أسواق السندات لا تزال متقلبة .. لديها أسبابها | صحيفة الاقتصادية


معظم البريطانيين في عمر معين على دراية بحكاية مايكل فيش، عالم أرصاد جوية شرف شاشات تلفازنا لعقود.
أصبح فيش نقطة مرجعية ثقافية معتمدة في تشرين الأول (أكتوبر) 1987 عندما قال، في نشرة تلفزيونية مباشرة عن الطقس، "إن امرأة اتصلت بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تسأل عما إذا كان إعصار ما يقترب من الشواطئ البريطانية الهادئة عموما، وإن كانت ممطرة". طمأن المشاهدين بهدوء أنه "لا وجود لحالة جوية قاسية مثل هذه قادمة". بعد ساعات، ضربت "العاصفة الكبرى" -أقوى عاصفة من نوعها تضرب المنطقة منذ قرون- جنوب شرق إنجلترا، مقتلعة الأشجار وناشرة الدمار.
لا أحد يريد أن يكون مثيل هذا المتنبئ المبالغ في التفاؤل في الأسواق، مستبعدا فرصة وقوع كارثة، خاصة الآن. في آذار (مارس) وحده، ضربت موجات من الضغوط الأنظمة المصرفية في الولايات المتحدة وأوروبا. وانتشرت تحذيرات لاهثة حول احتمال تكرار أزمة 2008 المالية الكبرى في جميع أرجاء الإنترنت الخانقة، لكن تحذيرات من نتائج مروعة محتملة في السوق منتشرة أيضا في الأنحاء العقلانية أكثر، في أبحاث البنوك الاستثمارية.
أشار مايكل ويلسون، أحد المتشائمين البارزين في سوق الأسهم في "مورجان ستانلي"، الأسبوع ما قبل الماضي إلى أن سوق السندات قد احتسبت نحو نقطة مئوية كاملة من خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، بدءا من حزيران (يونيو)، "وهي حصيلة تراجعت قليلا منذ ذلك الحين". وكتب "باختصار، يبدو أن سوق السندات تقول إن الاقتصاد الأمريكي سيقع في حالة ركود، أو إن الضغوط المصرفية بعيدة عن وصولها إلى حل، وستتطلب إجراء صريحا أكثر من الاحتياطي الفيدرالي للتعامل معها (...)نعتقد أن سوق الأسهم هي التالية".
كما أضاف أن "توجيهات الشركات للمستثمرين حول الأرباح المحتملة في الأشهر المقبلة تبدو وردية بمبالغة، وقد تتحول الأسواق قريبا لتعكس تقديرات أقل بكثير.
ربما يتبين أن ويلسون على حق. هو حتما يعكس قلقا منتشرا بين المستثمرين والمحللين من أن الضربة التي لحقت بالبنوك الإقليمية الأمريكية هذا الشهر، التي شوهدت جليا في إفلاس "سيليكون فالي بنك"، تشير إلى تباطؤ في الإقراض المصرفي الذي يشكل تهديدا خطيرا للأصول الخطرة في جميع أنحاء العالم. "توليد الائتمان سيتضرر"، كما يقول بيتر فان دويجويرت، رئيس الحلول متعددة الأصول في "مان سلوشنز"، جزء من مجموعة صناديق التحوط القوية.
من جهة أخرى، يمكننا جميعا إيجاد ثغرات في طبيعة هجوم السوق على "دويتشه بنك" وتوقيته قبل أكثر من أسبوع، لكن لا يزال يستحق أن يؤخذ الأمر على محمل الجد، كما يقول فان دويجويرت. "كان الأمر أشبه بالتدخين في الغابة محاطا بأغصان جافة". بالأحرى هو مثير للقلق، لكن أن نتوقع أن تواجه البنوك عموما تحديات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة السريع ليس أمرا غير معقول، إذ لم تخضع البنوك لاختبارات ضغط. ويضيف "إذا أردت أن أشن غارة تشاؤمية على شركة أبل، فلن تنجح، لكن إذا سعيت خلف البنوك، فمن السهل إحداث ضوضاء كافية".
كل هذا يجعل أسعار السندات تعكس الانكماشات المحتملة في معدلات الإقراض والمساعدة النقدية الصريحة من "الفيدرالي"، وفقا لفان دويجويرت، في حين تصفق الأسهم "بجوار المقبرة" مطمئنة البال دون إدراكها خطورة الوضع. مضيفا أن "هناك مستثمرين في سوق أو أخرى حتما أساءوا تقدير الوضع".
أجاي راجادهياكشا، الرئيس العالمي للأبحاث في "باركليز"، واضح بشأن السوق البعيدة عن الواقع: السندات. يقول "تستطيع الأسواق التركيز على شيء براق واحد فقط في كل مرة، والآن ما تركز عليه هو البنوك، البنوك، البنوك". يرى أن الأسواق ببساطة متوترة جدا و"سوق السندات فيها خطب ما".
قبل بضعة أسابيع فقط، تحول مزاج السوق السائد من "هبوط حاد قادم" في الاقتصاد الأمريكي إلى "هبوط سلس"، "تجنب الانكماش والركود"، إلى "لا هبوط"، وبعدها، بفضل ظروف محددة للغاية في "سيليكون فالي"، الذي أغلقته السلطات التنظيمية في 10 آذار (مارس)، عادت إلى الهبوط الحاد مرة أخرى. في وقت سابق من هذا العام، يقول راجادهياكشا "كنا جميعا نتساءل لماذا لم يكن رفع أسعار الفائدة مجديا" في إبطاء الاقتصاد الأمريكي المحموم، ولا سيما بالنظر إلى التدفق المستمر الظاهر من المفاجآت الإيجابية في بيانات الوظائف. "ثم أتى 9 مارس وحدث تغيير كامل في الحكاية (...)لا نعتقد أن العالم قد تغير بقدر ما توحي سوق السندات"، كما أخبرني. "هذا مطب، وليس جدارا من الطوب".
يتوقع "باركليز" أن يؤيد "الفيدرالي" رفع أسعار الفائدة مقدار ربع نقطة أخرى في أيار (مايو)، ويقول مارك جيانوني، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في البنك، "إنه لن يفاجأ برؤية زيادات أخرى بعدها". قال البنك في مذكرة "هذا أيضا سيمر. المخاوف من أزمة مصرفية مؤثرة في النظام مبالغ فيها". "لكن آثار رفع أسعار الفائدة وتشديد شروط الائتمان ستبطئ النمو في النصف الثاني، مع دخول الولايات المتحدة إلى الركود. لا السندات ولا الأسهم جذابة عند مستوياتهما الحالية".
لذلك، نحن عالقون قليلا حتى نجمع معلومات كافية في اتجاه أو آخر، ومن المرجح أن تظل الأسواق متقلبة. "هذه الهشاشة تمثل مشكلة كبيرة"، حسبما قال فان دويجويرت.
يقول جيمي تشانج، كبير مسؤولي الاستثمار في مكتب روكفلر جلوبال فاميلي، "إن الطريقة الوحيدة المعقولة للتعامل مع الاستثمار الآن هي التحلي بالصبر والانتقائية والدفاعية". وهذا يعني تقدير الاستثمارات ذات الجودة ومقاومة قوى "فومو"، أي الخوف من إهدار الفرصة.
يقول "في مكان ما في النظام المالي، ستحدث بعض الحوادث. ستكون هناك أوقات أخرى للإقدام على مخاطر أكثر".

تاريخ الخبر: 2023-04-05 06:23:30
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 42%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية