الأزمة في السودان: هل يمكن للخلافات بين البرهان وحميدتي أن تتطور إلى مواجهة مسلحة؟

  • الحارث الحباشنة
  • بي بي سي نيوز عربي

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

خرج السودانيون بتظاهرات بمناسبة حلول الذكرى الرابعة للإطاحة بحكم بالبشير ، وسط حالة عدم توافق سياسي وعسكري يشهدها السودان - الصورة من تظاهرات السادس من أبريل نيسان 2023

فوتت الأطراف السياسية السودانية والمجلس العسكري الحاكم الموعد النهائي لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية وسط خلافات بشأن الإصلاحات الأمنية وقضايا أخرى.

ووفقا للجدول الزمني المتوافق عليه، قد كان من المفترض الإعلان عن رئيس وزراء جديد ومناصب أخرى يوم الثلاثاء، 11 أبريل/نيسان 2023، إلا أن الموعد النهائي قد انقضى بعد أن فشل الطرفان في التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي تم الإعلان عنه في الخامس من ديسمبر/ كانون أول الماضي مرتين، بسبب الخلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وشهدت الأسابيع الماضية انقسامات بين نائب الرئيس السوداني - قائد قوات الدعم السريع اللواء حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي - وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مما أثار مخاوف من وقوع مواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع.

مخاوف من مواجهات عسكرية

وتداولت وسائل إعلام سودانية أن قوات الدعم السريع قامت بنقل مركبات من مناطق حدودية إلى العاصمة الخرطوم، وأظهرت تغريدات لصحفيين سودانيين صوراً لآليات عسكرية وهي تُنقل.

ونقلت صحيفة سودان تريبيون عن مسؤول في قوات الدعم السريع لم تسمه أن المركبات كانت متمركزة في محلية الزُرق على الحدود مع ليبيا وكانت في طريقها إلى الخرطوم "كجزء من خطط قوات الدعم السريع لنشر قواتها في المدينة".

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • السودان: ما العقبات التي تقف أمام توقيع اتفاق نهائي لنقل السلطة؟
  • مظاهرات السودان: دعوات إلى احتجاجات جديدة للمطالبة بإنجاز التحول الديمقراطي
  • البرنامج النووي الإيراني: إسرائيل قد تضطر إلى التعايش مع طهران مسلحة نوويا - التايمز
  • عبد الفتاح البرهان يتعهد بإدراج الجيش تحت قيادة حكومة مدنية جديدة في السودان

قصص مقترحة نهاية

قال مسؤول في قوات الدّعم السريع، إن قائد القوات حميدتي قرر نقل مدرعات حربية من ولاية شمال دارفور إلى الخرطوم تحسباً لأي طارئ.

وحشد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة قواتهما في العاصمة الخرطوم.

تطورات الاتفاق السياسي

وقال رئيس تحرير صحيفة التيار السوداني، عثمان ميرغني، إن اللجنتين الفنيتين للجيش والدعم السريع، لم تتفقا على شيء حتى مساء الاثنين، وأكد في حديثه لبي بي سي، أن عدم الاتفاق بين المكونين العسكريين، أدى إلى تعطل كامل العملية السياسية.

ويعد تعثر الاتفاق على دمج قوات الدعم السريع والمدى الزمني أبرز نقاط الخلاف بين الجيش والدعم السريع، إذ يطالب الجيش بمدى زمني محدد لا يتجاوز فترة الانتقال لعملية الدمج وفق جداول زمنية واضحة، في حين تطالب قوات الدعم السريع بفترة زمنية للانتقال تصل إلى عشر سنوات.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

قادة الجيش السوداني ومجموعات مدنية وقعوا في الخرطوم اتفاقاً إطارياً لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد في الخامس من ديسمبر كانون الأول 2022

وتوجد قضايا خلافية أخرى، مثل وضعية قيادة القوات والتجنيد لقوات الدعم السريع، وأيضا إصلاح الجيش وإبعاد أنصار النظام السابق عنه، ولم يكن مفاجئا عدم توافق الشركاء العسكريين في الجيش والدعم السريع، خاصة بعد زيادة حدة التوتر والتصريحات المتبادلة بين قادة الجيش وقادة الدعم السريع خلال الشهرين الماضيين.

"الدمج فجر نقاطاً أخرى"

وبين ميرغني أن الخلافات بين فئات المكون المدني، نُقلت إلى المكون العسكري، وأثرت سلباً على مواقفه الموحدة، وتشهد المؤسسة العسكرية في السودان حالة من "استقطاب المواقف"، إذ تسعى القوتان العسكريتان إلى "دعم بعض الأطراف في المكون المدني التي تتفق معها سياسياً".

وأوضح ميرغني أن قضية الدمج كانت هي النقطة الرئيسة في الخلاف، إلا أنها فجرت نقاطاً خلافية أخرى بين العسكريين، واستدرك بالقول إن الخلاف بين العسكريين بات خلافاً على التقديرات السياسية.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع حاربت جنباً إلى جنب في العديد من العمليات العسكرية

وقال ميرغني: "الجيش السوداني يريد توسيع قاعدة الموقعين على الصيغة النهائية للاتفاق الإطاري بدعم من الكتلة الديمقراطية، وهو ما ترفضه قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي بدعم من قوات الدعم السريع".

"جهود أممية إقليمية في الكواليس"

وفي أحدث المتابعات الدولية للأزمة السياسية في السودان، تلقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وبحسب بيان للمكتب الإعلامي للبرهان، أكد بلينكن دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية في السودان، ووعد بمساعدة بلاده في تذليل العقبات التي تقف في طريقها.

وتربط البرهان وحميدتي علاقات قوية مع الجارة الشمالية مصر، إلا أن "الآمال بالضغط عليهما تبدو ضعيفة"، وبرر ميرغني ذلك بأن القضايا الخلافية بين العسكريين، أصبحت "خارج قدرة" أي وساطة لحلها.

  • إسرائيل تقول إنها "ستوقع اتفاق سلام مع السودان في واشنطن خلال أشهر"

وقال ميرغني إن الوساطات المصرية والمجموعة الربُاعية الدولية والاتحاد الأوروبي "لم تتوقف يوما واحداً في الكواليس"، مؤكداً أن "هناك لقاءات للقادة العسكريين والمدنيين مع سفراء دول مؤثرة في السودان".

وأعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، مطلع الأسبوع الجاري، عن قلقه إزاء الوضع المتوتر الحالي في السودان، داعيا جميع الأطراف إلى التهدئة والامتناع عن العنف.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك

مآلات عدم الاتفاق

واستعرض رئيس تحرير صحيفة التيار السوداني، الكاتب الصحفي عثمان ميرغني، لبي بي سي، مجموعة من السيناريوهات المتوقعة إذا تعثر توقيع الاتفاق الإطاري، بسبب الخلافات بين المكونين العسكريين.

وأشار الكاتب السوداني إلى أن السيناريو الأقرب هو تمديد عُمر السلطة العسكرية إلى أجل غير محدود، وهو ما يعني "بالضرورة أن تلجأ السلطة العسكرية إلى خيار غير الاتفاق السياسي، وهو الانتخابات المُبكرة".

وأكد أن خيار "الانتخابات المُبكرة أصبح شاخصاً بقوة في السودان"، مضيفاً أن المجتمع الدولي قد يدعم هذا الخيار للوصول إلى حل سريع في السودان.

وحول السيناريوهات الأخرى، بين ميرغني، أن الحل قد يكمُن في انتصار أحد الطرفين سياسياً، "فإما أن يتم توسيع قاعدة القوى الموقعة على الاتفاق السياسي -وهو ما يدعمه الجيش- أو أن يتم الإكتفاء بالقوى الحالية -وهو ما تدعمه قوات الدعم السريع"، إلا أن ميرغني قال إن هذه سيناريوهات بعيدة التحقيق.

تدهور أمني في دارفور

في دارفور بغرب السودان توسعت دائرة العنف خلال اليومين الماضيين؛ إذ هاجم مسلحون عددا من المناطق، لدوافع عرقية، وهو ما أسفر عن مقتل عدد من السكان وتشريد بعضهم. وأعلنت ولاية غرب دارفور حالة الطوارئ لمدة شهر.

وأعلن القرار حاكم الولاية خميس عبد الله أبكر، على خلفية الأحداث الأخيرة وحظر التجوال الليلي في جميع أنحاء الولاية لمدة أسبوعين، وغالبا ما تندلع الاشتباكات بسبب الخلافات حول الأرض والحصول على المياه والمراعي.

وشهد إقليم دارفور منذ أيام هجمات على ضباط في الجيش وقوات أمنية، أدت إلى مقتل ضابط في الجيش وآخر في الشرطة وثالث في الدعم السريع واعتداء على مركبات عسكرية.

  • حميدتي وحرب المرتزقة الضارية من أجل الذهب في السودان

وتعليقاً على هذا الأمر، قال حميدتي، إن حوادث مقتل عدد من العسكريين مؤخراً بإقليم دارفور، دليل على الفوضى التي تستوجب الحسم من الأجهزة المختصة التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها.

التعليق على الصورة،

خارطة لولايات إقليم دارفور

وتهدد التطورات المتسارعة في الإقليم، سكانه بعودتهم إلى أتون حرب، تشبه تلك التي عصفت بهم قبل نحو عقدين من الزمان وخلفت آلاف القتلى ولجوء مئات الآلاف إلى دول مجاورة ونزوح ملايين.

احتجاجات في ذكرى الإطاحة بالبشير

وينظم النشطاء السودانيون احتجاجات مناهضة للجيش في 11 أبريل/نيسان لإحياء الذكرى الرابعة للإطاحة بالرئيس عمر البشير.

و أطاح الجيش بالبشير في 11 أبريل/نيسان 2019 بعد انتفاضة شعبية ضد حكمه الذي دام ثلاثة عقود.

  • السودان: مخاوف من عودة الموالين للبشير وحزب المؤتمر الوطني

وفي بيان صدر في 10 أبريل/نيسان، قال نشطاء مؤيدون للديمقراطية إنهم "سيغلقون الشوارع الرئيسية في جميع أحياء ولاية الخرطوم بالكامل" كجزء من "خطوة تصعيدية" لإجبار الحكومة التي يقودها الجيش على التنحي.

ويعارض النشطاء أيضاً اتفاقاً إطارياً تم توقيعه بين الجيش وبعض الجماعات المؤيدة للديمقراطية في ديسمبر/كانون أول 2022، قائلين إن الصفقة تهدف إلى منح قادة الجيش حصانة من الملاحقة القضائية.