

وأضافت: «كل هذه مؤشرات تؤسس لمركزية القاهرة، ليس فقط عبر إدارتها كل الملفات السياسية والأمنية إقليميًا ودوليًا، ولكن عبر نجاحاتها فى إدارة حركة الاقتصاد والتجارة بين مختلف الأقاليم الفرعية العربية والإفريقية والأوروبية».

تاريخ الخبر: 2023-04-05 03:22:42
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

سفيان رحيمي يوقع عقد رعاية مع شركة رياضية عالمية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:32
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

مطالب بتسقيف أثمان أضاحي العيد المستوردة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:43
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 66%

النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:42
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:25
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

سفيان رحيمي يوقع عقد رعاية مع شركة رياضية عالمية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 12:26:09
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية